موسوعة الآداب الشرعية

حادي عشرَ: وضعُ اليدِ اليُمْنى على اليدِ اليُسْرى حالَ القيامِ


يُسَنُّ وضعُ اليُمنى على اليُسرى في القيامِ في جميعِ ركعاتِ الصَّلاةِ [623] وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّةِ، والشَّافعيَّةِ، والحنابلةِ، وقولٌ للمالكيَّةِ. يُنظر: ((البناية)) للعيني (2/180)، ((المجموع)) للنووي (3/311)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/333)، ((البيان والتحصيل)) لابن رُشد الجد (18/72). قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (لم تختلِفِ الآثارُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا البابِ، ولا أعلَمُ عن أحدٍ مِن الصَّحابةِ في ذلك خِلافًا، إلَّا شيءٌ رُويَ عن ابنِ الزُّبَيرِ أنَّه كان يُرسِلُ يديه إذا صلَّى، وقد رُويَ عنه خِلافُه مما قدَّمْنا ذِكرَه عنه، وذلك قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وضعُ اليمينِ على الشِّمالِ مِن السُّنَّةِ"، وعلى هذا جمهورُ التَّابِعينَ، وأكثرُ فُقهاءِ المسلمينَ مِن أهلِ الرَّأيِ). ((التمهيد)) (20/74). وقال أيضًا: (قال سُفْيانُ الثَّوْريُّ وأبو حنيفةَ والشَّافِعيُّ، وأصحابُهم، والحسنُ بنُ صالحٍ، وأحمدُ بنُ حَنبلٍ، وإسحاقُ، وأبو ثَورٍ، وأبو عُبَيدٍ، وداودُ بنُ عليٍّ، والطَّبَريُّ: يضَعُ المصلِّي يمينَه على شِمالِه في الفريضةِ والنَّافلةِ، وقالوا كلُّهم: وذلك سُنَّةٌ مَسنونةٌ، قال الشَّافعيُّ: عندَ الصَّدرِ، ورُويَ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ أنَّه وَضَعَهما على صَدرِه). ((التمهيد)) (20/75). وقال ابنُ قُدامةَ: (أمَّا وضعُ اليُمنى على اليُسرى في الصَّلاةِ فمِن سُنَّتِها في قولِ كثيرٍ مِن أهلِ العلمِ، يُروى ذلك عن عليٍّ، وأبي هُرَيرةَ، والنَّخَعيِّ، وأبي مِجْلَزٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيرٍ، والثَّوْريِّ، والشَّافعيِّ، وأصحابِ الرَّأيِ، وحكاه ابنُ المُنذِرِ عن مالكٍ، وظاهرُ مذهبِه الَّذي عليه أصحابُه إرسالُ اليدين، ورُويَ ذلك عن ابنِ الزُّبَيرِ، والحسنِ). ((المغني)) (1/341). وقال النَّوويُّ: (في مذاهبِ العلماءِ في وضعِ اليُمنى على اليُسْرى: قد ذكَرْنا أنَّ مذهبَنا: أنَّه سُنَّةٌ، وبه قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وأبو هُرَيرةَ، وعائشةُ، وآخَرونَ مِن الصَّحابةِ رضيَ الله عنهم، وسعيدُ بنُ جُبَيرٍ، والنَّخَعيُّ، وأبو مِجْلَزٍ، وآخَرونَ مِن التَّابِعينَ، وسُفْيانُ الثَّوْريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُه، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَورٍ، وداودُ، وجمهورُ العُلماءِ. قال التِّرمذيُّ: والعمَلُ على هذا عندَ أهلِ العِلْمِ مِن الصَّحابةِ والتَّابعينَ ومَن بَعْدَهم). ((المجموع)) (3/311). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ
عن سَهلِ بنِ سعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اليَدَ اليُمْنَى علَى ذِرَاعِهِ اليُسْرَى في الصَّلَاةِ قَالَ أبو حَازِمٍ لا أعْلَمُهُ إلَّا يَنْمِي ذلكَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)) [624] أخرجه البخاري (740). .
ونقَل التِّرمذيُّ عمَلَ أهلِ العِلمِ على ذلك [625] قال التِّرمذيُّ: (عليه العملُ عندَ أهلِ العلمِ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والتَّابِعينَ ومَن بَعْدَهم). ((سنن الترمذي)) (2/33). .
فوائدُ:
1-  عن أحمدَ بنِ يحيى بنِ حيَّانَ الرَّقِّيِّ، قال: (سُئِل أبو عبدِ الله أحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ حَنبلٍ وأنا حاضرٌ: ما معنَى وضعِ اليمينِ على الشِّمالِ في الصَّلاةِ؟ فقال: ذُلٌّ بيْن يدَيْ عزٍّ) [626] ((طبقات الحنابلة)) لابن أبي يعلى (1/ 84). وقال ابن حجر: (قال العُلماءُ: الحِكمةُ في هذه الهيئةِ أنَّه صفةُ السَّائلِ الذَّليلِ، وهو أمنَعُ مِن العبَثِ، وأقرَبُ إلى الخُشوعِ... ومِنَ اللَّطائفِ قولُ بعضِهم: القلبُ موضعُ النِّيَّةِ، والعادةُ أنَّ مَنِ احترَز على حفظِ شيءٍ جعَل يديه عليه). ((فتح الباري)) (2/ 224). .
2- المصلِّي مخيَّرٌ في الموضعِ الَّذي يضَعُ يدَيْه عليه حالَ القيامِ في الصَّلاةِ، فيضَعُهما على الصَّدرِ أو فوقَ السُّرَّةِ تحتَ الصَّدرِ، أو تحتَ السُّرَّةِ، والأمرُ في ذلك واسعٌ [627] وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ، وبه قال الأوزاعيُّ، ونسَبه التِّرمذيُّ إلى أهلِ العِلمِ مِن الصَّحابةِ والتَّابعين ومَن بَعْدَهم، وذهَب إلى ذلك ابنُ المُنذِرِ؛ يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/ 341)، ((نيل الأوطار)) (2/211). ((سنن الترمذي)) (1/338). ((الأوسط)) لابن المنذر (3/94). ، وذلك لعدمِ ثُبوتِ حديثٍ في موضعِ اليدينِ حالَ القيامِ في الصَّلاةِ [628] ((الأوسط)) لابن المنذر (3/94)، ((المجموع)) للنووي (3/313). يُنظرُ بيانُ ذلك في: ((الموسوعة الفقهيَّة بموقع الدُّرر السَّنيَّة)) https://dorar.net/feqhia .

انظر أيضا: