تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
- عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: انصُرْ أخاك ظالِمًا أو مظلومًا، فقال رجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، أنصُرُه إذا كان مظلومًا، أفرأيتَ إذا كان ظالمًا كيف أنصُرُه؟ قال: تحجُزُه أو تمنَعُه من الظُّلمِ؛ فإنَّ ذلك نَصرُه)) [9048] رواه البخاري (6952). . قال العَلائيُّ: (هذا من بليغِ الكلامِ الذي لم يُنسَجْ على مِنوالِه، و"أو" للتَّنويعِ والتَّقسيمِ، وسُمِّيَ رَدُّ المظالِمِ نَصرًا؛ لأنَّ النَّصرَ هو العَونُ، ومَنعُ الظَّالمِ عَونٌ له على مصلحتِه، والظَّالمُ مقهورٌ مع نفسِه الأمَّارةِ، وهي في تلك الحالةِ عاتيةٌ عليه، فرَدُّه عونٌ له على قَهرِها، ونُصرةٌ له عليها) [9049] ((فيض القدير)) للمناوي (5/805). . - وقد رواه جابِرُ بنُ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنه أيضًا بلفظِ: ((ولْينصُرِ الرَّجُلُ أخاه ظالمًا أو مظلومًا، إن كان ظالِمًا فلْيَنْهَه فإنَّه له نَصرٌ، وإن كان مظلومًا فلْيَنصُرْه)) [9050] رواه مسلم (2584). . قال البَيهقيُّ: (معنى هذا: أنَّ الظَّالمَ مظلومٌ من جِهَتِه، كما قال اللَّهُ عزَّ وجَلَّ: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ[النساء: 110] ، فكما ينبغي أن يُنصَرَ المظلومُ -إذا كان غيرَ نَفسِ الظَّالمِ ليَدفَعَ الظُّلمَ عنه- كذلك ينبغي أن يُنصَرَ إذا كان نفسَ الظَّالمِ؛ ليدفَعَ ظُلمَه عن نفسِه) [9051] ((شعب الإيمان)) (10/84). . وقال ابنُ بطَّالٍ: (النَّصرُ عِندَ العَرَبِ الإعانةُ، وتفسيرُه لنصرِ الظَّالمِ بمَنْعِه من الظُّلمِ: من تسميةِ الشَّيءِ بما يَؤولُ إليه، وهو من وجيزِ البلاغةِ) [9052] ((فتح الباري)) لابن حجر (7/350). . - وعن البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((وأَمَرَنا بسَبعٍ: بعيادةِ المريضِ، واتِّباعِ الجنائِزِ، وتَشميتِ العاطِسِ، ورَدِّ السَّلامِ، وإجابةِ الدَّاعي، وإبرارِ المُقسِمِ، ونَصرِ المظلومِ)) [9053] رواه البخاري (5863) واللفظ له، ومسلم (2066). . - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُسلِمُ أخو المُسلِمِ لا يَظلِمُه ولا يُسلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه، ومَن فَرَّج عن مُسلِمٍ كُربةً فَرَّج اللهُ عنه كُربةً مِن كُرُباتِ يومِ القيامةِ، ومَن ستَر مُسلِمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامةِ)) [9054] رواه البخاري (2442) واللفظ له، ومسلم (2580). . قال الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ: (قولُه: "لا يَظلِمُه" هو خبَرٌ بمعنى الأمرِ؛ فإنَّ ظُلمَ المُسلِمِ للمُسلِمِ حرامٌ، وقولُه: "ولا يُسلِمُه" أي: لا يَترُكُه مع من يؤذيه، ولا فيما يؤذيه، بل ينصُرُه، ويدفَعُ عنه، وهذا أخَصُّ مِن تَركِ الظُّلمِ) [9055] ((فتح الباري)) (5/97). . - وعن جابِرٍ رَضِيَ الله عنه قال: ((لَمَّا رَجَعَتْ إلى رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُهاجِرةُ البَحرِ، قال: ألَا تُحَدِّثوني بأعاجيبِ ما رأيتُم بأرضِ الحَبَشةِ؟ قال فِتيةٌ منهم: بلى يا رَسولَ اللهِ، بَينا نَحنُ جُلوسٌ مَرَّت بنا عَجوزٌ من عَجائِزِ رَهابينِهم [9056] أي: عُبَّادُ النَّصارى. يُنظَر: ((مرشد ذوي الحجا والحاجة)) للهرري (24/ 153). والرَّاهِبُ: المتعَبِّدُ في الصَّومعةِ، واحِدُ رُهبانِ النَّصارى، جمعُه الرُّهبانُ، والرُّهبانُ قد يكونُ واحِدًا كما يكونُ جمعًا، ويجمَعُ الرُّهبانُ الواحِدُ على رهابينَ ورَهابِنةٌ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (2/ 540). تَحمِلُ على رَأسِها قُلَّةً من ماءٍ، فمَرَّت بفَتًى منهم فجَعَلُ إحدى يَدَيه بينَ كَتِفَيها ثُمَّ دَفَعَها فخرَّت على رُكبَتَيها فانكَسَرَت قُلَّتُها! فلَمَّا ارتَفَعَتِ التفَتتْ إليه فقالت: سَوفَ تَعلمُ يا غُدَرُ [9057] غُدَرُ: معدولٌ عن غادِرٍ للمبالغةِ. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (3/ 345). إذا وَضَعَ اللهُ الكُرسيَّ وجَمعَ الأوَّلينَ والآخِرينَ وتَكَلَّمتِ الأيدي والأرجُلُ بما كانوا يَكسِبونَ، فسَوفَ تَعَلمُ كيفَ أمري وأمرُك عِندَه غَدًا؟! قال: يَقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صَدَقَت صَدَقَت! كيفَ يُقَدِّسُ اللهُ أمَّةً لا يُؤخَذُ لضَعيفِهم من شَديدِهم؟!)) [9058] رواه ابنُ ماجه (4010) واللفظ له، وأبو يعلى (2003)، وابن حبان (5058). صحَّحه ابن حبان، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (4010)، وقوَّاه بشواهده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5058)، وحسَّن إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (2/298). . قال السِّنديُّ: («يُقَدِّسُ اللَّهُ» أي: يُطَهِّرُهم من الدَّنَسِ والآثامِ) [9059] ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (2/486). . وقال المُناويُّ: (استخبارٌ فيه إنكارٌ وتعجُّبٌ، أي: أخبِروني كيف يُطَهِّرُ اللَّهُ قومًا لا ينصُرون العاجِزَ الضَّعيفَ على الظَّالمِ القَويِّ، مع تمكُّنِهم من ذلك؟ أي: لا يُطَهِّرُهم اللَّهُ أبدًا) [9060] ((فيض القدير)) (5/59). . - عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: (قال المِقدادُ يومَ بَدرٍ: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّا لا نقوُل لك كما قالت بنو إسرائيلَ لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ[المائدة: 24] ، ولكِنِ امضِ ونحن معك! فكأنَّه سُرِّيَ عن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [9061] أخرجه البخاري (4609). . وفي روايةٍ: (لا نقولُ كما قال قومُ موسى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا ولكِنَّا نقاتِلُ عن يمينِك وعن شِمالِك وبينَ يَدَيك وخَلْفَك) [9062] البخاري (3952). .