موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- مِنَ السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه ((أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَرَّ على صُبْرةِ [5155] الصُّبرةُ: ما جُمِع من الطَّعامِ بلا كيلٍ ولا وزنٍ بعضُه فوقَ بعضٍ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/441). طعامٍ، فأدخَل يَدَه فيها، فنالت أصابِعُه بللًا، فقال: ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ قال: أصابته السَّماءُ يا رسولَ اللهِ، قال: أفلا جعَلْتَه فوقَ الطَّعامِ؛ كي يراه النَّاسُ، من غَشَّ فليس منِّي)) [5156] رواه مسلم (102). .
قال الخطَّابيُّ: (معناه: ليس على سيرَتِنا ومَذهَبِنا، يريدُ أنَّ مَن غَشَّ أخاه وتَرَك مناصحَتَه، فإنَّه قد تَرَك اتِّباعي والتَّمَسُّكَ بسُنَّتي) [5157] ((معالم السنن)) (3/118). .
(والحديثُ دليلٌ على تحريمِ الغِشِّ، وهو مجمَعٌ عليه) [5158] ((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) (9/231). ويُنظَر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/75). .
- عن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن غَشَّنا فليس مِنَّا)) [5159] أخرجه ابن حبان (5559)، والطبراني (10/169) (10234)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (4/189). صحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (6408)، وحَسَّن إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5559). .
- وعن مَعقِلِ بنِ يَسارٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ما مِن عبدٍ يسترعيه اللَّهُ رعيَّةً، يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ لرعيَّتِه، إلَّا حَرَّم اللَّهُ عليه الجنَّةَ)) [5160] رواه البخاري (7150)، ومسلم (142) واللفظ له. .
قال القاضي عِياضٌ: (معناه بَيِّنٌ في التَّحذيرِ مِن غِشِّ المُسلِمين لمَن قلَّده اللَّهُ شيئًا من أمرِهم، واسترعاه عليهم، ونَصَبه خليفةً لمصلحتِهم، وجعَله واسِطةً بينه وبَيْنَهم في تدبيرِ أمورِهم في دينِهم ودُنياهم) [5161] ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) (1/ 446). .
وقال المُناويُّ: (وأفاد التَّحذيرَ مِن غِشِّ الرَّعيَّةِ لِمن قُلِّد شيئًا من أمرِهم؛ فإذا لم ينصَحْ فيما قُلِّد، أو أهمل فلم يَقُمْ بإقامةِ الحُدودِ، واستخلاصِ الحُقوقِ، وحمايةِ البَيضةِ، ومجاهَدةِ العَدُوِّ، وحِفظِ الشَّريعةِ، ورَدِّ المبتَدِعةِ والخوارِجِ؛ فهو داخِلٌ في هذا الوعيدِ الشَّديدِ المفيدِ لكَونِ ذلك من أكبَرِ الكبائِرِ المُبعِدةِ عن الجنَّةِ، وأفاد بقولِه: «يومَ يموتُ» أنَّ التَّوبةَ قَبلَ حالةِ الموتِ مُفيدةٌ) [5162] ((فيض القدير)) (5/488). ويُنظَر: ((شرح النووي على مسلم)) (2/166). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (فيه التَّحذيرُ مِن غِشِّ الرَّعيَّةِ، وأنَّه ما من عبدٍ يسترعيه اللَّهُ على رعيَّتِه، ثمَّ يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌّ لرعيَّتِه، إلَّا حرَّم اللَّهُ عليه الجنَّةَ، وأنَّه إذا لم يَحُطْهم بنصيحتِه فإنَّه لا يدخُلُ معهم الجنَّةَ) [5163] ((شرح رياض الصالحين)) (3/631). .
- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن اشترى شاةً مُصَرَّاةً [5164] المصَرَّاةُ: النَّاقةُ أو البقرةُ أو الشَّاةُ يُصَرَّى اللَّبنُ في ضَرعِها: أي يُجمَعُ ويُحبَسُ. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (3/27). فهو بالخيارِ ثلاثةَ أيَّامٍ، فإنْ رَدَّها رَدَّ معها صاعًا من طعامٍ، لا سَمراءَ [5165] لا سَمراءَ: أي: لا حِنطةَ. يُنظَر: ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (3/ 425). ) [5166] رواه مسلم (1524). .
قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (وهذا الحديثُ أصلٌ في النَّهيِ عن الغِشِّ، وأصلٌ فيمن دُلِّسَ عليه بعَيبٍ، أو وَجَد عيبًا بما ابتاعه، أنَّه بالخِيارِ في الاستِمساكِ أو الرَّدِّ) [5167] ((التمهيد)) (18/205). .
وقال الأميرُ الصَّنعانيُّ: (الحديثُ أصلٌ في النَّهيِ عن الغِشِّ، وفي ثبوتِ الخِيارِ لِمن دُلِّسَ عليه) [5168] ((سبل السلام)) (2/38). .

انظر أيضا: