المَبحثُ الثاني: أقوالُ السَّلَفِ في أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ
1- كان عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه يقولُ لأصحابِه: (هَلُمُّوا نزداد إيمانًا)
[308] أخرجه ابن أبي شيبة (31003) باختلاف يسير، والخلال في ((السنة)) (1584)، والآجري في ((الشريعة)) (217) واللفظ لهما. ، وفي لفظ: (تعالَوا نزداد إيمانًا)
[309] أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (37) .
2- قال
عبدُ الله بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (اجلِسوا بنا نزدادُ إيمانًا)
[310] أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (45). . وكان يقولُ في دعائه: (اللَّهُمَّ زِدْني إيمانًا ويقينًا وفِقهًا)
[311] أخرجه الطبراني (9/109) (8549)، والآجري في ((الشريعة)) (218) واللَّفظُ له، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (46). صحح إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (1/63)، وجَوَّده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/188). .
3- وعن جُندَبِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (كُنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن فِتيانٌ حَزاوِرَةٌ، فتعَلَّمْنا الإيمانَ قَبْلَ أن نتعَلَّمَ القُرآنَ؛ فازدَدْنا به إيمانًا)
[312] أخرجه ابن ماجه (61) واللفظ له، والطبراني (2/165) (1678)، والبيهقي (5498) صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (61)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (285)، وصحَّح إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (1/50)، ووثَّق رجاله شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سير أعلام النبلاء)) (3/175). .
4- وعن عُمَيرِ بن ِحَبيبٍ الخَطميِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (الإيمانُ يَزيدُ ويَنقُصُ، فقيل: وما زيادتُه ونُقصانُه؟ قال: إذا ذكَرْنا اللهَ عزَّ وجَلَّ وحَمِدْناه وسَبَّحْناه، فذلك زيادتُه، وإذا غفَلْنا وضَيَّعْنا ونَسِينا، فذلك نُقصانُه)
[313] أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (624)، وابن أبي شيبة (30963)، والآجري في ((الشريعة)) (216) واللفظ له. قال ابنُ تيميَّةَ في ((مجموع الفتاوى)) (7/224): مشهورٌ. .
5- وعن عَلْقَمةَ بنِ قَيسٍ النَّخَعيِّ أنَّه كان يقولُ لأصحابِه: (امشُوا بنا نزدادُ إيمانًا)
[314] أخرجه ابن أبي شيبة (30999)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (2/99)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (57). .
6- وكَتَبَ
عُمَرُ بنُ عَبدِ العزيزِ إلى عَدِيِّ بنِ عَدِيٍّ: (إنَّ للإيمانِ فرائِضَ وشرائِعَ وحُدودًا وسُنَنًا، فمن استكمَلَها استكمَلَ الإيمانَ، ومن لم يستكمِلْها لم يستكمِلِ الإيمانَ)
[315] أخرجه البخاري مُعلَّقًا بصيغة الجزمِ قبل حديث (8) واللفظ له، وأخرجه موصولًا ابنُ أبي شيبة (31084)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (59). صحَّح إسناده ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (2/440). .
وقال
ابنُ حجر مُبَيِّنًا سبب ذِكْرِ
البخاريِّ له: (الغَرَضُ من هذا الأثَرِ أنَّ
عُمَرَ بنَ عبد العزيز كان ممَّن يقولُ بأنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ؛ حيث قال: استكمَلَ ولم يَستكمِلْ)
[316] يُنظر: ((فتح الباري)) (1/47). .
7- وقال
الأوزاعيُّ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ، فمَن زَعَم أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ولا يَنقُصُ، فاحذروه؛ فإنَّه مُبتَدِعٌ)
[317] أخرجه الآجري في ((الشريعة)) (245) واللالكائي في ((شرح أصول الاعتقاد)) (1739). .
وسُئِلَ عن الإيمانِ: أيزيدُ؟ قال: نعَمْ، حتى يكونَ كالجِبالِ. قيل: فيَنقُصُ؟ قال: نعَمْ، حتى لا يبقى منه شيءٌ
[318] أخرجه اللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (1740). .
8- وقال
سُفيانُ الثوريُّ: (الإيمانُ يَزيدُ ويَنقُصُ)
[319] أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (604)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1149). .
9- عن الوَليدِ بنِ مُسلمٍ قال: سَمِعتُ
أبا عَمرٍو يعني
الأوزاعيَّ و
مالِكًا وسعيدَ بنَ عبدِ العزيزِ يقولون: (ليس للإيمانِ مُنتهًى، هو في زيادة أبدًا)
[320] أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (687)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1259). .
10- وقال
عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، والإيمانُ يتفاضَلُ)
[321] أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (631)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1112)، واللالكائي في ((شرح أصول الاعتقاد)) (1748). .
قال
ابنُ تيميَّةَ: (بعضُهم أي: السَّلَفِ عَدَل عن لفظِ الزِّيادةِ والنُّقصانِ إلى لفظ التفاضُلِ. فقال: أقولُ: الإيمانُ يتفاضَلُ ويتفاوَتُ، ويُروى هذا عن
ابنِ المبارَكِ، وكان مقصودُه الإعراضَ عن لفظٍ وقع فيه النزاعُ إلى معنًى لا ريبَ في ثُبوتِه)
[322] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (7/506). .
وقال عبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ: (أنا أقولُ: الإيمانُ يتفاضَلُ، وكان
الأوزاعيُّ يقولُ: ليس هذا زمانَ تعَلُّمٍ، هذا زمانُ تمَسُّكٍ)
[323] أخرجه عبدالله بن أحمد في ((السنة)) (688)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (2/848). . وما من شيءٍ يتفاضَلُ إلَّا ويَزيدُ ويَنقُصُ؛ قال ابنُ هانئٍ في مسائله: (سمعتُ أبا عبدِ اللهِ سأل ابنَ أبي رزمةَ: ما كان أبوك يقولُ عن
عبدِ اللهِ بنِ المبارَكِ في الإيمانِ؟ قال: كان يقولُ: الإيمانُ يتفاضَلُ.
قال
أبو عبدِ اللهِ: يا عَجَباه! إن قال لكم: يَزيدُ ويَنقُصُ، رجمتُموه، وإن قال: يتفاضَلُ، تركْتُموه، وهل شيءٌ يتفاضَلُ إلَّا وفيه الزِّيادةُ والنُّقصانُ؟!)
[324] ((مسائل الإمام أحمد)) برواية ابن هانئ (ص: 396). .
ولا رَيبَ في ثُبوتِ لَفظِ الزِّيادةِ والنُّقصانِ عند السَّلَفِ؛ فالزيادةُ مُصَرَّحٌ بها في القرآنِ، والنُّقصانُ مُصَرَّحٌ به في السُّنَّةِ.
... وقَد روى النجَّادُ عن عليِّ بنِ الحسَنِ بنِ شَقيقٍ قال: سَمِعتُ
عبدَ اللهِ بنَ المبارَكِ يقولُ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ يَزيدُ ويَنقُصُ)
[325] يُنظر: ((الرد على من يقول القرآن مخلوق)) للنجاد (54). .
11- وقال وكيعُ بنُ الجَرَّاحِ: (الإيمانُ يَزيدُ ويَنقُصُ)
[326] أخرجه أبو داود في ((مسائل الإمام أحمد)) (1764) وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (606)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1144) .
12- وقال
سُفيانُ بنُ عُيَينةَ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ، فقال له أخوه إبراهيمُ بنُ عُيَينةَ: يا
أبا محمَّدٍ، لا تقولَنَّ: يَزيدُ ويَنقُصُ! فغَضِبَ وقال: اسكُتْ يا صَبِيُّ! بل يَنقُصُ حتى لا يبقى منه شَيءٌ)
[327] أخرجه العدني في ((الإيمان)) (28)، والآجري في ((الشريعة)) (244) واللفظ له، واللالكائي في ((شرح أصول الاعتقاد)) (1745). .
(وقيل له: هل الإيمان يَزيدُ ويَنقُصُ؟ قال: فأيُّ شَيءٍ إذًا؟)
[328] أخرجه الآجري في ((الشريعة)) (239)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1157). .
وسُئِل أيضًا عن الإيمانِ فقال: (قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ، يَزيدُ ما شاء اللهُ، ويَنقُصُ حتى ما يبقى منه، يعني: مِثلَ هذه، وأشار بيَدِه)
[329] أخرجه ابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1156). .
13- وقال
الشافعيُّ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ)
[330] أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (9/110)، والبيهقي في ((معرفة السنن والآثار)) (349) .
14- وقال
عبدُ الرَّزَّاقِ الصَّنعانيُّ: (كان مَعمَرٌ وابنُ جُرَيجٍ و
الثَّوريُّ و
مالِكٌ و
ابنُ عُيَينةَ يقولون: الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ). وفي روايةٍ أنَّ
عبدَ الرَّزَّاقِ قال: (وأنا أقولُ ذلك، الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، والإيمانُ يَزيدُ ويَنقُصُ، فإنْ خالَفْتُهم فقد ضلَلْتُ إذَنْ وما أنا من المهتَدِينَ)
[331] أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (726)، والآجري في ((الشريعة)) (242). .
15- وقال عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ الحميديُّ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ)
[332] يُنظر: ((أصول السنة)) -في آخر مسنده- (2/546). .
16 – وقال
إسحاقُ بنُ راهَوَيهِ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ يَزيدُ ويَنقُصُ حتى لا يبقى منه شيءٌ)
[333] أخرجه الخلال في ((السنة)) (1011). .
17- قال
أحمدُ بنُ حَنبلٍ: (الإيمانُ بَعضُه أفضَلُ من بَعضٍ، يَزيدُ ويَنقُصُ، وزيادتُه في العَمَلِ، ونُقصانُه في تَرْكِ العَمَلِ؛ لأنَّ القَولَ هو مُقِرٌّ به)
[334] أخرجه الخلال في ((السنة)) (1008). .
وقال أيضًا: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ، إذا عَمِلْتَ الخيرَ زاد، وإذا ضَيَّعْتَ نَقَص)
[335] أخرجه الخلال في ((السنة)) (1013). .
وسُئِلَ عن زيادةِ الإيمانِ ونُقصانِه فقال: (يَزيدُ حتى يبلُغَ أعلى السَّمَواتِ السَّبعِ، ويَنقُصُ حتى يصيرَ إلى أسفَلِ السَّافلينَ السَّبعِ)
[336] أخرجه ابن أبي يعلى في ((طبقات الحنابلة)) (1/259). .
18- قال
المزني: (المؤمِنون في الإيمانِ يتفاضَلون، وبصالحِ الأعمالِ هم مُتزايِدون)
[337] يُنظر: ((شرح السنة)) (ص: 78). .
19- قال
أبو زُرعةَ الرَّازي: (الإيمانُ عندنا قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ، ومن قال غيرَ ذلك فهو مُبتَدِعٌ مُرجِئٌ)
[338] أخرجه ابن أبي يعلى في ((طبقات الحنابلة)) (1/202). .
20- قال أبو حاتمٍ الرَّازي: (مذهَبُنا واختيارُنا وما نعتَقِدُه وندين الله به ونسألُه السَّلامةَ في الدِّينِ والدُّنيا: أنَّ الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ... يَزيدُ ويَنقُصُ)
[339] أخرجه ابن أبي يعلى في ((طبقات الحنابلة)) (1/286). .
قال
ابنُ تيميَّةَ: (الآثارُ في هذا كثيرةٌ، رواها المصَنِّفون في هذا البابِ عن الصَّحابةِ والتابعين في كُتُبٍ كثيرةٍ معروفةٍ)
[340] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (7/225). .
وقال ابنُ أبي العِزِّ: (الأدِلَّةُ على زيادةِ الإيمانِ ونُقصانِه مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ والآثارِ السَّلَفيَّةِ كَثيرةٌ جِدًّا)
[341] يُنظر: ((شرح الطحاوية)) (2/ 479). .
وهنا مسألةٌ تتعَلَّقُ بتحرير ِتوقُّفِ مالكٍ في القَولِ بنُقصانِ الإيمانِرُوِيَ عن
مالكٍ أنَّه كان متوقِّفًا في القَولِ بنَقصِ الإيمانِ -وليس نَفْيه كما فَهِمَ البعضُ خطأً من كلامِ
مالكٍ- لعَدَمِ بُلوغِ النَّصِّ إليه، ثمَّ لَمَّا بلغه ذلك جزم بنقصِ الإيمانِ، كما هو ثابتٌ عنه من طُرُقٍ أُخرى متَعَدِّدةٍ.
وقد قيل: إنَّه توقَّف في ذلك؛ لأنَّه وجد ذِكرَ الزيادةِ في القُرآنِ، ولم يجِدْ ذِكرُ النَّقصِ.
قال
ابنُ تيميَّةَ: (كان بعضُ الفُقَهاءِ من أتباعِ التابعين لم يوافِقوا في إطلاقِ النُّقصانِ عليه؛ لأنَّهم وجدوا ذِكْرَ الزِّيادةِ في القُرآنِ، ولم يجِدوا ذِكْرَ النَّقصِ، وهذه إحدى الروايتينِ عن
مالكٍ)
[342] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (7/506). .
ولكنَّه ترك التوَقُّفَ في القَولِ بالنَّقصِ، وثَبَت عنه القَولُ بزيادةِ الإيمانِ ونُقصانِه، وهذا هو المعروفُ عنه عند أهلِ العِلمِ، كما قال أحمدُ بنُ القاسِمِ: تذاكَرْنا من قال: الإيمانُ يَزيدُ ويَنقُصُ، فعدَّ
الإمامُ أحمدُ غيرَ واحدٍ، ثم قال: و
مالِكُ بنُ أنسٍ يقولُ: يَزيدُ ويَنقُصُ، فقلتُ له: إنَّ
مالِكًا يحكون عنه أنَّه قال: يَزيدُ ولا يَنقُصُ. فقال: بلى قد رُوِيَ عنه: يَزيدُ ويَنقُصُ، كان ابنُ نافعٍ يحكيه عن
مالكٍ، فقُلتُ له: ابنُ نافعٍ يحكيه عن
مالكٍ؟ قال: نعم
[343] أخرجه الخلال في ((السنة)) (1043). .
والرِّواياتُ الواردةُ عنه في ذلك كثيرةٌ؛ منها:قال
عبدُ الرَّزَّاقِ: (سَمِعتُ مَعْمَرًا و
سفيانَ الثَّوريَّ و
مالِكَ بنَ أنسٍ، وابنَ جُرَيجٍ و
سفيانَ بنَ عُيَينةَ يقولون: الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ)
[344] أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (726)، والآجري في ((الشريعة)) (242). .
وقال إسحاقُ بنُ محمَّدٍ الفَرويُّ: (كنتُ عند
مالكِ بنِ أنَسٍ، فسَمِعتُ حَمَّادَ بنَ أبي حنيفةَ يقولُ ل
مالكٍ: يا أبا عبدِ اللهِ، إنَّ لنا رأيًا نَعرِضُه عليك، فإن رأيته حَسَنًا مَضَينا عليه، وإن رأيتَه غيرَ ذلك كفَفْنا عنه، قال: وما هو؟ قال: يا أبا عبدِ اللهِ، لا نُكَفِّرُ أحدًا بذَنبٍ، النَّاسُ كُلُّهم مُسلمون عندنا. قال: ما أحسَنَ هذا! ما بهذا بأسٌ. فقام إليه داودُ بنُ أبي زنبرٍ وإبراهيمُ بنُ حَبيبٍ وأصحابٌ له، فقاموا إليه فقالوا: يا أبا عبدِ اللهِ، إنَّ هذا يقولُ بالإرجاءِ، قال: ديني مِثلُ دينِ
جِبريلَ و
مِيكائيلَ والملائكةِ المقَرَّبينَ! قال: لا واللهِ: الإيمانُ يَزيدُ ويَنقُصُ،
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [الفتح: 4] ، وقال إبراهيمُ:
أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة: 260] ، فطُمأنينةُ قَلْبِه زيادةٌ في إيمانِه)
[345] أخرجه اللالكائي في ((شرح أصول الاعتقاد)) (1743) .
وقال ابنُ نافِعٍ: كان
مالِكُ بنُ أنَسٍ يقولُ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ)
[346] أخرجه عبدالله بن أحمد في ((السنة)) (636)، وأبو داود في ((مسائل الإمام أحمد)) (1767) واللفظ لهما، والخلال في ((السنة)) (1014) .
قال
ابنُ عبدِ البرِّ: (وروى عنه
عبدُ الرَّزَّاقِ، ومَعْنُ بنُ عيسى، وابنُ نافعٍ، وابنُ وَهبٍ: أنه يَزيدُ ويَنقُصُ؛ يَزيدُ بالطَّاعةِ ويَنقُصُ بالمعصيةِ، وعلى هذا مذهَبُ الجماعةِ مِن أهلِ الحديثِ. والحمدُ للهِ)
[347] يُنظر: ((التمهيد)) (9/252). .
وقال عِياضٌ: (قال غيرُ واحدٍ: سَمِعتُ
مالِكًا يقولُ: الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ، وبعضُه أفضَلُ من بعضٍ)
[348] يُنظر: ((ترتيب المدارك)) (2/43). .
وقال ابنُ رشدٍ: (وقد رُوِيَ عن
مالكٍ رحمه الله أنَّه كان يُطلِقُ القَولَ بزيادةِ الإيمانِ، ويكُفُّ عن إطلاقِ نُقصانِه؛ إذ لم يَنُصَّ اللهُ تعالى إلَّا على زيادتِه، فرُوِيَ عنه أنَّه قال عند موتِه لابن نافعٍ، وقد سأله عن ذلك: قد أبرَمْتُموني، إنِّي تدبَّرتُ هذا الأمرَ، فما من شَيءٍ يَزيدُ إلَّا ويَنقُصُ، وهو الصَّحيحُ. والله سُبحانَه وتعالى أعلَمُ)
[349] يُنظر: ((المقدمات)) (1/57). .
وقال
ابنُ تيميَّةَ: (الرِّوايةُ الأخرى عنه، وهو المشهورُ عند أصحابِه، كقَولِ سائِرِهم: إنَّه يَزيدُ ويَنقُصُ)
[350] يُنظر: ((الفتاوى)) (7/506). ويُنظر: ((زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه)) لعبد الرزاق البدر (ص: 277). .