تمهيدٌ:
إنَّ تحقيقَ أصلِ الدِّينِ الذي إذا التَزَمه الإنسانُ نجا به مِنَ الكُفرِ والخُلودِ في النَّارِ: يكونُ بالشَّهادَتينِ نُطقًا باللِّسانَ، وإقرارًا مُجمَلًا بالقَلْبِ.
فالشَّهادةُ لله بالوَحْدانيَّةِ تعني: الإقرارَ المجمَلَ بالتَّوحيدِ، والبراءةَ المُطلَقةَ مِن الشِّرْكِ.
قال اللهُ تعالى:
فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا [البقرة: 256] .
والشَّهادةُ لمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرِّسالةِ تعني: الإقرارَ المجمَلَ بكُلِّ ما جاء به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن عِندِ اللهِ تَصديقًا وانقيادًا.
قال اللهُ سُبحانَه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا [النساء: 136] .
ونَفيُ الإيمانِ المجمَلِ معناه نَفيُ مُطلَقِ الإيمانِ، وسُقوطُ صاحِبِه في الكُفرِ، ويتحَقَّقُ هذا بانتفاءِ أو نَقضِ أحَدِ عناصِرِه؛ مِن التَّصديقِ، أو الانقيادِ، أو الإقرارِ.
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ يَومَ خَيْبَرَ:
((لأُعْطِيَنَّ هذِه الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسولَه، يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْه )) قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: ما أحْبَبْتُ الإمَارةَ إلَّا يَومَئذٍ، قالَ: فَتَسَاوَرْتُ لها رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لها، قالَ فَدَعَا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، فأعْطَاه إيَّاها، وقال:
((امْشِ، ولا تَلتَفِتْ، حتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عليك)) قالَ: فَسَارَ عَلِيٌّ شيئًا، ثُمَّ وَقَفَ ولم يَلْتَفِتْ، فَصَرَخَ: يا رَسولَ اللهِ، على ماذا أُقاتِلُ النَّاسَ؟ قال:
((قَاتِلْهم حتَّى يَشهَدوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، فإذا فَعَلوا ذلك فقد مَنَعوا منك دِمَاءَهم وأموَالَهم إلَّا بحَقِّها، وَحِسَابُهم على اللَّهِ (( [542] أخرجه مسلم (2405). .
وعنِ عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عنه إلى اليَمَنِ، فَقالَ:)) ادْعُهمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ... )) [543] أخرجه البخاري (1395) واللفظ له، ومسلم (19). .
وعن عِتْبانَ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: أصابَنِي في بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ، فَبَعَثْتُ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أُحِبُّ أنْ تأتِيَني فَتُصَلِّيَ في مَنْزِلِي، فأتَّخِذَهُ مُصَلًّى، قال: فأتَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَن شاءَ اللَّهُ مِن أصْحابِهِ، فَدَخَلَ وهو يُصَلِّي في مَنْزِلِي وأصْحابُه يَتحَدَّثون بينَهم، ثُمَّ أسنَدوا عُظْمَ ذلكَ وكُبْرَه إلى مالِكِ بنِ دُخْشُمٍ، قالوا: ودُّوا أنَّه دَعا عليه فَهَلَكَ، ودُّوا أنَّه أصابَه شَرٌّ، فَقَضَى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصَّلاةَ، وقالَ:
((أليسَ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنِّي رَسولُ اللهِ؟)) قالوا: إنَّه يقولُ ذلكَ، وما هو في قَلْبِه، قال:
((لا يَشْهَدُ أحَدٌ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنِّي رَسولُ اللهِ، فَيَدْخُلَ النَّارَ، أوْ تَطْعَمَه)) [544] أخرجه البخاري (425)، ومسلم (33) واللفظ له. .
وعن مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له:
((هل تَدْري ما حَقُّ اللهِ على عِبادِه؟)) قُلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، قال:
((حَقُّ اللهِ على عِبادِه أن يَعبُدوه ولا يُشرِكوا به شَيئًا، هل تدري ما حَقُّ العبادِ على اللهِ إذا فَعَلوه؟ )) قلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، قال:
((حَقُّ العبادِ على اللهِ أنْ لا يُعَذِّبَهم)) [545] أخرجه البخاري (5967) واللفظ له، ومسلم (30). .
قال
البَرْبَهاريُّ: (اعلَمْ أنَّ أوَّلَ الإسلامِ: شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه)
[546])) يُنظر: ((شرح السنة)) (ص: 89). .
وقال
الآجُرِّيُّ بعد نَقْلِه حديثَ:
((أُمِرْتُ أن أقاتِلَ النَّاسَ حتى يقولوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي رسولُ اللهِ )) [547] أخرجه البخاري (25)، ومسلم (22) بنحوه. : (فهذا الإيمانُ باللِّسانِ نُطقًا فَرضٌ واجِبٌ)
[548])) يُنظر: ((الشريعة)) (2/ 613). .
وقال
ابنُ عبدِ البَرِّ: (ذلك أنَّ أحدًا لا يكونُ بالنيَّةِ مُسلمًا دونَ القَولِ، حتى يلفِظَ شهادةَ الإيمانِ وكَلِمةَ الإسلامِ، ويكونَ قَلْبُه مصدِّقًا للسانِه في ذلك، فكما لا يكونُ مُسلِمًا حتى يشهَدَ بشهادةِ الحَقِّ، فكذلك لا يكونُ متطَهِّرًا ولا مُصَلِّيًا حتى ينطِقَ بالشَّهادة، وإنَّ ما تعتَقِدُه الأفئدةُ من الإسلامِ والإيمانِ ما تنطِقُ به الألسِنةُ)
[549])) يُنظر: ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/ 153). .
وقال عِياضٌ: (مَذهَبُ أهلِ السُّنَّة: أنَّ المعرفةَ مُرتبطةٌ بالشَّهادتينِ، لا تنفَعُ إحداهما، ولا تنجِّي من النَّارِ دونَ الأخرى، إلَّا لِمَن لم يَقدِرْ عليها من آفةٍ بلِسانِه)
[550])) يُنظر: ((إكمال المعلم)) (1/253). .
وقال
محمَّدُ بنُ عبد الوهَّابِ: (التوحيدُ أوَّلُ واجبٍ)
[551])) يُنظر: ((كتاب التوحيد)) (ص: 21). .
فأوَّلُ واجبٍ على العَبدِ هو: شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رَسولُ اللهِ، وذلك بخِلافِ ما يَقولُه أهلُ الكَلامِ مِن
المعتَزِلةِ والأشعَرِيَّةِ أنَّ أوَّلَ ما يجِبُ على العَبدِ النَّظَرُ في الأدِلَّةِ العَقليَّةِ على وُجودِ اللهِ تعالى
[552] يُنظر: ((الانتصار لأصحاب الحديث)) (ص: 70 - 74)، ((قواطع الأدلة في الأصول)) كلاهما للسمعاني (2/ 346 - 348)، ((بيان تلبيس الجهمية)) لابن تيمية (4/570)، ((فتح الباري)) لابن حجر (13/349 - 354). .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطبيُّ: (لو لم يكُنْ في الكَلامِ شَيءٌ يُذَمُّ به إلَّا مَسألتانِ هما من مَبادِئِه، لكان حقيقًا بالذَّمِّ، وجَديرًا بالتَّرْكِ؛ إحداهما: قَولُ طائفةٍ منهم: إنَّ أوَّلَ الواجِباتِ الشَّكُّ في اللهِ تعالى.
والثَّانيةُ: قَولُ جماعةٍ منهم: إنَّ من لم يَعرِفِ اللهَ تعالى بالطُّرُقِ التي طَرَقوها، والأبحاثِ التي حَرَّروها، فلا يَصِحُّ إيمانُه، وهو كافِرٌ، فيلزَمُهم على هذا تكفيرُ أكثَرِ المُسلِمينَ مِنَ السَّلَفِ الماضينَ، وأئِمَّةِ المُسلِمينَ!... ومَن شَكَّ في تكفيرِ من قال: إنَّ الشَّكَّ في الله تعالى واجِبٌ، وأنَّ مُعظَمَ الصَّحابةِ والمُسلِمينَ كُفَّارٌ- فهو كافِرٌ شَرعًا، أو مختَلُّ العَقلِ وَضعًا؛ إذ كُلُّ واحدةٍ منهما معلومةُ الفَسادِ بالضَّرورةِ الشَّرعيَّةِ الحاصِلةِ بالأخبارِ المتواتِرةِ القَطْعيَّةِ)
[553] يُنظر: ((المفهم)) (6/ 693). .
وقال النووي: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الرِّوايةِ الأُخرى:
((أقاتِلُ النَّاسَ حتَّى يَشهَدوا أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، ويُؤمِنوا بي وبما جِئتُ به)) فيه بيانُ ما اختُصِر في الرِّواياتِ الأُخَرِ مِن الاقتِصارِ على قَولِ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وفيه دَلالةٌ ظاهِرةٌ لمذهَبِ المحَقِّقينَ والجماهيرِ مِنَ السَّلَفِ والخَلَفِ أنَّ الإنسانَ إذا اعتقد دينَ الإسلامِ اعتِقادًا جازِمًا لا ترَدُّدَ فيه، كفاه ذلك، وهو مؤمِنٌ مِن المُوَحِّدينَ، ولا يجِبُ عليه تعَلُّمُ أدِلَّةِ المتكَلِّمينَ ومَعرفةُ الله تعالى بها، خِلافًا لمن أوجَبَ ذلك، وجعَلَه شَرْطًا في كونِه مِن أهلِ القِبلةِ، وزَعَم أنَّه لا يكونُ له حُكمُ المسلِمينَ إلَّا به، وهذا المذهَبُ هو قَولُ كثيرٍ مِن
المعتَزِلةِ، وبَعضِ أصحابِنا المتكَلِّمينَ، وهو خَطَأٌ ظاهِرٌ؛ فإنَّ المرادَ التَّصديقُ الجازِمُ، وقد حَصَل، ولأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اكتفى بالتَّصديقِ بما جاء به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم يشتَرِطِ المعرفةَ بالدَّليلِ؛ فقد تظاهَرَت بهذا أحاديثُ في الصَّحيحينِ يحصُلُ بمَجموعِها التَّواتُرُ بأصلِها، والعِلْمُ القَطْعيُّ)
[554] يُنظر: ((شرح مسلم)) (1/ 210). .
وقال ابنُ أبي جمرةَ في شَرْحِه لحديثِ وَفدِ عبدِ القيسِ:
((شهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللهِ... )) [555] أخرجه البخاري (53)، ومسلم (17) مطولاً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. : (فيه دليلٌ لِمن يقولُ بأنَّ أوَّلَ الواجباتِ الإيمانُ قبل النَّظَرِ والاستدلالِ؛ لأنَّه عليه السَّلامُ لَمَّا أن ذَكَر لهم الإيمانَ لم يذكُرْ بعده نظرًا ولا استِدلالًا)
[556])) يُنظر: ((بهجة النفوس)) (1/98). .
أمَّا الالتِزامُ ببقيَّةِ الفُروضِ والواجِباتِ فإنَّه يأتي بعد تحقيقِ هذا الأصلِ.
ففي حديثِ
ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ)) النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عنْه إلى اليَمَنِ، فقال: ادْعُهم إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهم أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهم أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهم تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهم وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهم))
[557] أخرجه البخاري (1395) واللفظ له، ومسلم (19). .
قال
الخطَّابيُّ: (في هذا الحديثِ مِن العِلمِ أنَّه رَتَّب واجباتِ الشَّريعةِ؛ فقَدَّم كَلِمةَ التوحيدِ، ثم أتبَعَها فرائِضَ الصَّلاةِ لأوقاتِها)
[558])) يُنظر: ((أعلام الحديث)) (1/726). .
وقال أبو الحارِثِ الصَّائغُ: (سألتُ
أبا عبدِ اللهِ أحمدَ بنَ محمَّدِ بنِ حَنبلٍ، قُلتُ: إذا قال الرَّجُلُ: لا إلهَ إلا اللهُ، فهو مؤمِنٌ؟ قال: كذا كان بدءُ الإيمانِ، ثمَّ نزلت الفرائِضُ: الصَّلاةُ، والزكاةُ، وصومُ رمضانَ، وحَجُّ البيتِ)
[559])) يُنظر: ((السنة)) للخلال (3/564). .
وقال
العَينيُّ: (قال شيخُنا زينُ الدين رحمه الله:... لَمَّا كان إرسالُ مُعاذٍ إلى من يُقِرُّ بالإلهِ والنبُوَّاتِ، وهم أهلُ الكتابِ، أمَرَه بأوَّلِ ما يدعوهم إلى توحيدِ الإلهِ والإقرارِ بنبُوَّةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإنَّهم وإن كانوا يعترفون بإلهيَّةِ اللهِ تعالى، ولكِنْ يجعلون له شَريكًا؛ لدعوةِ النَّصارى أنَّ المسيحَ ابنُ اللهِ تعالى، ودعوةِ اليهودِ أنَّ عُزَيرًا ابنُ اللهِ -سبحانَه عمَّا يَصِفون- وأنَّ محمَّدًا ليس برَسولِ اللهِ أصلًا، أو أنَّه ليس برسولٍ إليهم، على اختلافِ آرائِهم في الضَّلالةِ؛ فكان هذا أوَّلَ واجبٍ يُدْعَونَ إليه)
[560] يُنظر: ((عمدة القاري)) (8/ 235). .
قال
ابنُ تَيميَّةَ: (كُلُّ مَن آمَنَ بالرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إيمانًا راسِخًا، فإنَّ إيمانَه متضَمِّنٌ لتَصديقِه فيما أخبَرَه، وطاعتِه فيما أمَرَه، وإنْ لم يعلَمْ ولم يقصِدْ أنواعَ الأخبارِ والأعمالِ، ثمَّ عِندَ العِلْمِ بالتَّفصيلِ إمَّا أن يصَدِّقَ ويُطيعَ، فيَصيرَ مِنَ الذين آمَنوا وعَمِلوا الصَّالحاتِ، أو يُخالِفَ ذلك، فيَصيرَ إمَّا مُنافِقًا، وإمَّا عاصِيًا فاسِقًا، أو غيرَ ذلك)
[561] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (26/27). .
وقال أيضًا: (فعامَّةُ النَّاسِ إذا أسلَموا بعد كُفْرٍ، أو وُلِدوا على الإسلامِ، والتَزَموا شرائِعَه، وكانوا من أهلِ الطَّاعةِ للهِ ورَسولِه، فهم مُسلِمونَ، ومعهم إيمانٌ مُجمَلٌ، ولكِنْ دُخولُ حقيقةِ الإيمانِ إلى قُلوبِهم إنَّما يَحصُلُ شيئًا فشيئًا إن أعطاهم اللهُ ذلك)
[562] يُنظر: ((الإيمان)) (ص: 213). ويُنظر: ((طريق الهجرتين)) لابن القيم (ص: 387)، ((الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه)) لعبد الرّزاق طاهر (ص: 61). .
وقال الخرشيُّ المالكيُّ: (لا يتقَرَّرُ الإسلامُ إلَّا بالنُّطقِ بالشَّهادَتينِ، والتزامِ أحكامِهما)
[563])) يُنظر: ((شرح مختصر خليل)) (8/62). .
وقال
ابنُ باز: (الشَّهادتانِ هما أصلُ الدِّينِ، وهما أساسُ المِلَّةِ؛ شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللهِ، ومتى صَدَق فيهما العَبدُ وأدَّى حَقَّهما، فإنَّه يؤدِّي ما أوجَبَ اللهُ مِن الأقوالِ والأعمالِ، وينتهي عمَّا حَرَّم اللهُ مِن القَولِ والعَمَلِ، ويَقِفُ عندَ حُدودِ اللهِ، ومتى فَرَّط في شيءٍ مِن ذلك صار نَقصًا في إيمانِه وتوحيدِه، وضَعفًا في إيمانِه وتوحيدِه)
[564] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (5/ 26). .
وقال
ابنُ عثيمين: (أركانُ الإسلامِ: أُسُسُه التي ينبني عليها، وهي خَمسةٌ مذكورةٌ فيما رواه
ابنُ عُمَرَ رَضِي اللهُ عنهما عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (بُنِيَ الإسلامُ على خمسةٍ: على أن يوحَّدَ اللهُ -وفي روايٍة: على خمسٍ-: شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصِيامِ رَمَضانَ، والحَجِّ)، فقال رجلٌ: الحَجِّ، وصِيامِ رَمَضانَ، قال: (لا، صيامِ رَمضانَ، والحَجِّ)، هكذا سمعتُه مِن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
[565] أخرجه مسلم (16) .
1- أمَّا شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، فهي: الاعتِقادُ الجازِمُ المعَبَّرُ عنه باللِّسانِ بهذه الشَّهادةِ، كأنَّه بجَزْمِه في ذلك مشاهِدٌ له، وإنَّما جُعِلَت هذه الشَّهادةُ رُكنًا واحِدًا مع تعَدُّدِ المشهودِ به:
إمَّا: لأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُبَلِّغٌ عن اللهِ تعالى، فالشَّهادةُ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالعُبوديَّةِ والرِّسالةِ مِن تمامِ شَهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ.
وإمَّا: لأنَّ هاتينِ الشَّهادتينِ أساسُ صِحَّةِ الأعمالِ وقَبولِها؛ إذْ لا صِحَّةَ لعَمَلٍ ولا قَبولَ إلَّا بالإخلاصِ للهِ تعالى، والمتابعةِ لرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبالإخلاصِ لله تتحَقَّقُ شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وبالمتابعةِ لرَسولِ اللهِ تتحَقَّقُ شَهادةُ أنَّ مُحمَّدًا عَبدُه ورَسولُه.
ومِن ثَمَراتِ هذه الشَّهادةِ العَظيمةِ: تحريرُ القَلبِ والنَّفسِ مِنَ الرِّقِّ للمخلوقينَ، ومِن الاتِّباعِ لغيرِ المرسَلينَ)
[566] يُنظر: ((نبذة في العقيدة الإسلامية)) (ص: 32). .