الفرعُ السادسُ: فَضْلُ زَينبَ بِنتِ جَحشٍ رَضِيَ اللهُ عنها
وردت في شأنِها عِدَّةُ مناقِبَ وفَضائِلَ كريمةٍ؛ منها:
1- قَولُ اللهِ تعالى في شأنِها:
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [الأحزاب: 36 - 38] .
عن
أَنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: كانت
زَينبُ تفخَرُ على أزواجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تقولُ: زوَّجَكنَّ أهاليكُنَّ، وزَوَّجني اللهُ تعالى من فوقِ سَبعِ سَمَواتٍ
[2308] أخرجه البخاري (7420). !
قال
ابنُ القَيِّمِ: (من خواصِّها أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى كان هو وَلِيَّها الذي زوَّجَها لرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من فوقِ سَماواتِه)
[2309] يُنظر: ((زاد المعاد)) (1/105). .
وقال
الشَّوكانيُّ: (لَمَّا أعلمه اللهُ بذلك دخل عليها بغيرِ إذنٍ ولا عَقدٍ، ولا تقديرِ صَداقٍ، ولا شيءٍ ممَّا هو معتَبَرٌ في النِّكاحِ في حَقِّ أُمَّتِه)
[2310] يُنظر: ((تفسير الشوكاني)) (4/328). .
2- عن
عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((أسرَعُكنَّ لَحاقًا بي أطوَلُكنَّ يَدًا)) قالت: فكُنَّ يتطاوَلْنَ أيَّتُهنَّ أطوَلُ يدًا! فكانت أطوَلَنا يدًا
زَينبُ؛ لأنَّها كانت تَعمَلُ بيَدِها وتَصَدَّقُ
[2311] رواه البخاري (1420)، ومسلم (2452) واللَّفظُ له. .
وعن
عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأزواجِه:
((أسرَعُكنَّ لُحوقًا بي أطولُكنَّ يدًا))، قالت
عائشةُ: فكُنَّا إذا اجتَمَعْنا في بيتِ إحدانا بعد وفاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نمُدُّ أيديَنا في الجدارِ نتطاوَلُ! فلم نَزَلْ نَفعَلُ ذلك حتى توفِّيَتْ
زَينبُ بنتُ جَحشٍ زَوجُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانت امرأةً قصيرةً، ولم تكُنْ أطوَلَنا! فعَرَفْنا حينئذٍ أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنما أراد بطُولِ اليَدِ الصَّدَقةَ، قالت: وكانت
زينبُ امرأةً صَناعةَ اليَدِ، فكانت تَدبَغُ وتَخرِزُ وتتصَدَّقُ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجَلَّ
[2312] أخرجه البزار (311)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (210)، والحاكم (6776). صَحَّحه الحاكم على شرط مسلم، وصَحَّح إسنادَه على شرط مسلم شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (210). .
قال
النَّوويُّ: (معنى الحديثِ: أنهنَّ ظَنَنَّ أنَّ المرادَ بطُولِ اليَدِ طُولُ اليَدِ الحقيقيَّةِ، وهي الجارِحةُ، فكُنَّ يَذرَعنَ أيديَهنَّ بقَصَبةٍ، فكانت
سَودةُ أطوَلَهنَّ جارحةً، وكانت
زينبُ أطولَهنَّ يدًا في الصَّدَقةِ وفِعْلِ الخيرِ، فماتت
زينبُ أوَّلهنَّ، فعَلِموا أنَّ المرادَ طُولُ اليدِ في الصَّدَقةِ والجُودِ... وفيه مُعجِزةٌ باهِرةٌ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَنقَبةٌ ظاهِرةٌ ل
زَينَبَ)
[2313] يُنظر: ((شرح مسلم)) (16/9). .
3- عن
عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (أرسَلَت أزواجُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
زينبَ بِنتَ جَحشٍ زَوجَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهي التي كانت تُساميني منهنَّ في المَنزِلةِ عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم أَرَ امرأةً قَطُّ خيرًا في الدِّينِ مِن
زَينبَ، وأتقى للهِ، وأصدَقَ حَديثًا، وأوصَلَ للرَّحِمِ، وأعظَمَ صَدَقةً، وأشَدَّ ابتذالًا لنَفْسِها في العَمَلِ الذي تَصَدَّقُ به، وتَقَرَّبُ به إلى اللهِ تعالى)
[2314] رواه مسلم (2442) مطولًا. .
وفي حديثِ الإفْكِ قالت
عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: (وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسألُ
زَينَبَ ابنةَ جَحشٍ عن أمْري، فقال:
((يا زينبُ، ماذا عَلِمْتِ أو رأيتِ ؟)) فقالت: يا رَسولَ اللهِ، أحمِي سَمْعي وبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إلَّا خيرًا. قالت: وهي التي كانت تُساميني من أزواجِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فعَصَمَها اللهُ بالوَرَعِ!)
[2315] رواه مطولًا البخاري (4750) واللَّفظُ له، ومسلم (2770). .