المَبْحَثُ الرَّابعُ والعِشرونَ: وَزْنُ (شَبَهِ فَعالِل)
وهُو ما ماثَل (فَعَالِل) عَدَدًا وهَيئةً وإنْ خالَفه في الوَزْنِ، مِثْلُ: مَفاعِل وفَواعِل وفَياعِل.
يَطَّرِدُ في مَزِيدِ الثُّلاثيِّ مِن غيرِ ما تَقدَّم، مِثْلُ: أحْمَر وسَكْران وصائِم وكُبْرى وسَكْرى ورامٍ؛ فإنَّ لِهذه الأسْماءِ جُموعَ تَكْسيرٍ، وتَقدَّم الحَدِيثُ عنها.
فإنْ كان الزَّائِدُ حرْفًا واحِدًا فلا يُحذَفُ، مِثْلُ: أفْضَل وأَفاضِل، ومَسْجِد ومَساجِد، وجَوْهَر وجَواهِر، وصَيْرَف وصَيارِف، وعَلْقًى وعَلاقٍ.
يُحذَفُ ما زاد على الزِّيادَةِ الواحِدَةِ سَواءٌ أكانت زِيادَةً واحِدَةً، مِثْلُ: مُنْطَلِق، أو زِيادَتَين، مِثْلُ: مُسْتخْرِج، ومُتَذَكِّر.
وهُنا لا بُدَّ مِن حَذْفِ بعضِ الزِّياداتِ وإبْقاءِ بَعضِها الآخرِ، فيَبقَى ما له مَزِيَّةٌ في اللَّفظِ أو في المَعنى أو ما لا يُغني حذْفُه عن حذْفِ غيرِه على التَّفْصيلِ الآتي:
مِثالُ المَعنى: مُنْطَلِق، تُحذَفُ النُّونُ، وتَبقى المِيمُ لأنَّها دالَّةٌ على اسمِ الفاعِلِ، ولِتَصَدُّرِها، فتقولُ في الجمْعِ: مَطالِق، ولا تقولُ: نَطالِق، و(ألَنْدَد ويَلَنْدد) بِمَعنى: شِدَّة الخُصومَةِ
[1228] يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/ 391). ، تَبقى الألِفُ والياءُ لأنَّهما في مَوقعٍ يدُلَّانِ فيه على مَعنًى، فتقولُ في الجمْعِ: أَلادُّ، ويَلادُّ.
ومِثالُ اللَّفظِ: اسْتِخْراج؛ تقولُ في الجمْعِ: تَخارِيج، ولا تقولُ: سَخارِيج، لأنَّ تخاريجَ له نَظِيرٌ وهُو تَماثِيل، وتَصاوِير، وسَخاريجُ لا نَظِيرَ له، فلا يُوجَدُ (سَفاعِيل)
[1229] يُنظر: ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 459، 460). .
يَبقى الحرْفُ الزَّائِدُ الَّذي إنْ حُذِف فلا يُغْنِي حذْفُه عن حذْفِ غيرِه، مِثْلُ: حَيْزَبُون -وهِيَ العَجُوزُ السَّيِّئةُ الخُلُقِ- تُجمَعُ على (حَزابِين)، بِحذْفِ الياءِ وإبقاءِ الواوِ، فتَنْقلِبُ الواوُ ياءً لِسُكونِها وانْكِسارِ ما قبلَها، وإنَّما فُضِّلتِ الواوُ على الياءِ بِالإبْقاءِ؛ لأنَّه لو حُذِفتِ الواوُ لجُمِعَ على (حَيَازِبْن)، ولا يَقعُ بعدَ ألِفِ التَّكسيرِ ثلاثةُ أحرُفٍ وسَطُها ساكِنٌ إلَّا إنْ كان الوَسَطُ حرْفَ عِلَّةٍ، فلا بُدَّ مِن حذْفِ الياءِ ليَحصُلَ وَزْنُ (مَفاعِل): حَزابِن؛ فلم يُغْنِ حذْفُ الواوِ عن حذْفِ الياءِ.
- فإن ثبَت تَكافُؤُ الزِّيادَةِ، فلا مَزِيَّةَ لأحَدِ الزَّائِدَيْن على الآخَرِ في اللَّفظِ، أو في المَعنى، أو في عَدَمِ الإغْناءِ عن حذْفِ الزَّائِدِ الآخَرِ، فالحُكْمُ: التَّخْييرُ في الحذْفِ، مِثْلُ: سَرَنْدى وعَلَنْدى
[1230] السَّرَنْدى: الجريءُ، والعَلَنْدى: البعيرُ الضَّخمُ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/ 212)، و(3/ 301). ، الألِفُ والنُّونُ زائِدتان، والنُّونُ له مَزِيَّةُ التَّقدُّمِ على الألِفِ، والألِفُ له مَزِيَّةُ الإلْحاقِ؛ فإنْ شِئتَ قُلتَ: سَرانِد وعَلانِد، وسَرادٍ وعَلادٍ
[1231] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 555 – 558). .
- وإنْ كان أحَدُ الزَّائِدَيْن يُماثِلُ (يُقابِلُ) أصْلًا مِنَ الأُصولِ، والزَّائدُ الآخَرُ لا يُقابِلُ أصْلًا، وهُو مِيمٌ سابِقةٌ على الزَّائِدِ المُماثِلِ لأحَدِ الأُصولِ، مِثْلُ المِيمِ والسِّينِ في: مُقْعَنْسِس، أيْ: شدِيد، فالمِيمُ لا تُقابِلُ أصْلًا، والسِّينُ لِلإلْحاقِ، فأَشْبَهتِ الحرْفَ الأَصْليَّ، وثَمَّةَ مَذْهبانِ:
سِيبَوَيهِ: يَرَى حذْفَ المُماثِلِ وإبْقاءَ المِيمِ؛ تقولُ في الجَمْعِ: مَقاعِس
[1232] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 446). .
المُبَرِّدُ [1233] يُنظر: ((المقتضب)) للمبرد (2/ 235). : يَرَى حذْفَ المِيمِ وإبْقاءَ المُماثِلِ، فيَقولُ في الجَمْعِ: قَعاسِس، وعلى القَولَيْن النُّونُ مَحْذوفةٌ
[1234] يُنظر: ((المساعد)) لابن عقيل (3/ 463، 464). .