الفَصْلُ الثَّاني: الأشْياءُ الَّتي تُحذَفُ للنَّسَبِ في الآخِرِ
1- الياءُ المُشَدَّدةُ الواقِعةُ بعدَ ثَلاثةِ أحْرُفٍ:سواءٌ أكانت الياءانِ زائِدَتَينِ أو كانت إحْداهما زائِدَةً والأُخرى أصْليَّةً:
ما آخِرُه ياءانِ زائِدَتانِ: سَواءٌ كانتا للنَّسَبِ، مِثْلُ: شافِعيٍّ، أو لِغيرِ النَّسَبِ، مِثْلُ: كُرْسيٍّ، فعندَ النَّسَبِ إليهما: نَحذِفُ الياءَ المُشَدَّدةَ ونأتِي بياءِ النَّسَبِ؛ فيَتَّحِدُ لفْظُ المَنْسوبِ والمَنْسوبِ إليه: (كُرْسِيٌّ، وشَافِعيٌّ
[1330] الأصْل: شافِعٌ، وإليه يُنسَبُ الإمامُ محمَّدُ بنُ إدريسَ، فيُقالُ: شافعيٌّ، فإذا نسَبْنا أحدًا إلى مَذهَبِه حَذَفْنا ياءَ النَّسَبِ الأُولى وأضَفْنا الأُخرى؛ فتكونُ الشَّافعيُّ نِسبةَ الإمامِ لجَدِّه، ونسبةَ الطَّالِبِ للإمامِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (12/513)، ((ذيل لب اللباب في تحرير الأنساب)) للوفائي (ص: 159)، ((تاج العروس)) للمرتضى الزبيدي (21/ 281). ، وإنْ اخْتَلَف التَّقديرُ
[1331] يُنظر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (3/ 458، 459). ، وأَثَرُ هذا التَّقديرِ يَظهَرُ في النَّسَبِ إلى مِثْل: بَخاتيَّ وكَراسيَّ عَلَمًا لمُذَكَّرٍ، فإنَّهما قَبْلَ النَّسَبِ مَمْنوعانِ مِنَ الصَّرفِ لِوجودِ صِيغةِ مُنتَهى الجُمُوعِ، وبعدَ النَّسَبِ (بَخَاتيٌّ وكَراسيٌّ) يَصيرُ مَصرُوفًا لِزوالِ صِيغةِ الجَمْعِ بِياءِ النَّسَبِ.
ما تَكونُ إحْدى ياءَيْه زائِدَةً والأخرى أصْليَّةً، مِثْلُ: مَرْمِيٍّ؛ الياءُ الأُوْلى زائِدَةٌ (أصْلُها واوُ مَفْعولٍ)، والياءُ الثَّانيةُ أصْليَّةٌ، (مَرْمُويْ)، ففي النَّسَبِ إِليه تُحذَفُ الياءُ المُشَدَّدةُ على الأَفْصحِ، تقولُ: مَرْمِيٌّ، وبعْضُهم يَحذِفُ الياءَ الأُوْلى ويَقلِبُ الثَّانيةَ واوًا لكنْ بعدَ قَلْبِها ألِفًا لِتَحرُّكِها وانْفتاحِ ما قبْلَها، فيقولُ: مَرْمَوِيٌّ، وهو شاذٌّ.
فإنْ كان قَبْلَ الياءِ المُشَدَّدةِ حرْفٌ واحِدٌ، مِثْلُ: حيٍّ وطيٍّ، فإنَّه تُقلَبُ الياءُ الثَّانيةُ واوًا وتُفتَحُ الواوُ الأُوْلى، وتَردُّها إلى الواوِ إنْ كانت في الأصْلِ واوًا، فالنَّسَبُ إليهما: (حَيَوِيٌّ، وطَوَوِيٌّ)؛ لأنَّهما مِن (حَيِيَ، وطَوَى).
فإنْ كان ما قَبْلَ الياءِ المُشَدَّدةِ حرْفانِ، مِثْلُ: عَلِيٍّ، وعَدِيٍّ، وقَصِيٍّ، ففي النَّسَبِ تُحذَفُ الياءُ الأُوْلى ويُفتَحُ ما قبلَها، وتُقلَبُ الياءُ الثَّانيةُ واوًا وتُكسَرُ، النَّسَبُ إليها: (عَلَوِيٌّ، وعَدَوِيٌّ، وقُصَوِيٌّ)
[1332] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (2/ 9) ((الارتشاف)) لأبي حيان (2/ 609 وبعدها)، ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 588، 589). .
2- تاءُ التَّأنِيثِ:سَواءٌ كانت في عَلَمٍ أو في غيرِ عَلَمٍ، تقولُ في النَّسَبِ إلى مَكَّةَ والغُرفةِ: مَكِّيٌّ، وغُرْفيٌّ.
3- الألِفُ إنْ كانت مُتجاوِزَةً لِلأربعةِ أو كانت رابِعةً مُتحرِّكًا ثاني كَلِمتِها:فإن كانت مُتجاوِزةً للأرْبعةِ، فهُو يَقعُ في ثلاثةِ أمورٍ: في ألِفِ التَّأنِيثِ، مِثْلُ: حُبَارى -اسمًا لِطائِرٍ- وألِفِ الإلْحاقِ: حَبَرْكي - لِلطَّويلِ الظَّهرِ القَصيرِ الرِّجلَيْن- والألِفِ المُنقلِبَةِ عن أصْلٍ، مِثْلُ: مُصطفى (مُنقلِبَةٌ عن واوٍ/ مِنَ الصَّفوةِ)، فتُحذَفُ الألِفُ فيها؛ تقولُ في النَّسَبِ: حَبَارِيٌّ، وحَبَرْكِيٌّ، ومُصْطَفِيٌّ.
وما ألِفُه رابِعةٌ وثاني كلِمَتِها مُتحرِّكٌ فلا يَقعُ إلَّا في ألِفِ التَّأنِيثِ، مِثْلُ: جَمَزَى -لِلحمارِ السَّريعِ- فتُحذَفُ الألِفُ وُجوبًا؛ تقولُ في النَّسَبِ: جَمَزِيٌّ.
فإنْ كانت الألِفُ رابِعةً والثَّاني ساكِنًا جاز فيها وجْهانِ: القَلْبُ واوًا والحذْفُ، فإنْ كانت لِلتَّأنيثِ، مِثْلُ: (حُبْلَى)، فالأجْودُ الحذْفُ، وإن كانت لِلإلْحاقِ؛ (مِثْلُ: عَلْقًى لِنوعٍ مِنَ الشَّجَرِ)، أو مُنقلِبَةً عن أصْلٍ (مَلْهًى)، فالأجْودُ الحذْفُ، والحذْفُ في الَّتي لِلإلْحاقِ أجْودُ مِنَ الحذْفِ في المُنقَلِبةِ؛ تقولُ: حُبْلِيٌّ أو حُبْلَويٌّ، وعَلْقِيٌّ أو عَلْقَوِيٌّ، ومَلْهِيٌّ أو مَلْهَوِىٌّ، ويَجوزُ فيما ألِفُه لِلتَّأنيثِ الفَصْلُ بِالألِفِ؛ تقولُ: حَبْلاوِيٌّ، وأجاز أبُو زَيدٍ الفَصْلَ فيما ألِفُه للإلْحاقِ: عَلْقَاوِيٌّ، وأجاز السِّيرافيُّ
[1333] يُنظر: ((شرح كتاب سيبويه)) للسيرافي (4/ 109). الفَصْلَ فيما ألِفُه مُنقَلِبةٌ عن أصْلٍ: مَلْهَاوِيٌّ.
فإنْ كانتِ الألِفُ ثالِثةً فإنَّها تُقلَبُ واوًا سَواءٌ أكان أصْلُها واوًا أو ياءً؛ عصًا ورحًى وقفًا وفتًى ورِبًا وهُدًى: النِّسَبةُ إليها: (عَصَوِيٌّ، ورَحَويٌّ، وقَفَوِيٌّ، وفَتَوِيٌّ، وهُدَوِيٌّ، ورِبَوِيٌّ)
[1334] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 342)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (2/ 38). .
فإنْ كانت الألِفُ خامِسةً فصاعِدًا، فإنَّها تُحذَفُ، مِثْلُ: حُبارَى وقَبَعْثَرَى؛ تقولُ في النَّسَبِ: (حُبارِيٌّ، وقَبَعْثَرِيٌّ)
[1335] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 354)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (2/ 40). .
4- ياءُ المَنْقوصِ خامِسةٌ، مِثْلُ: المُعتَدِي، أو سادِسةٌ، مِثْلُ: المُسْتَعلِي؛ النَّسَبُ إليهما: المُعْتَدِيُّ، والمُسْتَعْلِيُّ.
فإنْ كانت ياءُ المَنْقوصِ رابِعةً، مِثْلُ: القاضي، فإنَّه يجوزُ فيها الحذْفُ والقَلْبُ واوًا، والحذْفُ أرْجحُ: (القاضِيُّ، والقاضَوِيُّ)، وجعَل
سِيبَوَيهِ القَلْبَ واوًا مِن شواذِّ النَّسَبِ
[1336] يُنظر: ((المساعد)) لابن عقيل (3/ 362). ، وجوَّز
ابنُ مالِكٍ الأمْرَيْنِ، واختار الحذْفَ
[1337] يُنظر: ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (4/ 1934). .
فإنْ كانت ثالِثةً، مِثْلُ: الشَّجِي والعَمِي، وجَب قَلْبُها واوًا: (شَجَوِيٌّ، وعَمَوِيٌّ)، ولا تُقلَبُ الياءُ واوًا إلَّا بعدَ قَلْبِها ألِفًا، وذلك بِفتْحِ ما قبلَها
[1338] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 386 وما بعدها)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (2/ 42 وما بعدها)، ((الارتشاف)) لأبي حيان (2/ 605). .
5، 6- عَلامَتا التَّثْنيةِ وجَمْعِ تَصحيحِ المُذَكَّرِ:حيثُ تُحذَفُ زِيادةُ التَّثْنيةِ (الألفُ والنُّونُ، أو الياءُ والنُّونُ) وجَمْعِ السَّلامةِ (الواوُ والنُّونُ، أو الياءُ والنُّونُ)
[1339] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 372). .
ففي النَّسَبِ إلى (زَيْدانِ) و(زَيْدُونَ) عَلَمَينِ مُعْرَبَيْن بِالحُروفِ: زَيدِيٌّ، أمَّا قَبْلَ العَلَميَّةِ فإنَّ النَّسَبَ يكونُ للمُفْرَدِ.
ومِن لُغاتِ المُثنَّى الَّتي يَختلِفُ النَّسَبُ تبعًا لها:مَنْ ألْزَم المُثنَّى الألِفَ وأعْرَبه إعْرابَ المَمْنوعِ مِنَ الصَّرْفِ، أثْبت الألِفَ والنُّونَ في النَّسَبِ فقال: زَيْدَانِي.
وثَمَّةَ لُغاتٌ في جَمْعِ تَصحيحِ المُذَكَّرِ يَختلِفُ النَّسَبُ تبعًا لها:فمَنْ ألْزَم جَمْعَ تَصحيحِ المُذَكَّرِ الياءَ وأعْرَبه بِالحَرَكاتِ على النُّونِ مُنوَّنةً، أثْبَتَ الياءَ والنُّونَ في النَّسَبِ فقال: زَيْدَيْنِيٌّ.
ومَنْ ألْزَمه الواوَ وأعْرَبه كالمَمْنوعِ من الصَّرْفِ أو ألْزَمه الواوَ وأعْرَبه بِالحركاتِ على النُّونِ مُنوَّنةً، أو ألْزَمه الواوَ وفتَح النُّونَ، يقولُ في النَّسَبِ على اللُّغات الثَّلاثِ: زَيْدُونِيٌّ، بإثْباتِ الواوِ والنُّونِ.
أمَّا جَمْعُ تَصحيحِ المُؤَنَّثِ ففيه تَفْصيلٌ:إنْ كان باقِيًا على الجَمْعِ ولم يُنقَلْ لِلعَلَميَّةِ، فإنَّ النَّسَبَ إليه يَكونُ لِلمُفْرَدِ: مِثلُ: تَمَرات، النَّسَبُ إليه: تَمْريٌّ بِسُكونِ المِيمِ نَسَبًا إلى المُفْرَدِ.
إنْ نُقِلَ إلى العَلَميَّةِ، فإنَّ الألِفَ والتَّاءَ تُحذَفانِ منه، وتَنسِبُ إليه على لفْظِه: تَمَريٌّ بِفتْحِ المِيمِ، وذلك لِلتَّفرقةِ بينَ النَّسَبِ إليه وهُو جَمْعٌ، وبينَ النَّسَبِ إليه عندما نُقِلَ إلى العَلَميَّةِ.
أمَّا جَمْعُ الصِّفةِ مِثْلُ: ضَخْمات، ففي ألِفِه وجْهانِ: الحذْفُ أوِ القَلْبُ واوًا، معَ حذْفِ التَّاءِ في كِلا الوَجْهينِ؛ تقولُ: ضَخْمِي وضَخْمَوِيٌّ.
أمَّا الجُمُوعُ القِياسيَّةُ، مِثْلُ: مُسلِمات، والجُمُوعُ الشَّاذَّةُ، مِثْلُ: سُرادِقات، فليس فيها إلَّا الحذْفُ؛ ففي النَّسَبِ: مُسْلِمِيٌّ وسُرادِقِيٌّ
[1340] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 588 – 594). .