الفَرْعُ الثَّاني: إطْلاقُ التَّقْسيمِ على مُحسِّناتٍ أخرى
يُطلَقُ اسمُ التَّقْسيمِ أيضًا على بعضِ المُحسِّناتِ الأخْرى، وهِي:
1- أنْ يَذكُرَ المُتكلِّمُ أحْوالَ الشَّيءِ، مُضيفًا إلى كلِّ حالَةٍ ما يُلائِمُها ويَليقُ بها.كقولِ
المُتَنبِّي: الطويل
سأطلُبُ حقِّي بالقَنا ومَشايِخٍ
كأنَّهمُ مِن طُولِ ما التَثموا مُرْدُ
ثقالٍ إذا لاقَوا، خِفافٍ إذا دُعوا
كثيرٍ إذا شدُّوا، قليلٍ إذا عُدُّوا
فالشَّاعِرُ قد أضافَ هنا إلى كلِّ حالٍ ما يُلائِمُها؛ فأضافَ إلى الثِّقَلِ حالَ مُلاقاتِهم الأعْداءَ، وإلى الخِفَّةِ حالَ دعْوتِهم إلى الحرْبِ، وإلى الكثْرةِ حالَ شَدِّهم وهُجومِهم على الأعْداءِ في الحرْبِ، وإلى القلَّةِ حالَ عدِّهم وإحْصائِهم؛ لأنَّهم إذا غلَبوا أعْداءَهم في قلَّةِ عدَدِهم، كان هذا أفْخَرَ لهم مِنَ الكثْرةِ.
ومنه قولُ زُهَيرٍ: البسيط
يَطعَنُهم ما ارتمَوا حتَّى إذا طَعَنوا
ضَارَبَ حتَّى إذا ما ضارَبوا اعْتَنَقا
فزُهيرٌ قد أتى في هذا البَيتِ بجَميعِ ما اسْتَعملَه المَمدوحُ معَ أعْدائِه في وقتِ الهِياجِ والحرْبِ، مُضيفًا إلى كلِّ حالٍ ما يُلائِمُها؛ وذلك بأنْ أضافَ إلى طعْنِ المَمْدوحِ لأعْدائِه حالةَ ارْتمائِهم، وإلى ضرْبِه إيَّاهم حالةَ طعْنِهم، وإلى اعْتناقِه حالةَ مُضارَبتِهم. فهُو في كلِّ حالٍ يَتقدَّمُ خُطوةً على أقْرانِه.
2- التَّقطيعُ: يُطلَقُ التَّقْسيمُ أيضًا على تَقْطيعِ الشَّاعرِ لألْفاظِ البيتِ إلى مَقاطِعَ حسَبَ التَّفعيلاتِ العَروضيَّةِ؛ فمنه قولُ
المُتَنبِّي: الطويل
فيا شوقِ ما أبْقى ويا لي مِن النَّوى
ويا دَمْعِ ما أجْرى ويا قَلبِ ما أصْبا
فترى الشَّاعرَ قد قسَّمَ البيتَ الشِّعريَّ إلى أرْبعةِ مَقاطِعَ، كلُّ واحِدٍ منها يُمثِّلُ رُبُعَ البيتِ.
وشَبيهُه أيضًا قولُه كذلك: البسيط
للسَّبيِ ما نكَحوا والقتْلِ ما ولَدوا
والنَّهبِ ما جمَعوا والنَّارِ ما زرَعوا
ومنه قولُ
البُحْتُريِّ: الخفيف
قِفْ مَشوقًا أو مُسعِدًا أو حَزينًا
أو مُعينًا أو عاذِرًا أو عَذولًا
فقسَّم البيتَ إلى ستَّةِ مَقاطِعَ، في كلِّ واحِدٍ تَفْعيلةٌ واحِدةٌ مِن تَفعيلاتِ بحرِ الخَفيفِ
[410] ينظر: ((علم البديع)) لعبد العزيز عتيق (ص: 138). .