المَطلَبُ الثَّاني: الصفات
أمَّا الصِّفاتُ فقَدِ اختَلَفوا أيضًا في تَعدادِها، ولَكِنَّ أكثَرَ العُلَماءِ والقُرَّاءِ على أنَّها سَبْعَ عَشْرةَ صِفَةً، ومنهم من جَعلها أربَعَ عَشْرةَ، وبَلَغَ بها بَعضُهم أربَعًا وأربَعينَ، وإليكَ هذه الصِّفاتِ كما أورَدَها القُرَّاءُ باختِصارٍ
[243] يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (1/ 202-205)، ((القول المفيد)) للجريسي (ص: 46-62)، ((دراسات في فقه اللغة)) لصبحي الصالح (ص: 280: 284). .
وهيَ على قِسمَينِ: قُسِّمَ له ضَدٌّ، وقِسمٌ لا ضِدَّ له.
الكَلامُ على الصِّفاتِ ذَواتِ الأضدادِ:الصِّفاتُ التي لها ضِدٌّ خَمسٌ، وهيَ:
1- الجَهْرُ، وضَدُّه الهَمْسُ.
2- الشِّدَّةُ والتَّوسُّطُ، وضَدُّهما الرَّخاوةُ
[244] يلاحظ أنه ليس في الصفات صفة لها ضدان إلا هذه الصفة. .
3- الاستِعلاءُ، وضِدُّه الاستِفالُ.
4- الإطباقُ، وضِدُّه الانفِتاحُ.
5- الإصماتُ، وضِدُّه الإذلاقُ.
ثانيًا: الكَلامُ على الصِّفاتِ التي لا ضِدَّ لها سَبْعٌ، وهيَ:1- الصَّفيرُ.
2- القَلقَلةُ.
3- اللِّينُ.
4- الانحِرافُ.
5- التَّكريرُ.
6- التَّفشِّي.
7- الاستِطالةُ.
وبَيانُ هذه الصِّفاتِ على النحو الآتي:
1- الهَمْسُ:الخَفاءُ، وهو جَرَيانُ النَّفَسِ عِندَ النُّطقِ بالحَرفِ لضَعفِ الاعتِمادِ على المَخرَجِ، وحُروفُه عَشَرةٌ
[245] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 47). ، مَجموعةٌ في قَول
الإمامِ ابنِ الجَزَريِّ: (فحَثَّه شَخصٌ سَكَت)
[246] يُنظر: ((المقدمة الجزرية)) لابن الجزري (ص: 59). .
2- الجَهرُ:الإعلانُ، وهو انحِباسُ جَرْيِ النَّفَسِ عِندَ النُّطقِ بالحَرفِ؛ لقوَّةِ الاعتِمادِ على المَخرَجِ، وحُروفُه عَدا حُروفَ الهَمْسِ
[247] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 47). .
3- الشِّدَّةُ:القوَّةُ، وهو انحِباسُ جَريِ الصَّوتِ عِندَ النُّطقِ بالحَرفِ، وكَمالِ الاعتِمادِ على المَخرَجِ، وحُروفُه مَجموعةٌ في قَولهم: (أجِدُ قَطَّ بَكَت)، وهناكَ حُروفٌ مُتَوسِّطةٌ بَينَ الشِّدَّةِ والرَّخاوةِ، وهيَ خَمسةٌ يَجمَعُها قَولُهم: (لِنْ عُمَر)، وإنَّما وُصِفَت بذلك؛ لأنَّ النَّفَسَ لم يَنحَبِس معها انحِباسَه مع الشَّديدةِ، ولم يَجْرِ معها بجَريانِه مع الرَّخاوةِ
[248] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 48). .
4- الرَّخاوةُ:اللِّينُ، وهو جَرَيانُ الصَّوتِ مع الحَرفِ لضَعفِ الاعتِمادِ على المَخرَجِ، وحُروفُه خَمسةَ عَشَرَ، ما عَدا أحرُفَ الشِّدَّةِ والتَّوسُّطِ
[249] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 48، 49). .
5- الاستِعلاءُ:الارتِفاعُ، وهو ارتِفاعُ اللِّسانِ عِندَ النُّطقِ بالحَرفِ إلى الحَنَكِ الأعلى، وحُروفُه سبعة يَجمَعُها قَولُكَ: (خُصَّ ضَغطٌ قِظ)
[250] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 51). .
6- الاستِفالُ:الانخِفاضُ، وهو انحِطاطُ اللِّسانِ عن خُروجِ الحَرفِ منَ الحَنَكِ إلى قاعِ الفَمِ، وحُروفُه واحِدٌ وعِشرونَ حَرفًا، وهيَ غَيرُ حُروفِ الاستِعلاءِ
[251] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 51، 52). .
7- الإطباقُ: الإلصاقُ، وهو تَلاصُقُ ما يُحاذي اللِّسانَ منَ الحَنَكِ الأعلى، وحُروفُه أربَعةٌ، وهيَ: الصَّادُ، والضَّادُ، والطَّاءُ، والظَّاءُ
[252] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 52). .
8- الانفِتاحُ:وهو عِبارةٌ عنِ انفِتاحِ ما بَينَ اللِّسانِ والحَنَكِ، وخُروجِ النَّفَسِ من بَينِهما عِندَ النُّطقِ بحُروفِه، وهيَ ما عَدا الأربَعةَ المُطْبَقةَ
[253] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 53). .
9- الإذلاقُ:ومن مَعانيه الفَصاحةُ والخِفَّةُ، وهو الاعتِمادُ عِندَ النُّطقِ بالحَرفِ على ذَلقِ اللِّسانِ والشَّفَةِ، وحُروفُها سِتَّة يَجمَعُها قَولُكَ: (فرَّ مِن لب)، وسُمِّيَت مُذلَقةً لسُرعةِ النُّطقِ بها لخِفَّتِها
[254] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 53). .
10- الإصماتُ وهو ضِدُّ الإذلاقِ:المَنعُ، وهو مَنعُ حُروفِه من أن يُبنى منها وحدَها في كِلامِ العَرَبِ كلمةٌ رُباعيَّةُ الأُصولِ (كجَعْفَرٍ) أو خُماسيَّةٌ (كسَفَرْجَل) لثِقْلِها على اللِّسانِ، فلا بُدَّ من أن يَكونَ في الكَلماتِ الرُّباعيَّةِ أوِ الخُماسيَّةِ حَرفٌ منَ الحُروفِ المُذلَقةِ؛ لتَعدِلَ خِفَّتُه ثِقلَ حَرفِ الإصماتِ؛ ولهذا سُمِّيَت بالحُروفِ المُصمَتةِ.
وحُروفُ الإصماتِ ثَلاثةٌ وعِشرونَ حَرفًا، وهيَ الباقيةُ من حُروفِ الإذلاقِ السِّتَّةِ، ويُؤخَذُ من هذا أنَّ حُروفَ الهِجاءِ موزَّعةٌ على كُلِّ صِفةٍ وضِدِّها
[255] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 53). .
وهنا قَدِ انتَهى الكَلامُ على الصِّفاتِ العَشرِ ذَواتِ الأضدادِ، وهيَ التي أشارَ إليها
ابنُ الجَزَريِّ في مُقَدِّمَتِه والطَّيِّبةِ بقَولِه
[256] يُنظر: ((المقدمة الجزرية)) لابن الجزري (ص: 59). :
صِفَاتُهَا جَهْرٌ وَرِخْوٌ مُسْتَفِلْ
مُنْفَتِحٌ مُصْمَتَةٌ وَالضِّدَّ قُلْ
مَهْمُوسُهَا "فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتْ"
شَدِيْدُهَا لَفْظُ "أَجِدُ قَطَّ بَكَتْ"
وَبَيْنَ رِخْوٍ وَالشَّدِيدِ "لِنْ عُمَرْ"
وَسَبْعُ عُلْوٍ "خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ" حَصَرْ
وَصَادُ ضَادٌ طَاءُ ظَاءٌ مُطْبَقَهْ
وَ"فِرَّ مِنْ لُبِّ" الحُرُوف المُذْلَقَهْ
الكَلامُ على الصِّفاتِ التي لا ضِدَّ لها:
وهيَ سَبعٌ، وفيما يَلي تَفصيلُها واحِدةً واحِدةً.
11- الصَّفيرُ: صَوتٌ يُشبِه صَوتَ الطَّائِرِ إذا ضاعَ ولَدُه، يَصحَبُ النُّطقَ بأحَدِ حُروفٍ، وهيَ ثَلاثةٌ: (الصَّادُ، والزَّايُ، والسِّينُ)
[257] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 54). .
12- القَلقَلةُ: وهيَ عِبارةٌ عن تَقَلقُل المَخرَجِ بالحَرفِ عِندَ خُروجِه ساكِنًا؛ حتى يُسمَعَ له نَبرةٌ قَويَّةٌ، وحُروفُها خَمسةٌ يَجمَعُها قَولُكَ: (قُطُب جَد)، وسُمِّيَت بذلك؛ لأنَّ صَوتَها لا يَكادُ يَتَبَيَّنُ به سُكونُها ما لم تَخرُجْ إلى شِبه المُتَحَرِّكِ؛ لشِدَّةِ أمرِها.
ومَعناها: رَجَرَجةُ الحَرفِ بسُكونٍ خَفيفٍ، والقَلقَلةُ تَكونُ أقرَبَ إلى الفَتحِ دائِمًا دونَ التِفاتِ إلى كونِ ما قَبلَ الحَرفِ المُقَلقَل أو ما بَعدَه مَفتوحًا، أو مَكسورًا أو مَضمومًا، وقد قال الناظم:
وقَلْقَلَةً قَرِّبْ إلى الفتحِ مُطْلَقًا
ولا تُتْبِعَنْها بالذي قَبْلُ تُقْبَلا
[258] البيت بغير نسبة في: ((الروضة الندية شرح متن الجزرية)) لمحمود بن محمد العبد (ص: 29). وتَجِبُ المُبالَغةُ في القَلقَلةِ؛ حتى يُسمَعَ لها نَبرةٌ قَويَّةٌ؛ بحيث لا تُشبِهُ الحَرَكةَ، فمَن أسمَعَ القَلقَلةَ نَفسَه فقَط، لا يُقالُ: إنَّه أتى بالقَلقَلةِ، وإنَّما يُقالُ: إنَّه تَركَ القَلقَلةَ، فهو لحْنٌ، وإحداثُها في غَيرِ حُروفِها لحْنٌ؛ نَحوُ: قَلقَلةِ الفاءِ واللَّامِ في (أفواجًا وجَعَلْنا).
ولا فرقَ في هذه الأحرُفِ بَينَ أن تَكونَ مُتَطَرِّفةً ووُقِفَ عليها؛ كقافِ خَلَاقْ، وطاءِ مُحيطْ، وباءِ قَريبْ، وجيمِ بَهِيجْ، ودالِ مَجيدْ، أو مُتَوسِّطةً ساكِنةً؛ كقافِ خَلَقْنَا، وطاءِ قَطْمِيرٍ، وباءِ رَبْوةٍ، وجيمِ اجْتَباهُ، ودالِ يَدْخُلَنَّ، إلَّا أنَّ القَلقَلةَ في الحَرفِ المُتَطَرِّفِ المَوقوفِ عليه تَكونُ أقوى منَ السَّاكِنِ المُتَوسِّطِ، وفي ذلك يَقولُ الشَّيخُ
ابنُ الجَزَريِّ في المُقَدِّمةِ الجَزَريَّةِ
[259] يُنظر: ((المقدمة الجزرية)) لابن الجزري (ص: 66). :
وَبَيِّنَنْ مُقَلْقَلًا إِنْ سَكَنَا
وَإِنْ يَكُنْ فِي الْوَقْفِ كَانَ أَبْيَنَا
ومَراتِبُ القَلقَلةِ ثَلاثٌ: أقواها السَّاكِنُ المَوقوفُ عليه، ثُمَّ السَّاكِنُ المَوصولُ، ثُمَّ المُتَحَرِّكُ، فالقَلقَلةُ في هذه الحُروفِ أشبَهُ ما تَكونُ بالغُنَّةِ في النُّونِ والميمِ التي تَكمُلُ في بَعضِ أحوالها، وتَضعُفُ في المُظهَرِ والمُتَحَرِّكِ منها؛ إذ لا يوجَدُ فيهما حينَ الإظهارِ والتَّحريكِ إلَّا أصلُ الغُنَّةِ كما تَقَدَّمَ
[260] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 54). .
13- اللِّينُ: هو عِبارةٌ عن مَدِّ حَرفَيِ الواوِ والياءِ السَّاكِنَينِ بَعدَ فتحٍ في حالةِ الوقفِ فقَط؛ مِثل: (سوء - شَيء - قُرَيش - الصَّيف - البَيت - خَوْف)، مع لِينٍ وسُهولةٍ، وعَدَمِ كُلفةٍ على اللِّسانِ
[261] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 56). .
14- الانحِرافُ: عِبارةٌ عن مَيلِ اللَّامِ والرَّاءِ عن مَخرَجِهما إلى طَرَفِ اللِّسانِ
[262] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 57). .
15- التَّكريرُ: وهو عِبارةٌ عن قَبولِ الرَّاءِ للتَّكريرِ لارتِعادِ طَرَفِ اللِّسانِ عِندَ النُّطقِ بها، وهذه الصِّفةُ تُعرَفُ لتُجتَنَبَ، لا ليُعمَلَ بها
[263] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 57). ، والسَّلامةُ من تَكريرِ الرَّاءِ هو لَصقُ ظَهرِ اللِّسانِ بأعلى حَنَكِه لَصْقًا مُحكَمًا مَرَّةً واحِدةً بحيث لا يَرتَعِدُ اللِّسانُ؛ لقَولِ
ابنِ الجَزريِّ: وأخَفِ تَكريرًا إذا تُشَدَّد
[264] يُنظر: ((المقدمة الجزرية)) لابن الجزري (ص: 68). .
16- التَّفشِّي: وهيَ عِبارةٌ عنِ انتِشارِ النَّفَسِ في الفَمِ عِندَ النُّطقِ بالشِّينِ
[265] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 58). .
17- الاستِطالةُ: وهو عِبارةٌ عنِ امتِدادِ الضَّادِ في مَخرَجِها، حتى تَتَّصِلَ بمَخرَجِ اللَّامِ
[266] يُنظر: ((نهاية القول المفيد في علم التجويد)) للجريسي (ص: 58). ؛ قال
الحافِظُ ابنُ الجَزَريِّ [267] يُنظر: ((المقدمة الجزرية)) لابن الجزري (ص: 60). :
صَفِيرُهَا صَادٌ وَزَايٌ سِينُ
قَلْقَلَةٌ "قُطْبُ جَدٍّ "وَاللِّينُ
وَاوٌ وَيَاءٌ سَكَنَا وَانْفَتَحَا
قَبْلَهمَا وَالانْحِرَافُ صُحِّحَا
فِي اللَّامِ وَالرَّا وَبِتَكْرِيرٍ جُعِلْ
وَللتَّفَشِّي الشِّيْنُ ضَادًا اسْتُطِلْ