المَبحَثُ الخامسُ: المَآخِذُ على الكِتابِ
1- مُناقَضتُه اسمَ مُعجَمِه؛ فقد أخَذ على نفْسِه أنَّه سيَلتَزمُ بإيرادِ المُسْتعمَلِ مِن كَلامِ العَربِ، وتَرْكِ الغَريبِ الوَحشيِّ، ومعَ ذلك أكْثَرَ في مُعجَمِه مِنَ الألْفاظِ الغَريبةِ حتَّى إنَّه انْفَرد بأشْياءَ لم تَرِدْ عند غيرِه؛ فروى أشياءَ من طريقٍ واحدٍ، وهذا غريبٌ.
2- التَّكرارُ والخَلْطُ في الأبْوابِ؛ إذ جَعَل قِسْمًا للثُّنائيِّ الصَّحيحِ؛ وهو ما ضُعِّف فيه الثَّاني، ثمَّ جعَل قِسْمًا للثُّنائيِّ يَجْتمِعُ فيه حَرْفان مِثْلانِ في أيِّ مَوضِعٍ، ولا شكَّ أنَّ هذا القِسْمَ يَندرِجُ تحت الثُّنائيِّ الَّذي ضُعِّفَ فيه الحَرْفُ الثَّاني.
3- اعْتِبارُه تاءَ التَّأنيثِ أحْيانًا مِن بِنْيةِ الكَلِمةِ، وعدُّها ضِمْنَ حُروفِها.
4- أكْثَرَ مِنَ النَّقْلِ عن كِتابِ العَينِ؛ فأدَّى ذلك إلى أنِ اتَّهمَه
نِفْطَوَيهِ بأنَّ كِتابَه مَسْروقٌ مِن كِتابِ العَينِ، فقال:
ابنُ دُرَيدٍ بَقَرَهْ
وفيه عِيٌّ وشَرَهْ
ويدَّعي مِن حُمْقِهِ
وَضْعَ كِتابِ الجَمْهَرهْ
وهو كِتابُ العَينِ إلْـ
لا أنَّه قد غيَّرهْ
قال
السُّيوطيُّ: (ولا يُقبَلُ فيه طَعْنُ
نِفْطَوَيهِ؛ لأنَّه كان بَيْنَهما مُنافَرةٌ عَظيمةٌ بحيثُ إنَّ
ابنَ دُرَيدٍ هجاه بقَولِه:
لو أُنْزِل الوَحْيُ على
نِفْطَوَيهْلكان ذاك الوَحْيُ سُخْطًا عليهْ
وشاعِرٌ يُدعَى بنِصفِ اسمِهِ
مُسْتأهِلٌ للصَّفْعِ في أخْدعَيهْ
أحْرَقَه اللهُ بنِصْفِ اسمِهِ
وصيَّر الباقيْ صُراخًا عليهْ
[143] ((المزهر)) للسيوطي (1/37). 5- اتَّهمَه الأزْهَريُّ بالكَذِبِ في وَضْعِ الألْفاظِ فقال: (وممَّن ألَّف في عَصْرِنا الكُتُبَ، فوُسِم بافْتِعالِ العَربيَّةِ، وتَوليدِ الألْفاظِ الَّتي ليس لها أُصولٌ، وإدْخالِ ما ليس مِن كَلامِ العَربِ في كَلامِهم:
أبو بَكْرٍ مُحمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ دُرَيدٍ الأزْديُّ، صاحِبُ كِتابِ الجَمْهَرةِ)
[144] ((تهذيب اللُّغة)) للأزهري (1/27). .
قال
السُّيوطيُّ: (مَعاذَ اللهِ! هو بَريءٌ ممَّا رُمِي به، ومَنْ طالَعَ الجَمْهَرةَ رأى تَحرِّيَه في رِوايتِه)
[145] ((المزهر)) للسيوطي (1/72). .
6- رماه بعضُهم بالتَّصْحيفِ والتَّحْريفِ، و
ابنُ دُرَيدٍ بَراءٌ مِن ذلك؛ لأنَّ ذلك يَرجِعُ إلى عَمَلِ النُّسَّاخِ
[146] يُنظر: ((المُعجَم العَربيُّ: نشأته وتطوره)) لحسين نصار (2/336)، ((المَعاجِم العَربيَّة: مدارسها ومناهجها)) لعبد الحميد أبو سكين (ص:77). .