المَطْلَبُ الرَّابع: (إنْ) النَّافِيَة
اختلف النُّحاةُ في عَمَلِ (إن) النَّافيةِ عَمَلَ (ليس)؛ فذهب أكثَرُ البصريِّينَ إلى أنَّها لا تعمَلُ، وأجاز ذلك الكوفيُّون. وقد اشترط مَن أجاز عَمَلَها عَمَلَ (ليس) في المَعرِفة والنَّكِرة شرطَين:
الشَّرْطُ الأوَّلُ: ألَّا يتقَدَّمَ خَبَرُها على اسمِها.
الشَّرْطُ الثَّاني: ألَّا يَنتقِضَ نفْيُها بـ«إلَّا»، نَحوُ: إنْ أنتَ إلَّا رجلٌ كريمٌ.
مِثالُ المستوفي للشَّرطينِ: إنْ أحدٌ خيرًا مِن أحدٍ إلَّا بالعافيةِ، ومنه قَولُ الشَّاعِر: من الطويل
إنِ الْمَرْءُ مَيْتًا بِانْقِضَاءِ حَيَاتِهِ
وَلَكِنْ بِأَنْ يُبْغَى عَلَيْهِ فَيُخْذَلَا
إعرابُ الشَّاهِدِ:إنْ: نافيةٌ، تعمَلُ عَمَلَ (ليس) حرفٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ، والكَسرةُ عارِضةٌ لالتقاءِ السَّاكِنَينِ، لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ
المرءُ: اسمُ «إنْ» مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
ميتًا: خَبَرُ «إنْ» منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
بانقضاءِ: جارٌّ ومجرورٌ مُتعَلِّقٌ بقَولِه: (مَيْتًا).
حياتِه: «حياة» مُضافٌ إليه مجرورٌ بالكَسرةِ، و«الهاءُ» ضَميرٌ مَبْنيٌّ في مَحلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.
ومِثلُه كذلك قَولُ الشَّاعِر:
إِنْ هُوَ مُسْتَوْلِيًا على أحدٍ
إلَّا على أضْعَفِ المجانينِ
إنْ: حَرفُ نفيٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ، يعمَلُ عَمَلَ (ليس)، هو: ضميرٌ بارِزٌ مُنفَصِلٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ في مَحَلِّ رَفعٍ اسمُ (إنْ)، مُستَولِيًا: خَبَرُ (إنْ) منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ
ولا يُشترَطُ في اسمِها وخَبَرها أن يكونا نَكِرَتين، بل تعمَلُ في النَّكِرةِ والمَعرِفةِ؛ فتَقولُ: إنْ رجُلٌ قائمًا، وإنْ زيدٌ القائِمَ، وإنْ زيدٌ قائِمًا
يُنظَر: ((الجنى الداني في حروف المعاني)) للمرادي (ص: 209)، ((شرح ابن عقيل)) (319)، ((تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد)) لناظر الجيش (3/ 1213). .