الفَصلُ الثَّامِنَ عَشَرَ: ابنُ الأعْرَابِيِّ (ت: 231 هـ)
أبو عبدِ اللهِ مُحَمَّد بن زِيَادٍ ابنُ الأعْرَابِي، كوفيُّ الأصلِ، البصريُّ، الهَاشِمِي مَوْلَاهم، الأَحْوَل، النَّسَّابَة، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ.
مَولِدُه:وُلِد بالكُوفَة سَنةَ خمسينَ ومِائةٍ في الليلةِ التي مات فيها
أبو حنيفةَ النعمان.
مِن مشايخِه:أبو مُعاويةَ الضَّرِيرُ، والقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، و
الكِسَائِيُّ، والمفضَّلُ الضَّبِّيُّ.
ومِن تَلامِذَتِه:إبراهيمُ الحَرْبِي، وعُثْمَان الدَّارِمِي، وأبو العبَّاس ثَعْلَبٌ، وأبو شُعَيْب الحَرَّانِي، وابن السِّكِّيت.
مَنزِلتُه ومكانتُه:كان ابنُ الأعْرَابِيِّ رحمه الله إمامًا في اللُّغَةِ والنَّحْو، كثيرَ السَّمَاع، رَاوِيةً لأشْعَار القَبَائِل، كَثِيرَ الحِفْظ؛ لم يُرَ أحدٌ في عِلْم الشِّعْر أغْزَرَ منه.
عَقيدتُه:قال الأزهَريُّ: (كان رَجُلًا صالحًا وَرِعًا زاهِدًا صَدُوقًا)
[175] ينظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (1/18). . وقال
الذَّهَبيُّ: (كان صَاحِبَ سُنَّةٍ واتِّبَاعٍ)
[176] ينظر: ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (10/ 688). .
قال
داودُ بنُ عليٍّ: كنَّا عند ابنِ الأعرابيِّ، فأتاه رجلٌ، فقال: يا أبا عبدِ اللهِ، ما معنى قولِ الله تعالى:
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] ؟ قَالَ: هو على عَرْشِه كما أخبر. قَالَ الرجلُ: ليس كذاك هو يا أبا عبدِ اللهِ، إنما معنى قوله:
اسْتَوَى: استولى. فقال ابنُ الأعرابي: اسكُتْ، ما يدريك ما هذا؟ العَرَبُ لا تقولُ للرَّجُلِ: استولى على الشَّيءِ حتى يكونَ له فيه مُضادٌّ، فأيُّهما غلب قيل: استولى عليه، واللهُ لا مُضادَّ له، وهو على عَرْشِه كما أخبر، والاستيلاءُ بَعْد المغالَبةِ
[177] ينظر: ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (3/ 201). .
ونقَلَ عنه
اللَّالكائيُّ بسَندِه أنَّه قال: (ما رأَيتُ قومًا أكذَبَ على اللُّغةِ مِن قَومٍ يَزعُمون أنَّ القرآنَ مَخلوقٌ)
[178] ينظر: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) للالكائي (2/ 404). .
ومِن شِعْرِه:رُبَّ قَومٍ قد غَدَوا في نِعمةٍ
زَمَنًا والدَّهرُ رَيَّانُ غَدَقْ
سَكَت الدَّهرُ زمانًا عنهم
ثم أبكاهم دمًا حين نَطَقْ
مُصنَّفاتُه:مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((أسماء الخيل وفرسانها))، وكتاب: ((الفاضل))، وكتاب: ((أبيات المعاني)).
وفاتُه:تُوفِّي رحمه الله سَنةَ إحدى وثلاثينَ ومائَتَينِ بِسُرَّ مَن رأى. وقيل: سَنةَ ثلاثينَ ومائَتَينِ
[179] يُنظَر: ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 195)، ((نزهة الألباء في طبقات الأدباء)) لكمال الدين الأنباري (ص 119)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحَمَوي (6/ 2530)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (3/ 128)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (4/ 306)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (10/ 687)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (3/ 66)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 264)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (1/ 105). .