ويَعمَلُ المَصْدَرُ عَمَلَ الفِعْلِ في ثلاثةِ أحوالٍ:
1- إذا كان مضافًا.
2- إذا كان مُنوَّنًا.
3- إذا كان محلًّى بـ(أل).
وهذا الترتيبُ من حيثُ كَثرةُ العَمَلِ وقِلَّتُه؛ فأكثَرُها عملًا المَصْدَرُ المضافُ، ثم المنوَّنُ، ثم المحلَّى بـ(أل).
أولًا: يعمَلُ المَصْدَرُ عَمَلَ الفِعْلِ إذا كان مُضافًا. تَقولُ: أغضَبني ضَربُ زَيدٍ عَمْرًا؛ فإنَّه يَصِحُّ مَوقِعَها: أغضبني أن يَضرِبَ زَيدٌ عَمْرًا.
أغضبني: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، والياءُ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعولٌ به.
ضربُ: فاعِلٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
زيدٍ: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
عَمْرًا: مفعولٌ به للمَصْدَرِ "ضرْب" منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
والمَصْدَرُ المُضافُ إمَّا أن يضافَ إلى المفعولِ أو إلى الفاعِلِ؛ فإن أُضِيف إلى الفاعِلِ نَصَب المفعولَ بَعْدَه، ويكونُ الفاعِلُ مضافًا مجرورًا لفظًا، مرفوعًا في المعنى. مِثْلُ: أغضبني ضرْبُ زَيدٍ عَمْرًا؛ فإن "زيد" هو الفاعِلُ أصلًا؛ فهو الضَّارِبُ؛ ولهذا كان مضافًا إليه مجرورًا لفظًا في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
أو يُضافَ إلى المفعولِ، ويَرفَع الفاعِلَ بَعْدَه، ويكون المفعولُ مُضافًا مجرورًا لفظًا منصوبًا محلًّا، مِثلُ: بلغني تطليقُ هندٍ زَيدٌ؛ فإن (هندًا) هنا مفعولٌ أصلًا، فالتقديرُ: بلَغَني أنْ طلَّق هِندًا زيدٌ.
بلغني: (بلغ) فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، والياءُ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ نصبٍ مفعولٌ به.
تطليقُ: فاعِلٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
هندٍ: مُضافٌ إليه مجرورٌ لفظًا، وعَلامةُ جَرِّه الكسرةُ، منصوبٌ محلًّا على أنَّه مَفعولٌ به للمَصدَرِ.
زيدٌ: فاعِلُ "تطليق" مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
ومنه قول النبي: «وحَجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليه سبيلًا »، وقول الشَّاعِر:
تنْفي يَداها الحَصَى في كلِّ هاجرةٍ
نفْيَ الدَّراهيمِ تَنقادُ الصَّياريفِ
لكنَّ إضافةَ المَصْدَرِ إلى المفعولِ ورفْعِ الفاعِلِ قليلٌ، وإن كان يَكثُرُ إضافةُ المَصْدَرِ لِمَفعولِه لكِنْ مع حذفِ الفاعِلِ؛ كقَولِه تعالى: قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ [ص: 24] ، فأُضيف المَصْدَر (سؤال) إلى المفعولِ (نعْجتَك)، وحُذفَ الفاعِل، أي: هو.
ثانيًا: يَعمَلُ المَصْدَرُ إذا كان مُنَوَّنًا، ومنه قَولُه تعالى: أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا [البلد: 14، 15].
إطعامٌ: معطوفٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
في: حَرفُ جَرٍّ مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
يومٍ: اسمٌ مَجرورٌ بـ(في)، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
ذي: نعت مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الياءُ؛ لأنَّه من الأسماءِ السِّتَّةِ.
مسغبةٍ: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
يتيمًا: مَفعولٌ به للمَصدَرِ مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
بضرْبٍ بالسُّيوفِ رُؤوسَ قومٍ
أزَلْنا هامَهُنَّ عن المَقيلِ
فنصب (رؤوسَ) على المفعوليَّةِ للمَصْدَرِ (ضرْب).
ثالثًا: يَعمل المَصْدَر مُعرَّفًا بـ(أل)، وهو قليلٌ، ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
ضَعيفُ النِّكايةِ أعداءَه
يخالُ الفِرارَ يُراخي الأجَل
ضعْيف: مُبتَدَأٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
النِّكاية: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
أعداءَه: مَفعولٌ به للمَصدَرِ مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ، والهاءُ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.