الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: الصُّلحُ مَعَ سُكوتِ المُدَّعى عليه


يَجوزُ الصُّلحُ مَعَ سُكوتِ المُدَّعى عليه [155] كأن يَقولَ شَخصٌ لآخَرَ: أنا أُطالِبُك بمِئةِ ألفِ ريالٍ، فيَسكُتُ، فلَم يُقِرَّ ولَم يُنكِرْ، ثُمَّ يُصالحُ بمالٍ عِوضًا عَن مِئةِ ألفٍ. يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/240). ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [156] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/30/31)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/40). ، والمالِكيَّةِ [157] ((الكافي)) لابن عبد البر (2/878)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/354)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (3/312)، ((منح الجليل)) لعليش (6/135). ، والحَنابِلةِ [158] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/397، 398)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/139). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء: 128] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
وصَف اللهُ تَعالى جِنسَ الصُّلحِ بالخَيريَّةِ، ومَعلومٌ أنَّ الباطِلَ لا يوصَفُ بالخَيريَّةِ، فكان كُلُّ صُلحٍ مَشروعًا بظاهرِ هذا النَّصِّ إلَّا ما خُصَّ بدَليلٍ [159] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/40). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الصُّلحُ جائِزٌ بَينَ المُسلِمينَ إلَّا صُلحًا أحَلَّ حَرامًا أو حَرَّمَ حَلالًا)) [160] أخرجه البخاريُّ معلَّقًا بصيغةِ الجزمِ مختصَرًا قبلَ حديثِ (2274)، وأخرجه موصولًا أبو داود (3594) واللفظ له، وأحمد (8784) مختصَرًا. صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (5091)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3594)، وقال ابنُ القَطَّانِ في ((الوهم والإيهام)) (5/211): ينبغي أن يقالَ فيه: حَسَنٌ، وصحَّح إسنادَه عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ في ((الأحكام الصغرى)) (718)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (16/319)، وقال النَّوويُّ في ((المجموع)) (9/376): إسنادُه حَسَنٌ أو صحيحٌ. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الصُّلحَ على السُّكوتِ لا يُحِلُّ حَرامًا ولا يُحَرِّمُ حَلالًا، فيَجوزُ [161] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/240). .

انظر أيضا: