الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: حُكمُ الإبراءِ


يجوزُ الإبراءُ.
الأدِلَّةُ:
أولًا: من الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء: 92] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ إبراءٌ مِنَ الدِّيةِ بلَفظِ الصَّدَقةِ [252] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/47، 48). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ كَعب بنِ مالِكٍ: ((أنَّ جابِرَ بنَ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أخبَرَه أنَّ أباه قُتِلَ يَومَ أُحُدٍ شَهيدًا، فاشتَدَّ الغُرَماءُ في حُقوقِهم، فأتَيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فكَلَّمتُه، فسَألَهم أن يَقبَلوا ثَمَرَ حائِطي ويُحَلِّلوا أبي فأبَوا ...)) [253] أخرجه البخاري (2601). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَلالةٌ على جَوازِ الإبراءِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سَألَ غُرَماءَ والِدِ جابرٍ أن يَقبَلوا ثَمَرَ حائِطِه وأن يُحَلِّلوه، فلو قَبِلوا كان في ذلك بَراءةُ ذِمَّتِه مِن بَقيَّةِ الدَّينِ، ولو لَم يَكُنْ جائِزًا لَما طَلَبَه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم [254] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر العسقلاني (5/224). .
ثالثًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ [255] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعوا على أنَّ الرَّجُلَ إذا وهَبَ مالَه على رَجُلٍ مِنه، وأبرَأه وقَبِلَ البَراءةَ: أنَّ ذلك جائِزٌ). ((الإجماع)) (ص: 113). ، وابنُ بطَّالٍ [256] قال ابنُ بَطَّالٍ: (لا خِلافَ بَينَ العُلَماءِ أنَّ مَن كان عليه دَينٌ لرَجُلٍ، فوهَبَه له رَبُّه، أو أبرَأه مِنه وقَبِلَ البَراءةِ؛ أنَّه لا يَحتاجُ فيه إلى قَبضٍ؛ لأنَّه مَقبوضٌ في ذِمَّتِه). ((شرح صحيح البخاري)) (7/119). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر العسقلاني (5/224). ، وابنُ حَزمٍ [257] قال ابنُ حَزمٍ: (اتَّفقوا أنَّ مَن كان له عِند آخَرَ حَقٌّ واجِبٌ مَعروفُ القَدْرِ غَيرُ مُشاعٍ، فأسقَطَه عنه بلَفظِ الوضعِ والإبراءِ؛ أنَّ ذلك جائِزٌ لازِمٌ للواضِعِ المُبرِئِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 96). .

انظر أيضا: