الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالثُ: مُلازَمةُ الغُرَماءِ للمُفَلَّسِ


لا يَجوزُ مُلازَمةُ الغَريمِ للمُفلَّسِ [784] ملازمةُ الغريمِ للمُفلِسِ: هو أن يدورَ معه حيثما دار، ولا يفارِقَه في موضِعٍ. ومعناه: أن يكونَ معه الغريمُ ويُنظَرَ في كَسبِه وما يستفيدُه، فيَترُكَ له مقدارَ القُوتِ ويأخُذَ الباقي منه قضاءً لدَينِه. يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (2/201)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/200)، ((البناية)) للعيني (11/123). إذا ثَبَت إعسارُه، بل يُنظَرُ إلى مَيسَرةٍ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [785] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (5/499)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (3/280)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (6/54). ، والشَّافِعيَّةِ [786] ((الأم)) للشافعي (3/217)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/156)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/333). ، والحنابِلةِ [787] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهوتي (2/158)، ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/420)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/371). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة: 280] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
إذا ثَبَتَ إعسارُه لم يَجُزْ حَبسُه ولا مُلازَمتُه، بل يُمهَلُ حتَّى يُوسِرَ [788] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/201)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/333). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي سَعيدٍ قال: أُصيبَ رَجُلٌ في عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ثِمارٍ ابتاعَها، فكَثُرَ دَينُه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((تصَدَّقوا عليه، فتَصَدَّقَ النَّاسُ عليه، فلم يَبلُغْ ذلك وفاءَ دَينِه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لغُرَمائِه: خُذوا ما وجَدتُم، وليس لكُم إلَّا ذلك)) [789] أخرجه مسلم (1556). .
ثالثًا: لأنَّ المُعسِرَ ليس لغُرَمائِه مُطالبتُه بالدَّينِ، ومَن لا تَلزَمُ مُطالبتُه بالدَّينِ لم تَجِبْ مُلازَمتُه، كالذي عليه دَينٌ مُؤَجَّلٌ [790] يُنظر: ((المعونة على مذهب عالم المدينة)) للقاضي عبد الوهاب (1183)، ((الشرح الكبير على متن المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (4/462). .
رابعًا: لأنَّ الحَبسَ لمَّا زال عنه لثُبوتِ عُسرَتِه، فكذلك المُلازَمةُ تَزولُ عنه [791] يُنظر: ((المعونة على مذهب عالم المدينة)) للقاضي عبد الوهاب (1183). .

انظر أيضا: