الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالثُ: حُكمُ السِّباقِ


السِّباقُ من حيثُ الأصلُ جائِزٌ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم سابَقَ بَينَ الخَيلِ التي أُضمِرَت [909] إضمارُ الخَيلِ: هو أن تُعلَفَ الخَيلُ حَتَّى تَسمَنَ وتَقْوى، ثُمَّ يُقَلَّلَ عَلَفُها بقَدرِ القُوتِ وتَدخُلَ بَيتًا وتُغشى بالغِطاءِ حَتَّى تَحمى فتَعرَقَ، فإذا جَفَّ عَرَقُها خَفَّ لَحمُها وقَويَت على الجَريِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (6/72). مِنَ الحَفْياءِ [910] الحَفْياءُ: مَوضِعٌ بالقُربِ مِنَ المدينةِ. يُنظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (1/424). وأَمَدُها ثَنيَّةُ الوَداعِ [911] ثَنيَّةُ الوَداعِ: مَوضِعٌ بالقربِ مِنَ المدينةِ، يُنظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (1/424). ، وسابَق بَينَ الخَيلِ التي لَم تُضمَرْ مِنَ الثَّنيَّةِ إلى مَسجِدِ بَني زُرَيقٍ))، وأنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه كان فيمَن سابَقَ بها [912] أخرجه البخاري (420) واللفظ له، ومسلم (1870). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ فيه مَشروعيَّةُ المُسابَقةِ وأنَّها لَيسَت مِنَ العَبَثِ، بَل مِنَ الرِّياضةِ المَحمودةِ الموصِلةِ إلى تَحصيلِ المَقاصِدِ في الغَزوِ والانتِفاعِ بها عِندَ الحاجةِ. وهيَ دائِرةٌ بَينَ الاستِحبابِ والإباحةِ بحَسَبِ الباعِثِ على ذلك [913] يُنظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/87). .
2- عن لِمَازةَ بنِ زَبَّارٍ قال: ((أُرسِلَتِ الخَيلُ زَمَنَ الحَجَّاجِ، فقُلْنا: لَو أتَينا الرِّهانَ، قال: فأتَيناه ثُمَّ قُلنا: لَو أتَينا إلى أنَسِ بنِ مالكٍ فسَألناه: هَل كُنتُم تُراهِنونَ على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: فأتَيناه فسَألناه، فقال: نَعَم، لَقد راهَنَ على فرَسٍ له يُقالُ له سَبْحةُ، فسَبَقَ النَّاسَ، فهَشَّ لذلك وأعجَبَه)) [914] أخرجه أحمد (12627) واللفظ له، والدارمي (2430)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8850). حسَّنه الألباني في ((غاية المرام)) (391)، وجوَّد إسنادَه ابنُ القيم في ((الفروسية)) (165)، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (12627)، ووثَّق رجالَه الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/266). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَلالةٌ على جَوازِ المُسابَقةِ بَينَ الخَيلِ بعِوَضٍ مِنَ المُتَسابقَينِ [915] يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (13/14). .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ [916] قال ابنُ حَزمٍ: (اتَّفقوا على إباحةِ المُسابَقةِ بالخَيلِ والإبِلِ... واتَّفَقوا على استِحسانِ الرَّميِ وتَعَلُّمِه والمُناضَلةِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 157) ، والعِمْرانيُّ [917] قال العِمرانيُّ: (أجمَعَتِ الأُمَّةُ على جَوازِ المُسابَقةِ). ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) (7/ 418). ، وابنُ قُدامةَ [918]  قال ابنُ قُدامةَ: (أجمَعَ المُسلِمونَ على جَوازِ المُسابَقةِ في الجُملةِ). ((المغني)) (9/466). ، والزَّركَشيُّ [919]  قال الزَّركَشيُّ: (الأصلُ في مَشروعيَّةِ ذلك [السَّبقِ والرَّميِ]: الإجماعُ). ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (7/56). ، وابنُ حَجَرٍ الهَيتميُّ [920] قال ابنُ حَجَرٍ الهَيتَميُّ: (كِتابُ المُسابَقةِ والمُناضَلةِ. والأصلُ فيهما قَبلَ الإجماعِ ...). ((تحفة المحتاج)) (9/397). ، والبُهوتيُّ [921] قال البُهوتيُّ: (أجمَعَ المُسلِمونَ على جَوازِها [أي: المُسابَقةِ] في الجُملةِ). ((شرح منتهى الإرادات)) (2/277). ، والرُّحَيبانيُّ [922] قال الرُّحَيبانيُّ: (أجمَعَ المُسلِمونَ على جَوازِها [أي: المُسابَقةِ] في الجُملةِ). ((مطالب أولي النهى)) (3/699). .
ثالثًا: لأنَّ الغُزاةَ يَحتاجونَ إلى رياضةِ خَيلِهم وأنفُسِهم، والتَّعليمُ للكَرِّ والفَرِّ مُباحٌ [923] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/227). .

انظر أيضا: