الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابعُ: هَل عَقدُ السِّباقِ عَقدٌ لازِمٌ أو جائِزٌ؟


عَقدُ السِّباقِ عَقدٌ جائِزٌ بَينَ المُتَسابقَينِ، لكُلٍّ مِنهما فَسخُه قَبلَ الشُّروعِ في السِّباقِ [924] قال ابنُ قُدامةَ: (فأمَّا بَعدَ الشُّروعِ في المُسابَقةِ، فإن كان لَم يَظهَرْ لأحَدِهما فضلٌ على الآخَرِ جازَ الفَسخُ لكُلِّ واحِدٍ مِنهما، وإن ظَهَرَ لأحَدِهما فضلٌ، مِثلُ أن يَسبِقَه بفرَسِه في بَعضِ المُسابَقةِ، أو يُصيبَ بسِهامِه أكثَرَ مِنه، فللفاضِل الفَسخُ، ولا يَجوزُ للمَفضولِ؛ لأنَّه لَو جازَ له ذلك لَفاتَ غَرَضُ المُسابَقةِ؛ لأنَّه مَتى بانَ له سَبْقُ صاحِبِه له فسَخَها، وتَرَكَ المُسابَقةَ، فلا يَحصُلُ المَقصودُ). ((المغني)) (9/468). ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [925] ((التجريد)) للقدوري (12/6391)، ((الدر المختار)) للحصكفي (6/402). ، والحَنابِلةِ [926] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/191))، (مطالب أولي النهى)) للرحيباني (3/453). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/468). ، وقَولٌ للشَّافِعيَّةِ [927] ((النجم الوهاج)) للدميري (9/589)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/267). ، وهو اختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [928] قال ابنُ تيميَّةَ: (أبو حَنيفةَ أباحَ السَّبْقَ بالمُحَلِّلِ، كما يُبيحُه في سِباقِ الخَيلِ بناءً على أنَّ العَمَلَ بنَفسِه مُباحٌ، والسَّبَقُ عِندَه مِنَ الجَعالةِ، والجَعالةُ تَجوزُ على العَمَلِ المُباحِ، والذي قاله هو القياسُ، ولَو كان السَّبَقُ مِن جِنسِ الجَعالةِ فإنَّ النَّاسَ قد تَنازَعوا في جَوازِ الجَعالةِ، وأبطَلَها طائِفةٌ مِنَ الظَّاهريَّةِ. والصَّوابُ الذي عليه الجُمهورُ جَوازُها، وليست عَقدًا لازِمًا). ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (4/62). ، وابنِ القَيِّمِ [929] قال ابنُ القَيِّمِ: (عَقدُ الرِّهانِ عَقدٌ قائِمٌ بنَفسِه، فإن قيلَ: هَل العَقدُ هو مِن بابِ الإجاراتِ، أو مِن بابِ الجَعالاتِ، أو مِن بابِ المُشارَكاتِ، أو مِن بابِ النُّذورِ والالتِزاماتِ، أو مِن بابِ العِدَاتِ والتَّبَرُّعاتِ، أو عَقدٌ مُستَقِلٌّ بنَفسِه قائِمٌ برَأسِه خارِجٌ عن هذه العُقودِ؟ فالجَوابُ: أنَّه عَقدٌ مُستَقِلٌّ بنَفسِه قائِمٌ برَأسِه غَيرُ داخِلٍ في شيءٍ من هذه العُقودِ؛ لانتِفاءِ أحكامِها عنه... فأمَّا بُطلانُ كَونِه مِن عُقودِ الإجاراتِ فمِن وُجوهٍ؛ أحَدُها: أنَّه عَقدٌ جائِزٌ لكُلٍّ مِنهما فَسخُه قَبلَ الشُّروعِ في العَمَلِ، بخِلافِ الإجارةِ). ((الفروسية)) (ص: 285- 286). ، وابنِ عُثَيمين [930] قال ابنُ عُثَيمين: (قَولُه: «جَعالةٌ لكُلِّ واحِدٍ فَسخُها» يَعني أنَّها لَيسَت مِنَ العُقودِ اللَّازِمةِ، بَل هيَ مِنَ العُقودِ الجائِزةِ، فهيَ تُشبِهُ الجَعالةَ، والجَعالةُ: هيَ أن يَجعَلَ الإنسانُ شَيئًا مَعلومًا لمَن يَعمَلُ له عَمَلًا مَعلومًا، مِثلُ أن يَقولَ: مَن رَدَّ ضالَّتي فلَه ألفُ ريالٍ، والسَّبَقُ مِن هذا الجِنسِ، وقَولُه: «لكُلِّ واحدٍ» أي: مِنَ المُتَسابقَينِ، «فَسخُها»، ويُشتَرَطُ لذلك ألَّا يَظهَرَ الفضلُ لأحَدِهما، فإن ظَهَرَ الفَضلُ لأحَدِهما فإنَّه يَمتَنِعُ على صاحِبِه أن يَفسَخَ؛ لئَلَّا يُؤَدِّي إلى التَّلاعُبِ، فمَثَلًا إذا كانتِ الإصابةُ تِسعةً مِن عَشرةٍ، ثُمَّ إنَّ صاحِبَه أخذ ثَلاثةً وهو أخَذ خَمسةً، فلا يَجوزُ لصاحِبِ الثَّلاثةِ أن يَفسَخَ، ويَجوزُ لصاحِبِ الخَمسةِ أن يَفسَخَ؛ لأنَّه ظَهَرَ له الفَضلُ). ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (10/104). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه عَقدٌ على ما لا تَتَحَقَّقُ القُدرةُ على تَسليمِه، فكان جائِزًا كرَدِّ الآبِقِ؛ وذلك لأنَّه عَقدٌ على الإصابةِ، ولا يَدخُلُ تَحتَ قُدرَتِه [931] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/468)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/312). .
ثانيًا: قياسًا على الجَعالةِ [932] يُنظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (6/402)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/267). .








انظر أيضا: