الموسوعة الفقهية

الفَصلُ السَّادِسُ: المُصارَعةُ الحُرَّةُ


لا تَجوزُ المُصارَعةُ الحُرَّةُ [1134] المُصارَعةُ الحُرَّةُ: هيَ لُعبةٌ وحشيَّةٌ هَمَجيَّةٌ يَتَقابَلُ فيها مُتَصارِعانِ، يَسعى كُلٌّ مِنهما للنَّيلِ مِن خَصمِه والإطاحةِ به بكافَّةِ الأساليبِ مِن ضَربٍ أو رَكلٍ أو رَميٍ، ونَحوِها مِن أساليبَ مَشروعةٍ وغَيرِ مَشروعةٍ؛ ليَتَحَقَّقَ له الفوزُ، وتُسَمَّى المُصارَعةَ الأمريكيَّةَ؛ لأنَّ بدايَتَها كانت في أمريكا. يُنظر: ((موسوعة الألعاب الرياضية والشعبية)) لعلي حميدي صقر (ص: 129)، نقلًا عن: ((الألعاب الرياضية أحكامها ضوابطها)) لخالد كنو (ص154). ، وبه صَدرَ قَرارُ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ [1135] جاءَ في قَراراتِ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ برابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ القَرارُ رَقْمُ: 50 (3/10) بشَأنِ مَوضوعِ المُلاكَمةِ والمُصارَعةِ الحُرَّةِ ومُصارَعةِ الثِّيرانِ، التَّالي: (فإنَّ مَجلِسَ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ برابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ في دَورَتِه العاشِرةِ المُنعَقِدةِ بمَكَّةَ المُكَرَّمةِ في الفترةِ مِن يَومِ السَّبتِ 24 صَفَر 1408هـ الموافِق 17 أُكتوبَر 1987م إلى يَومِ الأربعاءِ 28 صَفَر 1408هـ الموافِق 21 أُكتوبَر 1987م قد نَظَرَ في مَوضوعِ المُلاكَمةِ والمُصارَعةِ الحُرَّةِ مِن حَيثُ عَدُّهما رياضةً بَدَنيَّةً جائِزةً، وكَذا في مُصارَعةِ الثِّيرانِ المُعتادةِ في بَعضِ البلادِ الأجنَبيَّةِ، هَل تَجوزُ في حُكمِ الإسلامِ أو لا تَجوزُ؟ وبَعدَ المُداوَلةِ في هذا الشَّأنِ مِن مُختَلِفِ جَوانِبِه... قَرَّرَ مَجلِسُ المَجمَعِ ما يَلي: أوَّلًا: المُلاكَمةُ: يَرى مَجلِسُ المَجمَعِ بالإجماعِ أنَّ المُلاكَمةَ المَذكورةَ التي أصبَحَت تُمارَسُ فِعلًا في حَلَباتِ الرِّياضةِ والمُسابَقةِ في بلادِنا اليَومَ هيَ مُمارَسةٌ مُحَرَّمةٌ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ... ثانيًا: المُصارَعةُ الحُرَّةُ: وأمَّا المُصارَعةُ الحُرَّةُ التي يَستَبيحُ فيها كُلٌّ مِنَ المُتَصارِعَينِ إيذاءَ الآخَرِ والإضرارَ به، فإنَّ المَجلِسَ يَرى فيها عَمَلًا مُشابهًا تَمامَ المُشابَهةِ للمُلاكَمةِ المَذكورةِ وإنِ اختَلَفتِ الصُّورةُ؛ لأنَّ جَميعَ المَحاذيرِ الشَّرعيَّةِ التي أُشيرَ إليها في المُلاكَمةِ مَوجودةٌ في المُصارَعةِ الحُرَّةِ التي تُجرى على طَريقةِ المُبارَزةِ وتَأخُذُ حُكمَها في التَّحريمِ). ((قَراراتُ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ لرابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ - قرار رقم: 50 «3/10» بشَأنِ مَوضوعِ المُلاكَمةِ والمُصارَعةِ الحُرَّةِ ومُصارَعةِ الثِّيرانِ)). ، وأفتَت به اللَّجنةُ الدَّائِمةُ بالسُّعوديَّةِ [1136] جاءَ في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائِمةِ التَّالي: (أمَّا ما لا يُستَعانُ به في الحُروبِ، كاللَّعِبِ بكُرةِ القَدَمِ، والمُلاكَمةِ، والمُصارَعةِ، فلا يَجوزُ إن كان بجَوائِزَ للفائِزِ، وإن كان بغَيرِ جَوائِزَ جاز مِنه ما لا يَشغَلُ عن واجِبٍ، ولا يوقِعُ في مُحرَّمٍ، ولا يَنشَأُ عنه ضَرَرٌ، وإلَّا حُرِّمَ. وباللهِ التَّوفيقُ، وصَلَّى اللهُ على نَبيِّنا مُحَمَّدٍ وآلِه وصَحبِه وسَلَّمَ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (15/194). ، وابنُ بازٍ [1137] قال ابنُ بازٍ: (أمَّا المُصارَعةُ: يَضرِبُ حَيثُ أرادَ؛ مِن ظَهرِه، ومِن رَأسِه، ومِن كَذا، هذه ما تَجوزُ، هذه خَطَرٌ). ((الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)). ، وابنُ عُثَيمين [1138] قال ابنُ عُثَيمين: (وكَذلك المُصارَعةُ فيما لا ضَرَرَ فيه، فإنِ اشتَمَلَ على ضَرَرٍ كان حَرامًا، ليس لأنَّه بدعةٌ، بَل لِما فيه مِنَ الضَّرَرِ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (5/262) .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قَولُه تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195] .
2- قَولُه سبحانه وتعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء: 29] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ في المُصارَعةِ الحُرَّةِ إيذاءَ كُلٍّ مِنَ المُتَغالبَينِ للآخَرِ إيذاءً بالغًا في جِسمِه قد يَصِلُ إلى المَوتِ [1139] يُنظر: ((قَراراتُ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ لرابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ - قرار رقم: 50 «3/10» بشَأنِ مَوضوعِ المُلاكَمةِ والمُصارَعةِ الحُرَّةِ ومُصارَعةِ الثِّيرانِ)). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
قَولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ)) [1140] أخرجه ابنُ ماجه (2340)، وعبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (22778) من حديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه. صحَّحه ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (2/211)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2340)، وحسَّنه النووي في ((الأذكار)) (502)، وقال الشوكاني في ((الدراري المضية)) (285): مشهورٌ. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ في المُصارَعةِ الحُرَّةِ إيذاءَ كُلٍّ مِنَ المُتَصارِعَينِ للآخَرِ والإضرارَ به [1141] يُنظر: ((قَراراتُ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ لرابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ - قرار رقم: 50 «3/10» بشَأنِ مَوضوعِ المُلاكَمةِ والمُصارَعةِ الحُرَّةِ ومُصارَعةِ الثِّيرانِ)). .
ثالثًا: لأنَّها تَقومُ على أساسِ استِباحةِ إيذاءِ كُلٍّ مِنَ المُتَغالِبَينِ للآخَرِ إيذاءً بالغًا في جِسمِه قد يَصِلُ به إلى العَمى أوِ التَّلَفِ الحادِّ أوِ المُزمِنِ في المُخِّ، أو إلى الكُسورِ البَليغةِ، أو إلى المَوتِ، دونَ مَسئوليَّةٍ على الضَّارِبِ [1142] يُنظر: ((قَراراتُ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ لرابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ - قرار رقم: 50 «3/10» بشَأنِ مَوضوعِ المُلاكَمةِ والمُصارَعةِ الحُرَّةِ ومُصارَعةِ الثِّيرانِ)). .
رابعًا: لِما فيها مِن كَشفِ العَوراتِ، وإهدارِ الكَراماتِ، وارتِكابِ المُحرَّماتِ [1143] يُنظر: ((موسوعة الفقه الإسلامي)) للتويجري (3/608). .

انظر أيضا: