الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الثَّامِنُ: المُلاكَمةُ


لا تَجوزُ المُلاكَمةُ [1150] وهيَ مِنَ الألعابِ الحَديثةِ التي يَتَغالَبُ فيها المُتَسابقانِ بوحشيَّةٍ بكُلِّ الأساليبِ؛ مِن ضَربٍ ورَكلٍ ورَميٍ؛ ليَتَحَقَّق له الفَوزُ، ضِمنَ قَواعِدَ مُعَيَّنةٍ. ، صَدَر بذلك قَرارُ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ [1151] جاءَ في قَراراتِ المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ، الآتي: (يَرى مَجلِسُ المَجمَعِ بالإجماعِ أنَّ المُلاكَمةَ المَذكورةَ التي أصبَحَت تُمارَسُ فِعلًا في حَلَباتِ الرِّياضةِ والمُسابَقةِ في بلادِنا اليَومَ هيَ مُمارَسةٌ مُحَرَّمةٌ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ؛ لأنَّها تَقومُ على أساسِ استِباحةِ إيذاءِ كُلٍّ مِنَ المُتَغالِبَينِ للآخَرِ إيذاءً بالغًا في جِسمِه، قد يَصِلُ به إلى العَمى، أوِ التَّلَفِ الحادِّ أوِ المُزمِنِ في المُخِّ، أو إلى الكُسورِ البَليغةِ، أو إلى المَوتِ، دونَ مَسئوليَّةٍ على الضَّارِبِ، مَعَ فرَحِ الجُمهورِ المُؤَيِّدِ للمُنتَصِرِ، والابتِهاجِ بما حَصَلَ للآخَرِ مِنَ الأذى، وهو عَمَلٌ مُحَرَّمٌ مَرفوضٌ كُلِّيًّا وجُزئيًّا في حُكمِ الإسلامِ؛ لقَولِه تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195] ، وقَولِه تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء: 29] ). ((المَجمَعُ الفِقهيُّ الإسلاميُّ لرابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ في دَورَتِه العاشِرةِ المُنعَقِدةِ بمَكَّةَ المُكَرَّمةِ في الفترةِ مِن يَومِ السَّبتِ 24 صَفَر 1408هـ، الموافِق 17 أُكتوبَر 1987م، إلى يَوم الأربعاءِ 28 صِفر 1408هـ الموافِق 21 أُكتوبَر 1987م)). ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [1152] جاءَ في فتوى اللَّجنةِ الدَّائِمةِ: (أمَّا المُلاكَمةُ نَفسُها فلا تَجوزُ؛ لِما يَتَرَتَّبُ عليها مِنَ الخَطَرِ العَظيمِ على اللَّاعِبينِ أو أحَدِهما، واللهُ يَقولُ سُبحانَه: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ، ويَقولُ سُبحانَه: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، ويَقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ»، أمَّا إخراجُ الفَخِذِ وباقي العَورةِ فلا يجوزُ). ((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (15/199). وجاءَ في فتوى لَهم أيضًا: (المُلاكَمةُ لا تَجوزُ؛ لِما فيها مِنَ الأخطارِ على الإنسانِ، واللهُ تعالى يَقولُ: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ، ويَقولُ سُبحانَه: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا؛ ففي المُلاكَمةِ ضَرَرٌ عَظيمٌ مِن غَيرِ مَصلَحةٍ راجِحةٍ، وما كان كذلك فهو حَرامٌ، والواجِبُ عليك تَركُ هذه الرِّياضةِ الضَّارَّةِ، والانصِرافُ إلى ما فيه مَصلَحةٌ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (26/296). ، ومحمَّدُ بنُ إبراهيمَ آل الشَّيخِ [1153] قال مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ آل الشَّيخِ: (المُلاكَمةُ هيَ صَفعٌ وضَربٌ لا يَجوزُ؛ لِما جاءَ في حُرمةِ المُسلمِ، وهيَ مُقاتَلةٌ). ((فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ)) (8/131). ، وابنُ بازٍ [1154] قال ابنُ بازٍ: (المُلاكَمةُ ومُصارَعةُ الثِّيرانِ مِنَ المُحَرَّماتِ المُنكَرةِ لِما في المُلاكَمةِ مِنَ الأضرارِ الكَثيرةِ والخَطَرِ العَظيمِ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/411). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قَولُه تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195] .
2- قَولُه سبحانه وتعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء: 29] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ في المُلاكَمةِ إيذاءَ كُلٍّ مِنَ المُتَغالِبَينِ للآخَرِ إيذاءً بالغًا في جِسمِه [1155] يُنظر: قَرارُ ((المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ لرابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ في دَورَتِه العاشِرةِ المُنعَقِدةِ بمَكَّةَ المُكَرَّمةِ في الفترةِ مِن يَومِ السَّبتِ 24 صَفَر 1408هـ، الموافِق 17 أُكتوبَر 1987م، إلى يَومِ الأربعاءِ 28 صَفَر 1408هـ الموافِق 21 أُكتوبَر 1987م)). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
قَولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ)) [1156] أخرجه ابنُ ماجه (2340)، وعبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (22778) من حديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه. صحَّحه ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (2/211)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2340)، وحسَّنه النووي في ((الأذكار)) (502)، وقال الشوكاني في ((الدراري المضية)) (285): مشهورٌ. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في المُلاكَمةِ ضَرَرٌ عَظيمٌ مِن غَيرِ مَصلَحةٍ راجِحةٍ، وما كان كذلك فهو حَرامٌ [1157] يُنظر: ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (15/199). .
ثالثًا: لأنَّها تَقومُ على أساسِ استِباحةِ إيذاءِ كُلٍّ مِنَ المُتَغالِبَينِ للآخَرِ إيذاءً بالغًا في جِسمِه قد يَصِلُ به إلى العَمى أوِ التَّلَفِ الحادِّ أوِ المُزمِنِ في المُخِّ، أو إلى الكُسورِ البَليغةِ، أو إلى المَوتِ، دونَ مَسئوليَّةٍ على الضَّارِبِ [1158] يُنظر: قَرارُ ((المَجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ لرابطةِ العالَمِ الإسلاميِّ في دَورَتِه العاشِرةِ المُنعَقِدةِ بمَكَّةَ المُكَرَّمةِ في الفترةِ مِن يَومِ السَّبتِ 24 صَفَر 1408هـ، الموافِق 17 أُكتوبَر 1987م، إلى يَومِ الأربعاءِ 28 صَفَر 1408هـ الموافِق 21 أُكتوبَر 1987م)). .
رابعًا: لِما فيها مِن كَشفِ العَوراتِ، وإهدارِ الكَراماتِ، وتَحكيمِ القَوانينِ، وارتِكابِ المُحَرَّماتِ [1159] يُنظر: ((موسوعة الفقه الإسلامي)) للتويجري (3/608). .

انظر أيضا: