الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالثُ: حُكمُ الغَصبِ


يَحرُمُ الغَصبُ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1 - قَولُه تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 188] .
2 - قَولُه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: 10] .
3 - قَولُه تعالى: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء: 29] .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَطَبَ النَّاسَ يَومَ النَّحرِ، فقال: ((... فإنَّ دِماءَكُم وأموالَكُم وأعراضَكُم عليكُم حَرامٌ، كَحُرمةِ يَومِكُم هذا، في بَلَدِكُم هذا، في شَهرِكُم هذا...)) [1340] أخرجه البخاري (1739) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((وأموالَكُم))، أي: أموالَ بَعضِكُم على بَعضٍ حَرامٌ [1341] يُنظر: ((جواهر العقود)) للمنهاجي (1/175). .
2- عن أبي أُمامةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَنِ اقتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ مُسلمٍ بيَمينِه فقد أوجَبَ اللهُ له النَّارَ، وحَرَّمَ عليه الجَنَّةَ، فقال له رَجُلٌ: وإن كانَ شَيئًا يَسيرًا يا رَسولَ اللهِ؟ قال: وإنْ قَضيبًا مِن أراكٍ)) [1342] أخرجه مسلم (137). .
3- عن سَعيدِ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أشهَدُ لَسَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((مَن أخَذَ شِبرًا مِنَ الأرضِ ظُلمًا فإنَّه يُطَوَّقُه يَومَ القيامةِ مِن سَبعِ أَرَضينَ)) [1343] أخرجه البخاري (3198) واللفظ له، ومسلم (1610). .
4- عن أبي حُرَّةَ الرَّقاشيِّ، عن عَمِّه رَضيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((... لا يَحِلُّ مالُ امرِئٍ مُسلمٍ إلَّا بطِيبِ نَفسٍ منه)) [1344] أخرجه أحمد (20695) مطوَّلًا، وأبو يعلى (1570)، والبيهقي (11877) واللفظ لهما. صحَّحه الشوكاني في ((الفتح الرباني)) (8/3999)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (7662)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (20695). .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ [1345] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعَ أهلُ العِلمِ على تَحريمِ أموالِ المُسلِمينَ والمُعاهَدينَ بغَيرِ حَقٍّ، فالأموالُ مُحَرَّمةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والاتِّفاقِ، إلَّا بطيبِ نَفسِ المالِكينَ). ((الإقناع)) (2/706). ، والماوَرْديُّ [1346] قال الماوَرْديُّ: (فأجمَعَ المُسلمونَ على تَحريمِ الغَصبِ). ((الحاوي الكبير)) (7/135). ، وابنُ حَزمٍ [1347] قال ابنُ حَزمٍ: (اتَّفَقوا أنَّ أخذَ أموالِ النَّاسِ كُلِّها ظُلمًا لا يَحِلُّ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 59). ، وابنُ رشدٍ الجَدُّ [1348] قال ابنُ رُشدٍ الجَدُّ: (فالتَّعَدِّي على رِقابِ الأموالِ بالأخذِ لَها يَنقَسِمُ على سَبعةِ أقسامٍ، لكُلِّ قِسمٍ مِنها حُكمٌ يَختَصُّ به، وهيَ كُلُّها مُحَرَّمةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ الأُمَّةِ ... وأمَّا الإجماعُ فمَعلومٌ مِن دينِ الأُمَّةِ ضَرورةً أنَّ أخذَ أموالِ النَّاسِ واقتِطاعَها بغَيرِ حَقٍّ حَرامٌ، لا يَحِلُّ ولا يَجوزُ... فأحَدُ الأقسامِ السَّبعةِ: أخذُ الأموالِ على وَجهِ الحِرابةِ. والثَّاني: أخذُها على وَجهِ الغَصبِ مِن غَيرِ حِرابةٍ). ((المقدمات)) .(2/487-489) ، وابنُ قُدامةَ [1349] قال ابنُ قُدامةَ: (الغَصبُ: هو الاستيلاءُ على مالِ غَيرِه بغَيرِ حَقٍّ. وهو مُحَرَّمٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ ... وأجمَعَ المُسلِمونَ على تَحريمِ الغَصبِ في الجُملةِ، وإنَّما اختَلَفوا في فُروعٍ مِنه). ((المغني)) (5/177). ، والرَّافِعيُّ [1350] قال الرَّافِعيُّ: (عن أبى هُرَيرةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَن غَصَبَ شِبرًا مَن أرضٍ، طَوَّقه اللهُ تَعالى مِن سَبعِ أرَضينَ يَومَ القيامةِ»، والإجماعُ مُنعَقِدٌ على تَحريمِ الغَصبِ). ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) (11/240). والنَّوَويُّ [1351] قال النَّوويُّ: (تَظاهَرَت نُصوصُ الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ الأُمَّةِ على تَحريمِ الغَصبِ). ((روضة الطالبين)) (5/3). ، والزَّركَشيُّ [1352] قال الزَّركَشيُّ: (الغَصبُ مُحَرَّمٌ بالإجماعِ). ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (4/167). ، والعَينيُّ [1353] يُنظر: ((البناية)) للعيني (11/182). .

انظر أيضا: