الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابعُ: مَتى يَتَحَقَّقُ الغَصبُ؟


يَثبُتُ الغَصبُ الموجِبُ للضَّمانِ بمُجَرَّدِ الاستيلاءِ على المَغصوبِ، وذلك في العَقارِ والمَنقولِ [1354] يَعني: سَواءٌ كان الحَقُّ عَقارًا، كالأراضي، والأشجارِ، والبُيوتِ، أو كان مَنقولًا، وهو ما يُنقَلُ عادةً، مِثلُ: السَّيَّاراتِ، والأثاثِ مِن فَرشٍ وغَيرِه، أو كان مِنَ الأغراضِ اليَدَويَّةِ، كالسَّاعةِ والقَلَمِ وغَيرِهما. يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (10/141). ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [1355] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (3/443)، ((منح الجليل)) لعليش (7/80). ، والشَّافِعيَّةِ [1356] ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (11/250)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/8)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/144)، ((حاشية البجيرمي على شرح المنهج)) (3/110). ، والحَنابِلةِ [1357] ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/77). ، وهو قَول محمَّدٍ وزُفَرَ مِنَ الحَنَفيَّةِ [1358] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/224). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا [الكهف: 79] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
جَعَلَ الغَصبَ مَصدَرَ الأخذِ؛ فدَلَّ أنَّ الغَصبَ والأخذَ واحِدٌ، والأخذُ: إثباتُ اليَدِ [1359] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/143). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن سَعيدِ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أشهَدُ لَسَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((مَن أخَذَ شِبرًا مِنَ الأرضِ ظُلمًا فإنَّه يُطَوَّقُه يَومَ القيامةِ مِن سَبعِ أَرَضينَ)) [1360] أخرجه البخاري (3198) واللفظ له، ومسلم (1610). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَيَّنَ أنَّ الأرضَ تُغصَبُ ويَقَعُ فيها الظُّلمُ [1361] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/180). .
ثالثًا: أنَّ يَدَ الغاصِبِ على العَقارِ مِثلُ كَونِ يَدِه على ما يُنقَلُ ويُحَوَّلُ [1362] يُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/317). .
رابعًا: لأنَّه يُمكِنُ الاستيلاءُ على العَقارِ على وَجهٍ يَحولُ بَينَه وبَينَ مالِكِه، مِثلُ أن يَسكُنَ الدَّارَ ويَمنَعَ مالِكَها مِن دُخولِها، فأشبَهَ ما لَو أخَذَ الدَّابَّةَ والمَتاعَ [1363] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/180).
خامِسًا: أنَّه يَتَحَقَّقُ الغَصبُ بمُجَرَّدِ الاستيلاءِ، كَما لَو رَكِبَ دابَّةً واقِفةً ليس عِندَها رَبُّها، أو دَخَل دارًا قَهرًا وأخرَجَ رَبَّها [1364] يُنظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/296). .





انظر أيضا: