الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: قَدرُ مُدَّةِ التَّعريفِ بالمُلتَقَطِ القَليلِ الذي له قيمةٌ مِمَّا يَطلُبُه صاحِبُه


المُلتَقَطُ القَليلُ الذي له قيمةٌ مِمَّا يَطلُبُه صاحِبُه، مُدَّةُ تَعريفِه سَنةٌ، وهو مَذهَبُ الحنابِلةِ [1850] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/377 - 381)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/218 - 227). ، وظاهِرُ الرِّوايةِ عِندَ الحَنَفيَّةِ [1851] ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (6/121)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/163)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/278). ، وقَولٌ للمالِكيَّةِ [1852] يُطلِقُ عليه المالكيَّةُ: فوقَ التَّافِهِ ودونَ الكثيرِ. ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/73)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (4/170). ، ووَجهٌ للشَّافِعيَّةِ [1853] يُطلِقُ عليه الشَّافِعيَّةُ: الحَقيرَ والقَليلَ المُتَمَوَّلَ. ((روضة الطالبين)) للنووي (5/410)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/122 - 123). ، وهو قَولُ ابنِ حَزمٍ [1854] قال ابنُ حَزمٍ: (مَن وجَدَ مالًا في قريةٍ أو مَدينةٍ أو صَحراءَ... أو وجَدَ مالًا قَد سَقَطَ، أيَّ مالٍ كان: فهو لُقَطةٌ، وفَرضٌ عليه أخذُه، وأن يُشهِدَ عليه عَدلًا واحِدًا فأكثَرَ، ثُمَّ يُعَرِّفَه... فلا يَزالُ كذلك سَنةً قَمَريَّةً). ((المحلى بالآثار)) (7/110). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا سَأل رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ اللُّقَطةِ، فقال: ((عَرِّفْها سَنةً، ثُمَّ اعرِفْ وِكاءَها وعِفاصَها، ثُمَّ استَنفِقْ بها، فإن جاءَ رَبُّها فأدِّها إليه. فقال: يا رَسولَ اللهِ، فضالَّةُ الغَنَمِ؟ قال: خُذْها؛ فإنَّما هي لك أو لأخيك أو للذِّئبِ. فقال: يا رَسولَ اللهِ، فضالَّةُ الإبِلِ؟ قال فغَضِبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى احمَرَّت وجْنَتاه -أوِ احمَرَّ وَجهُه- ثُمَّ قال: ما لك ولها؟ مَعَها حِذاؤُها وسِقاؤُها، حتَّى يَلقاها رَبُّها)) [1855] أخرجه البخاري (2428)، ومسلم (1722) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَدَّرَه بسَنةٍ مِن غيرِ فَصلٍ بينَ القَليلِ والكثيرِ [1856] يُنظر: ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (2/417)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/303). .
ثانيًا: لأنَّ السَّنةَ لا تَتَأخَّرُ عنها القَوافِلُ، ويَمضي فيها الزَّمانُ الذي تُقصَدُ فيه البلادُ مِنَ الحَرِّ والبَردِ والاعتِدالِ؛ فصَلحَت قَدرًا، كمُدَّةِ أجَلِ العِنِّينِ [1857] يُنظر: ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/227). .
ثالثًا: لأنَّها جِهةٌ مِن جِهاتِ التَّمَلُّكِ، فاستَوى فيها القَليلُ والكثيرُ في التَّعريفِ [1858] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/414).       .

انظر أيضا: