الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ السَّادِسُ: تَكرارُ التَّعريفِ بالمُلتَقَطِ


يُكرَّرُ التَّعريفُ باللُّقَطةِ خِلالَ السَّنةِ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ [1890] واختَلفوا في طَريقةِ التَّكرارِ؛ فعِندَ الحَنَفيَّةِ: قيل: يُعَرِّفُها كُلَّ جُمعةٍ، وقيل: كُلَّ شَهرٍ، وقيل: كُلَّ سِتَّةِ أشهُرٍ. وعِندَ المالكيَّةِ: يُعَرِّفُها في أوَّلِ زَمانِ التَّعريفِ في كُلِّ يَومٍ مَرَّتينِ، ثُمَّ في كُلِّ يَومٍ مَرَّةً، ثُمَّ في كُلِّ يَومينِ مَرَّةً، ثُمَّ في كُلِّ ثَلاثةِ أيَّامٍ مَرَّةً، ثُمَّ في كُلِّ أسبوعٍ مَرَّةً. وعِندَ الشَّافِعيَّةِ: يُنادي كُلَّ يَومٍ مَرَّتينِ في طَرَفيِ النَّهارِ في الابتِداءِ للتَّعريفِ، ثُمَّ في كُلِّ يَومٍ مَرَّةً، ثُمَّ في كُلِّ أسبوعٍ مَرَّةً أو مَرَّتينِ، ثُمَّ في كُلِّ شَهرٍ كذلك بحيثُ لا يَنسى أنَّه تَكرارٌ لِما مَضى. وعِندَ الحَنابلةِ: يُعَرِّفُها في الأسبوعِ الأوَّلِ كُلَّ يَومٍ مَرَّةً، ولا يَجِبُ فيما بَعدَ ذلك مُتَواليًا، بَل يُعَرِّفُها على عادةِ النَّاسِ في ذلك. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/164)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/120)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/407)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/216). وقال ابنُ عُثَيمين: (بيَّنَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها تُعَرَّفُ سَنةً، ونَعلمُ عِلمَ اليَقينِ أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُريدُ أن يَبقى ليلًا ونَهارًا يُعَرِّفُ، فيُرجَعُ في ذلك إلى العُرفِ، وقد اجتَهَدَ بَعضُ العُلماءِ فقال: يُعَرِّفُها في الأسبوعِ الأوَّل كُلَّ يَومٍ، ثُمَّ كُلَّ أسبوعٍ مَرَّةً لمُدَّةِ شَهرٍ، ثُمَّ في كُلِّ شَهرٍ مَرَّةً، وهذا التَّقديرُ اجتِهادٌ ليس عليه دَليلٌ، ولكِنَّ الَأولى أن يُرجَعَ في ذلك إلى العُرفِ). ((الشرح الممتع)) (20/74). : الحَنَفيَّةِ [1891] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/164)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/278) ويُنظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/705). ، والمالِكيَّةِ [1892] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/120)، ((منح الجليل)) لعليش (8/232).          ، والشَّافِعيَّةِ [1893] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/407)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/413). ، والحنابِلةِ [1894] ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/216)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/227).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا سَأل رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ اللُّقَطةِ، فقال: ((عَرِّفْها سَنةً، ثُمَّ اعرِفْ وِكاءَها وعِفاصَها، ثُمَّ استَنفِقْ بها، فإن جاءَ رَبُّها فأدِّها إليه. فقال: يا رَسولَ اللهِ، فضالَّةُ الغَنَمِ؟ قال: خُذْها؛ فإنَّما هي لك أو لأخيك أو للذِّئبِ. فقال: يا رَسولَ اللهِ، فضالَّةُ الإبِلِ؟ قال فغَضِبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى احمَرَّت وجْنَتاه -أوِ احمَرَّ وَجهُه- ثُمَّ قال: ما لك ولها؟ مَعَها حِذاؤُها وسِقاؤُها، حتَّى يَلقاها رَبُّها)) [1895] أخرجه البخاري (2428)، ومسلم (1722) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ الأمرُ بتَعريفِ اللُّقَطةِ سَنةً؛ لأنَّ المَقصودَ إشاعةُ ذِكرِها، وإظهارُها [1896] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/75). ، وهو يقتضي تَكرارَ التَّعريفِ.

انظر أيضا: