الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: بَذلُ فَضلِ ماءِ البئرِ المَحفورةِ في الأرضِ المَملوكةِ


يَجِبُ بَذلُ فَضلِ ماءِ البئرِ المَحفورةِ في الأرضِ المَملوكةِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ في الجُملةِ [2449] وذَهَبَ المالكيَّةُ إلى أنَّه لا يَجِبُ البَذلُ إلَّا أن يَرِدَ عليه قَومٌ لا ثَمَنَ مَعَهم، ويُخافُ عليهمُ الهَلاكُ، أو يَحصُلُ لهم ضَرَرٌ شَديدٌ. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للمواق (7/622)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (4/72). ويُنظر أيضًا: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/135). : الحَنَفيَّةِ [2450] عِندَ الحَنَفيَّةِ: يَحِقُّ لصاحِبِ البئرِ أوِ الحَوضِ أن يَمنَعَ مَن يُريدُ الماءَ مِنَ الدُّخولِ في أرضِه إذا كان الشَّخصُ يَجِدُ ماءً بقُربِه، فإن لم يَجِدْ فصاحِبُ البئرِ له أن يُخرِجَ الماءَ إليه. ويَكونُ هذا البَذلُ لدَفعِ العَطَشِ أو للطَّبخِ، أوِ الوُضوءِ، أوِ الغَسلِ، أو غَسلِ الثِّيابِ ونَحوِها، ولسَقيِ البَهائِمِ، وهو ما يُعرَفُ بحَقِّ الشَّفه وليسَ مُطلقًا. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/40)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/438). ، والشَّافِعيَّةِ [2451] اشتَرَطَ الشَّافِعيَّةُ شُروطًا لبَذلِ الفاضِلِ عنِ الماءِ: ألَّا يَجِدَ المَبذولُ له ماءً مُباحًا. أن يَكونَ هناكَ كَلأٌ يُرعى. أن يَكونَ الماءُ في مُستَقَرِّه، أمَّا الماءُ المَوجودُ في إناءٍ فلا يَجِبُ بَذلُ فَضلِه على الصَّحيحِ، ولا يَجِبُ عِندَهم أيضًا بَذلُ الفاضِلِ عن حاجَتِه لزَرعِ غَيرِه. ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (6/240)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/310)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/375). ، والحَنابِلةِ [2452] اشتَرَطَ الحَنابلةُ شُروطًا لبَذلِ الفاضِلِ عنِ الماءِ: ألَّا يَجِدَ ماءً مُباحًا. ألَّا يَتَأذَّى صاحِبُ الماءِ بالدُّخولِ إلى أرضِه. ألَّا يَتَضَرَّرَ بالبَذلِ. ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/365)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/189)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/184). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يُمنَعُ فَضلُ الماءِ ليُمنَعَ به الكَلأُ)) [2453] أخرجه البخاري (2353)، ومسلم (1566). .
ثانيًا: لأنَّ الحاجةَ إلى الماءِ تَتَجَدَّدُ ساعةً فساعةً، ومَن سافرَ لا يُمكِنُه أن يَستَصحِبَ ما يَكفيه إلى أن يَرجِعَ إلى وطَنِه، فيَحتاجُ إلى أن يَأخُذَ الماءَ مِنَ الآبارِ والأنهارِ التي تَكونُ على طَريقِه لنَفسِه ودابَّتِه، وصاحِبُه لا يَتَضَرَّرُ بذلك القَدرِ، فلو مُنِعَ مِن ذلك لحِقَه حَرَجٌ عَظيمٌ [2454] يُنظر: ((الإقناع)) للشربيني (2/359). .

انظر أيضا: