الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الثَّالثُ: الشَّرِكةُ في النَّارِ


إذا أوقَدَ نارًا في مَفازةٍ فإنَّها تَكونُ مُشتَرَكةً بَينَه وبَينَ النَّاسِ، نَصَّ عليه الحَنَفيَّةُ [2466] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/242)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/440). ويُنظر: ((الاختيار لتعليل المختار)) للموصلي (3/72). ، والشَّافِعيَّةُ [2467] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/234)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/357). ، وهو مُقتَضى مَذهَبِ المالِكيَّةِ [2468] ((التمهيد)) لابن عبد البر (19/1)، ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (10/315)، ((لوامع الدرر في هتك أستار المختصر)) لمحمد بن سالم المجلسي (11/364). ، والحَنابِلةِ [2469] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/102)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/189). .
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن رَجُلٍ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُسلِمونَ شُرَكاءُ في ثَلاثٍ: الماءِ، والكَلأِ، والنَّارِ [2470] قال الخَطَّابيُّ: (قَولُه: «والنَّارُ» فقد فسَّرَه بَعضُ العُلماءِ وذَهَبَ إلى أنَّه أرادَ به الحِجارةَ التي تُورِي النَّارَ، يَقولُ: لا يُمنَعُ أحَدٌ أن يَأخُذَ مِنها حَجَرًا يَقتَدِحُ به النَّارَ، فأمَّا التي يوقِدُها الإنسانُ فله أن يَمنَعَ غَيرَه مِن أخذِها. وقال بَعضُهم: ليسَ له أن يَمنَعَ مَن يُريدُ يَأخُذُ مِنها جَذوةً مِنَ الحَطَبِ التي قدِ احتَرَقَ فصارَ جَمرًا، وليسَ له أن يَمنَعَ مَن أرادَ أن يَستَصبِحَ مِنها مِصباحًا أو أدنى مِنها ضِغثًا يَشتَعِلُ بها؛ لأنَّ ذلك لا يَنقُصُ مِن عَينِها شَيئًا). ((معالم السنن)) (3/129). وقال ابنُ عُثيمين: (اختَلف العُلماءُ في النَّارِ، ما المُرادُ بها؟ فقيل: وَقودُ النَّارِ، وقيل: هيَ النَّارُ نَفسُها؛ فعلى الأوَّلِ: يَكونُ المُرادُ بذلك الحَطَبَ وشِبهَه، النَّاسُ فيه شُرَكاءُ، لا يَختَصُّ به أحَدٌ دونَ أحَدٍ، ولا يَجوزُ أن يُخَصَّصَ به أحَدٌ دونَ أحَدٍ؛ لأنَّ النَّاسَ شُرَكاءُ فيه، وقيل: المُرادُ بها: النَّارُ نَفسُها، وهذا هو المُتَبادِرُ مِنَ اللَّفظِ، والقاعِدةُ عِندَنا: أنَّ الواجِبَ حَملُ الكَلامِ على المُتَبادِرِ مِنه ما لم تَمنَعْ مِنه قَرينةٌ، وهنا لا مانِعَ مِن أن تَقولَ: النَّارُ هيَ النَّارُ نَفسُها، ولكِن كَيف يَكونُ النَّاسُ فيه شُرَكاءَ، يَعني: مَثَلًا إذا أوقدتَ نارًا، وأتَيتُ بماءٍ لي أُسَخِّنُه عليها، ليسَ لك الحَقُّ أن تَمنَعني مِن ذلك... كذلك لو أرَدتُ أن أستَوقِدَ مِنها أتَيتُ مَثَلًا بعودٍ مِنَ الحَطَبِ لأستوقِدَ مِن نارِك، ليسَ لك الحَقُّ أن تَمنَعني مِن ذلك). ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (4/274). ) [2471] أخرجه أبو داود (3477)، وأحمد (23082) واللَّفظُ له. صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (3477)، وصَحَّحَ إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3477)، ووثَّق رجالَه البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/353)، وابن حجر في ((بلوغ المرام)) (272)، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (29/219): معروفٌ، رواه أهلُ السُّنَن، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/76): مرويٌّ من طرُقٍ، وقال الشوكانيُّ في ((الدراري المضية)) (282): أحاديثُ البابِ تنتَهِضُ بمَجموعِها. .






انظر أيضا: