الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: تَغليظُ الدِّيةِ في القَتلِ العَمدِ


تُغلَّظُ الدِّيةُ في القَتلِ العَمدِ [1006]  تَغليظُ الدِّيةِ يَكونُ في قَتلِ العَمدِ، وشِبهِ العَمدِ:  ويَكونُ التَّغليظُ: بكَونِها حالَّةً غَيرَ مُؤَجَّلةٍ، وكَونِها على الجاني في قَتلِ العَمدِ، كَما تتغلَّظُ فيه بالسِّنِّ والتَّثليثِ أوِ التَّربيعِ، وصِفةُ التَّثليثِ أن تَكونَ: ثَلاثينَ حِقَّةً، وثَلاثينَ جَذَعةً، وأربَعينَ خَلِفةً، وهيَ الحَوامِلُ، وصِفةُ التَّربيعِ: خَمسٌ وعِشرونَ بنتَ مَخاضٍ، وخَمسٌ وعِشرونَ بنتَ لَبُونٍ، وخَمسٌ وعِشرونَ حِقَّةً، وخَمسٌ وعِشرونَ جَذَعةً. وأمَّا شِبهُ العَمدِ فتُخَفَّفُ مِن وجهِ كَونِها على العاقِلةِ، وأنَّها مُؤَجَّلةٌ، وتُغَلَّظُ مِن وجهِ كَونِها مُثَلَّثةً أو مُرَبَّعةً. يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/460) ((الكافي)) لابن عبد البر (2/1108)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/300). فعِندَ الحَنابلةِ، والحَنَفيَّةِ -عَدا مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ- تُغَلَّظُ أرباعًا: خَمسٌ وعِشرونَ بنتَ مَخاضٍ، وخَمسٌ وعِشرونَ بنتَ لَبُونٍ، وخَمسٌ وعِشرونَ حِقَّةً، وخَمسٌ وعِشرونَ جَذَعةً. وعِندَ الشَّافِعيَّةِ ومُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ: تُغَلَّظُ أثلاثًا: ثَلاثونَ حِقَّةً، وثَلاثونَ جَذَعةً، وأربَعونَ خَلِفةً. قال ابنُ عُثَيمين: (قَولُه: «ففي قَتلِ العَمدِ وشِبهِه خَمسٌ وعِشرونَ بنتَ مَخاضٍ، وخَمسٌ وعِشرونَ بنتَ لَبُونٍ، وخَمسٌ وعِشرونَ حِقَّةً، وخَمسٌ وعِشرونَ جَذَعةً» ... والدَّليلُ على ذلك ما رَواه أبو داودَ عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه ذَكَرَ الدِّيةَ على نَحوٍ مِمَّا ذَكَرَه المُؤَلِّفُ. وهناكَ سُنَّةٌ أُخرى في هذه المَسألةِ، وهيَ أنَّ الدِّيةَ تَجِبُ أثلاثًا: ثَلاثونَ حِقَّةً، وثَلاثونَ جَذَعةً، وأربَعونَ خَلِفةً -أي: حاملًا في بُطونِها أولادٌ. وكِلتاهما صَحَّ فيها الحَديثُ؛ فمِنَ العُلماءِ مَن أخَذَ بهذا، ومِنهم مَن أخَذَ بهذا، والأخيرُ أغلَظُ مِنَ الأوَّلِ، فإن قيل: أيَّ القَولينِ نَسلُكُ؟ فالجَوابُ: يُمكِنُ أن نَرُدَّ ذلك إلى رَأيِ الحاكِمِ الشَّرعيِّ، فإذا رَأى أن يَجعَلها هَكَذا فعَل، وإذا رَأى أن يَجعَلها هَكَذا فَعَل، حَسَبَ ما تَقتَضيه الأحوالُ). ((الشرح الممتع)) (14/120-123). ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ [1007] المالكيَّةُ لم يوجِبوا تَغليظَ الدِّيةِ إلَّا في قَتلِ الأبَوينِ أوِ الجَدِّ. يُنظر: ((الكافي)) لابن عبد البر (2/1109). : الحَنَفيَّةِ [1008] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/126)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/373). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/257). ، والشَّافِعيَّةِ [1009] ((روضة الطالبين)) للنووي (9/256)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/53)، ((حاشية قليوبي)) (4/130). ، والحَنابلةِ [1010] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/299)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/19). .
الدَّليلُ مِنَ الآثارِ:
عن زَيدِ بنِ ثابتٍ، قال: (في الدِّيةِ المُغَلَّظةِ...، فذَكَرَ مِثلَه سَواءً. أي: مِثلَ: في المُغَلَّظةِ أربَعونَ جَذَعةً خَلِفةً، وثَلاثونَ حِقَّةً، وثَلاثونَ بَناتِ لَبَونٍ [1011] أخرجه أبو داود (4555)، والبيهقي (16550). صَحَّحه ابنُ حزم في ((المحلى)) (10/384)، وصَحَّح إسنادَه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4555)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4555). .

انظر أيضا: