الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الثَّاني: هَل تُغلَّظُ دِيَةُ القَتلِ الخَطَأِ في الحَرَمِ أو في الأشهُرِ الحُرُمِ؟


لا تُغلَّظُ دِيَةُ القَتلِ الخَطَأِ بحالٍ -سَواءٌ كان في الحَرَمِ أو في الأشهُرِ الحُرُمِ- بَل هيَ مُخَفَّفةٌ أبَدًا، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [1000] ((الهداية)) للمرغيناني (4/460)، ((العناية)) للبابرتي (10/274). ويُنظر: ((درر الحكام)) لمنلا خسرو (2/103). ، والمالِكيَّةِ [1001] المالكيَّةُ لم يوجِبوا تَغليظَ الدِّيةِ إلَّا في قَتلِ الأبَوينِ أوِ الجَدِّ. ((الكافي)) لابن عبد البر (2/1109)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/299)، ((منح الجليل)) لعليش (9/90). ، واختارَه ابنُ حَزمٍ [1002] قال ابنُ حَزمٍ: (الدِّيةُ في العَمدِ والخَطَأِ مِائةٌ مِنَ الإبِلِ، فإن عُدِمَت فقيمَتُها لو وُجِدَت في مَوضِعِ الحُكمِ بالغةً ما بَلغَت، مِن أوسَطِ الإبِلِ بالغةً ما بَلغَت، وهيَ في الخَطَأِ على عاقِلةِ القاتِلِ .... وذَكَروا ما رُوِّينا مِن طَريقِ إسماعيلَ بنِ إسحاقَ، أنا سُليمانُ بنُ حَربٍ، أنا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ، عن ابنِ أبي نجيحٍ عن أبيه: أنَّ امرَأةً قُتِلت في الحَرَمِ، فجَعَل عُثمانُ بنُ عَفَّانَ دِيَتَها ثَمانيةَ آلافِ دِرهَمٍ دِيةً وثُلُثَ دِيةٍ. ومِن طَريقِ حَمَّادِ بنِ سَلَمةَ، عن مُحَمَّدِ بنِ إسحاقَ، عن أبي نَجيحٍ: أنَّ امرَأةً قُتِلت في الحَرَمِ، فجَعَل عُثمانُ ديَتَها سِتَّةَ آلافِ دِرهَمٍ، وألفينِ للحَرَمِ. قال أبو مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللهُ عنه: كِلتا الطَّائِفتَينِ مُخالِفةٌ لهذا الحُكمِ مُبطِلةٌ له). ((المحلى)) (10/282، 293). ، وابنُ عُثَيمين [1003] قال ابنُ عُثَيمين: (قَولُه: «وفي الخَطَأِ تَجِبُ أخماسًا: ثَمانونَ مِنَ الأربَعةِ المَذكورةِ، وعِشرونَ مِن بَني مَخاضٍ» «أخماسًا» حالٌ. هذه الدِّيةُ فيها تَخفيفٌ؛ لأنَّنا أدخَلنا فيها الذُّكورَ، والذُّكورُ عِندَ النَّاسِ أقَلُّ رَغبةً مِنَ الإناثِ، فتَكونُ ديةُ الخَطَأِ عِشرينَ بنتَ مَخاضٍ، وعِشرينَ بنتَ لَبُونٍ، وعِشرينَ حِقَّةً، وعِشرينَ جَذَعةً، وعِشرينَ بني مَخاضٍ، يَعني ذُكورًا لكُلٍّ واحِدٍ سَنةٌ). ((الشرح الممتع)) (14/122). وقال: (القَولُ الرَّاجِحُ: أنَّه لا تَغليظَ لا في حَرَمٍ ولا في إحرامٍ ولا في الأشهُرِ الحُرُم؛ لعُمومِ الأدِلَّةِ وعَدَمِ التَّفصيلِ). ((الشرح الممتع)) (14/125). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ تَخفيفَ الدِّيةِ أَولى بحالِ الخَطَأِ؛ لأنَّ الخاطِئَ مَعذورٌ [1004] ((العناية)) للبابرتي (10/274). .
ثانيًا: عُمومُ الأدِلَّةِ في الدِّيةِ يَشمَلُ الحَرَمَ والأشهُرَ الحُرُمَ وغَيرَها دونَ تَغليظٍ [1005] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (14/125). .

انظر أيضا: