المطلبُ الأوَّل: شُروطُ الإِمامَةِ
الفرعُ الأَوَّلُ: الإسلامُيُشترَطُ في الإمامِ أن يكون مُسْلمًا؛ فلا تصحُّ إمامةُ الكافرِ.
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إذا كانوا ثلاثةً فلْيَؤمَّهم أحدُهم، وأحقُّهم بالإمامةِ أَقرؤُهم )) [4342] رواه مسلم (672). وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ إمامةَ الكافرِ لا تصحُّ؛ لأنَّه لا قِراءةَ له
[4343] ((فتح الباري)) لابن حجر (2/186). ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعِنقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ حزمٍ [4344] قال ابنُ حزم: (والصَّلاة خلف مَن يدري المرء أنه كافرٌ، باطلٌ... وهذا لا خلافَ فيه من أحد) ((المحلى)) (2/371). ثالثًا: لأنَّ الكافرَ ليس من أهلِ الصَّلاةِ
[4345] ((المجموع)) للنووي (4/250). رابعًا: لأنَّ صلاته لا تصحُّ لنفسه؛ فلا تصحُّ لغيره
[4346] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/475). الفرع الثَّاني: العقلُيُشترَطُ في الإمامِ العقلُ؛ فلا تصحُّ إمامةُ المجنونِ.
الأدلَّة:أولًا: مِنَ الِإِجْماعِنقَل الإجماعَ على عدم صِحَّةِ صلاةِ المجنونِ:
ابنُ تيميَّة [4347] قال ابنُ تَيميَّة: (وأمَّا المجنون الذي رُفع عنه القلم، فلا يصحُّ شيء من عِباداته باتِّفاق العلماء) ((مجموع الفتاوى)) (11/191). وقال أيضًا: (ولهذا اتَّفق العلماء على أنَّ المجنون والصغير الذي ليس بمميِّز ليس عليه عبادةٌ بدنيَّة، كالصَّلاة والصيام والحج) ((منهاج السنة)) (6/49). ثانيًا: لعدم صِحَّةِ صلاتِه لنَفْسِه
[4348] ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 192). مسألة: إمامةُ السَّكْرانِلا تصحُّ إمامةُ السَّكرانِ.
الأدلَّة:أولًا: مِنَ الِإِجْماعِنقَل الإجماعَ على عدمِ صِحَّةِ صلاةِ السَّكران:
ابنُ تيمِيَّةَ [4349] قال ابنُ تَيميَّة- عن السَّكرانِ غائبِ العَقلِ-: (... عبادته كالصَّلاة لا تصحُّ بالنصِّ والإجماع؛ فإنَّ الله نَهى عن قُرب الصلاة مع السُّكر حتى يعلمَ ما يقوله، واتَّفق الناس على هذا) ((مجموع الفتاوى)) (33/106). وقال أيضًا: (اتَّفق العلماء على أنَّه لا تصحُّ صلاةُ مَن زال عقله بأيِّ سبب) ((مجموع الفتاوى)) (10/438). ؛ فإذا لم تصحَّ صلاتُه لنفسِه لم تصحَّ لغيرِه
[4350] ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/654). ثانيًا: القياس على المجنونِ؛ فكلاهما لا يَعقِلُ
[4351] ((الأم)) للشافعي (1/196). ثالثًا: أنَّ السكرانَ ممنوعٌ من قِربانِ المساجدِ والصَّلاةِ؛ لقوله تعالى:
لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء: 43] [4352] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (14/299). الفرع الثَّالث: الذُّكورةُ يُشتَرَطُ في الإمامِ أن يكونَ ذَكَرًا؛ فالمرأةُ لا تؤمُّ الرِّجالَ، فإنْ فعَلوا فصلاتُهم فاسدةٌ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
[4353] ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (1/576)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/140)، ، والمالِكيَّة
[4354] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/210)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/22)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/205). ، والشافعيَّة
[4355] ((المجموع)) للنووي (4/255)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/326). ، والحَنابِلَة
[4356] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/185)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/479). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
[4357] قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا أنَّ المرأة لا تؤمُّ الرِّجال وهم يعلمون أنَّها امرأة، فإن فعلوا فصلاتُهم فاسدةٌ بإجماعٍ) ((مراتب الإجماع)) (1/27). وقال الشوكانيُّ: (لم يثبت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في جواز إمامة المرأة بالرجل أو الرِجال شيءٌ، ولا وقَع في عصره ولا في عصْر الصحابة والتابعين من ذلك شيءٌ) ((السيل الجرار)) (1/152). الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: لقدْ نفَعني اللهُ بكلمةٍ أيَّامَ الجَمَل: لَمَّا بلغَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ فارسًا ملَّكوا ابنةَ كِسرى، قال:
((لنْ يُفْلِحَ قومٌ ولَّوْا أمرَهم امرأةً )) رواه البخاري (7099). وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ الجماعةَ قد ولَّوْا أمرَهم الإمامَ؛ فلا يصحُّ أن تكونَ المرأةُ إمامًا لهم
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/222). ثانيًا: أنَّ النصوصَ دلَّتْ على استحبابِ تأخُّرِ النِّساءِ عن صفوفِ الرِّجالِ؛ فدلَّ على عدمِ جوازِ التقدُّمِ عليهم بالإمامةِ
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/222). ومن النُّصوص التي دلَّت على استحبابِ تأخُّر صفوف النِّساء عن صفوف الرجال: 1- عن أبي هُريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((خيرُ صفوفِ الرجالِ أولُها وشرُّها آخرُها، وخيرُ صفوفِ النساءِ آخرُها وشرُّها أولُها)). أخرجه مسلم (440). ثانيًا: عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((خيرُ صفوفِ الرِّجالِ المقَدَّمُ، وشرُّ صفوفِ الرِّجالِ المؤخَّرُ، وشرُّ صفوفِ النساءِ المقدَّمُ)). أخرجه أحمد (11121)، وابن خزيمة (1562)، وابن حبان (402) من حديث أبي سعيد الخدري. ثالثًا: لأنَّه قد تحصُلُ فتنةٌ تُخلُّ بصلاةِ الرجُلِ إذا كانتْ إلى جَنبِه أو بين يَديهِ
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (4/222). المسألة الأولى: إمامةُ الخُنْثى للرِّجالِلا تصحُّ إمامةُ خُنثى مُشكِل
[4362] الخُنثى: شخصٌ له آلتَا الرِّجال والنِّساء، أو ليس له شيءٌ منهما أصلًا. يُنظر: ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 101). ومعنى كونه مُشكِلًا: أي: لا يوجد دليلٌ يدلُّ على ذُكوريته أو أُنوثيته. يُنظر: ((شرح حدود ابن عرفة)) للرصاع (ص: 168). للرِّجالِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
[4363] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/144)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص:192). ، والمالِكيَّة
[4364] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/210)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/22)، ((الذخيرة)) للقرافي (2/242). ، والشافعيَّة
[4365] ((المجموع)) للنووي (4/255)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/240). ، والحَنابِلَة
[4366] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/186)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/479). ؛ وذلك لاحتمالِ كونِه امرأةً
[4367] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/479). المسألة الثانية: إمامة الخنثى للنِّساءتصحُّ إمامةُ الخُنثَى المُشكِل للنِّساءِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة
[4368] ((حاشية الطحطاوي)) (ص:192)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/140). ، والشافعيةِ
[4369] ((المجموع)) للنووي (4/255)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/240). والحَنابِلَةِ
[4370] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/186)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/479). ، وذلك؛ لأنَّه إن كان رجلًا فاقتداءُ المرأةِ بالرجلِ صحيحٌ، وإن كان امرأةً فاقتداءُ المرأةِ بالمرأةِ جائزٌ أيضًا
[4371] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/140). الفرع الرَّابع: القُدرةُ على القِراءةِالقراءةُ شرطٌ؛ فلا يصحُّ اقتداءُ القارئِ بأخرسَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
[4372] ((حاشية الطحطاوي)) (ص:193)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/376). ، والمالِكيَّة
[4373] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/328)، وينظر: ((الخلاصة الفقهيَّة على مذهب السادة المالكية)) لمحمد العربي (ص: 108). ، والشافعيَّة
[4374] ((المجموع)) للنووي (4/268)، وينظر: ((الحاوي)) للماوردي (2/326). ، والحَنابِلَة
[4375] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/182)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/476). لأنَّه يتركُ ركنًا من أركانِ الصَّلاةِ، وهو القراءةُ، والتحريمةُ، وغيرُهما، فلا يأتي به ولا ببَدلِه
[4376] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/476).