تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
الفرع الأوَّل: الصَّلاةُ الواحدةُ على أكثرَ مِن ميِّت إذا حضرتْ جنائزُ جاز أن يُصلَّى عليها جميعًا صلاةً واحدةً، وجاز أنْ يُصلَّى على كلِّ واحدةٍ وحْدَها. الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة عن نافعٍ: ((أنَّ ابنَ عُمرَ صلَّى على تِسعِ جنائزَ جميعًا، فجعَل الرِّجالَ يَلُونَ الإمامَ، والنِّساءَ يَلينَ القِبلةَ، فصفَّهُنَّ صفًّا واحدًا، ووُضِعتْ جِنازةُ أمِّ كُلثوم بنتِ عليٍّ، امرأةِ عمرَ بنِ الخطَّاب، وابن لها يقال له: زيدٌ؛ وُضِعَا جميعًا، والإمامُ يومئذ سعيدُ بنُ العاص، وفي النَّاسِ ابنُ عُمَرَ، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قَتادة، فوُضِع الغلامُ ممَّا يلي الإمامَ، فقال رجلٌ: فأنكرتُ ذلك، فنظرتُ إلى ابنِ عبَّاس، وأبي هُريرة، وأبي سعيدٍ، وأبي قَتادة، فقلتُ: ما هذا؟ قالوا: هِي السُّنَّة )) [8133] أخرجه النسائي (1978)، وابن الجارود في ((المنتقى)) (545)، والدارقطني (1852)، والبيهقي (6919). حسَّن إسنادَه النوويُّ في ((الخلاصة)) (2/969)، وصحَّح إسنادَه ابنُ القيِّم في ((تهذيب السنن)) (2/422)، وابن الملقِّن في ((تحفة المحتاج)) (1/604)، وابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (2/716)، وصحَّحه على شرط الشيخين الألبانيُّ في ((أحكام الجنائز)) (132)، وقال الوادعي ((الصحيح المسند)) (731): (إسناده صحيح، وأثَر ابن عمر صحيح، ولكنَّه موقوف عليه. وقول الصَّحابة الآخرين: ((هي السُّنة)) من طريق مُبهَم، لا نَدري من هو الرجل). وفي رواية لأبي داود (3193)، والنسائي (1977) صرح بالرَّجُل المبهم، وهو عمَّار، مولى الحارث بن نوفل. قال النوويُّ في ((المجموع)) (5/224): (إسناده صحيح، وعمَّار هذا تابعيٌّ مولًى لبني هاشم، اتَّفقوا على توثيقِه). وصحَّحه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1396) ثانيًا: من الإجماع نقل الإجماع على ذلك: ابن قدامة [8134] قال ابنُ قُدامةَ: (ولا خِلافَ بين أهل العلم في جواز الصَّلاة على الجنائز، دفعةً واحدةً، وإنْ أفردَ كلَّ جِنازَةٍ بصلاةٍ جاز). ((المغني)) (2/419). ثالثًا: لأنَّ الغرضَ من الصَّلاةِ الدعاءُ، والجمعُ فيه ممكِنٌ، سواءٌ أكانت ذكورًا أم إناثًا، أم ذكورًا وإناثًا معًا [8135] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/348). الفرع الثَّاني: حضورُ جنائزَ أخرى بعدَ التَّكبيرِ لو افتتحَ الإمامُ الصَّلاةَ على الجِنازة، ثم حضرتْ أخرى- وهُم في الصَّلاةِ- تُرِكتْ حتى يفرغَ من صلاتِه على الأولى، ثم يُصلِّي على الثَّانيةِ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة [8136] ((المبسوط)) للسرخسي (2/121). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/316). ولهم في ذلك بعض التفاصيل. ، والمالِكيَّة [8137] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/6). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/467). ، والشافعيَّة [8138] ((المجموع)) للنووي (5/227)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/341) وذلك للآتي: أولًا: لأنَّ الثانيةَ لم تُنوَ [8139] ((الذخيرة)) للقرافي (2/467). ثانيًا: لأنَّه شَرَعَ في الصَّلاةِ على الأُولى، فيُتمُّها [8140] ((المبسوط)) للسرخسي (2/121). ثالثًا: لأنَّه لا يخلو؛ إمَّا أن يقطعَ الصَّلاةَ ويبتدئَ عليهما جميعًا، وهذا لا يجوزُ؛ لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ[محمد: 33] ، أو لا يقطع ويتمادَى عليهما إلى أنْ يُتِمَّ تكبيرَ الأولى ويُسلِّم، وهذا يؤدِّي إلى أن يُكَبِّر على الثَّانية أقلَّ مِن أربعٍ، أو يتمادَى إلى أن يُتِمَّ التكبيرَ على الثَّانية، فيكون قد كبَّرَ على الأُولى أكثرَ من أربعٍ؛ فلذا مُنِع من إدخالِها معها [8141] ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/553). الفرع الثالث: ترتيبُ الجنائزِ إذا تعدَّدتْ المسألة الأولى: إذا اجتمعتْ جنائزُ مختلفةٌ في الجِنسِ إذا اجتمعتْ جنائزُ مختلفةٌ أجناسُها، قُدِّمَ الرجالُ، ثم الصِّبيانُ، ثم الخَنَاثَى، ثم النِّساءُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [8142] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 221). ويُنظر: ((تحفة الفقهاء)) للسمرقندي (1/250). ، والمالِكيَّة [8143] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/236). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/134). ، والشافعيَّة [8144] ((المجموع)) للنووي (5/226)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/348). ، والحَنابِلَة [8145] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/359)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/112). ، وهو قولُ بعضِ السَّلَف [8146] ((الإشراف)) لابن المنذر (2/355)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (3/48). ، وحُكِيَ الإجماعُ على أنَّ الرجُلَ يُقدَّمُ على المرأةِ [8147] قال ابنُ قُدامةَ: (ولا خِلافَ في تقديم الرجُلِ على المرأة). ((المغني)) (2/418). ، وأنَّ الخُنثى يُقدَّمُ على المرأةِ [8148] قال ابنُ قُدامةَ: (ولا خِلافَ في تقديم الخُنثى على المرأةِ؛ لأنَّه يُحتَمَلُ أن يكونَ رجلًا). ((المغني)) (2/418). الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة عن نافعٍ: ((أنَّ ابنَ عُمرَ صلَّى على تِسعِ جنائزَ جميعًا، فجعَل الرِّجالَ يَلُونَ الإمامَ، والنِّساءَ يَلِينَ القِبلةَ، فصفَّهُنَّ صفًّا واحدًا، ووُضِعتْ جِنازةُ أمِّ كُلثوم بنتِ عليٍّ، امرأةِ عمرَ بن الخطَّاب، وابن لها يقال له: زيدٌ؛ وُضِعَا جميعًا والإمامُ يومئذ سعيدُ بن العاص، وفي النَّاس ابنُ عُمَرَ، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قَتادة، فوُضِع الغلامُ ممَّا يلي الإمامَ، فقال رجلٌ: فأنكرتُ ذلك، فنظرتُ إلى ابنِ عبَّاس، وأبي هريرةَ، وأبي سعيدٍ، وأبي قَتادة، فقلتُ: ما هذا؟ قالوا: هِي السُّنَّة )) [8149] أخرجه النسائي (1978)، وابن الجارود في ((المنتقى)) (545)، والدارقطني (1852)، والبيهقي (6919). حسَّن إسنادَه النوويُّ في ((الخلاصة)) (2/969)، وصحَّح إسنادَه ابنُ القيِّم في ((تهذيب السنن)) (2/422)، وابن الملقِّن في ((تحفة المحتاج)) (1/604)، وابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (2/716)، وصحَّحه على شرط الشيخين الألبانيُّ في ((أحكام الجنائز)) (132)، وقال الوادعي ((الصحيح المسند)) (731): (إسناده صحيح، وأثَر ابن عمر صحيح، ولكنَّه موقوف عليه. وقول الصَّحابة الآخرين: ((هي السُّنة)) من طريق مُبهَم، لا نَدري من هو الرجل). وفي رواية لأبي داود (3193)، والنسائي (1977) صرح بالرَّجُل المبهم، وهو عمَّار، مولى الحارث بن نوفل. قال النوويُّ في ((المجموع)) (5/224): (إسناده صحيح، وعمَّار هذا تابعيٌّ مولًى لبني هاشم، اتَّفقوا على توثيقِه). وصحَّحه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1396). ثانيًا: لأنَّ الرَّجلَ يستحقُّ التقدُّمَ في الإمامةِ لفضيلَتِه؛ فاستحقَّ تقديمَ جِنازتِه [8150] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/112). ثالثًا: يُقدَّمُ الصبيانُ على النِّساءِ؛ لأنَّهم يُقدَّمونَ عليهنَّ في الصفِّ في الصَّلاةِ المكتوبةِ، فكذلك يُقدَّمونَ عليهنَّ ممَّا يلي الإمامَ عند اجتماعِ الجنائزِ، كالرِّجالِ [8151] ((المغني)) لابن قدامة (2/418). رابعًا: يُقدَّم الخُنْثى على المرأةِ؛ لأنَّه يُحتمَلُ أن يكونَ رَجلًا، وأدْنى أحوالِه أن يكونَ مُساويًا لها [8152] ((المغني)) لابن قدامة (2/418). المسألة الثانية: إذا اجتمعتْ جنائزُ مُتَّحِدةٌ في الجِنسِ إذا اجتمعَتْ جنائزُ مِن جنسٍ واحدٍ؛ قُدِّمَ إلى الإمامِ أفضلُهم [8153] قال النوويُّ: (قال إمامُ الحرمينِ وغيرُه: والمعتبَرُ في الفضيلةِ هنا: الوَرَع والتَّقوى، وسائِرُ الخِصال المَرْعيَّة في الصَّلاةِ عليه). ((المجموع)) (5/226). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهب الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة [8154] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/202). ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/130)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/316). للحنفيَّة بعضُ التفاصيل في المسألة؛ فالأَوْلى عندهم أن يُصلَّى على كلِّ جِنازَة على حِدَةٍ، ويُقدَّم الأفضلُ فالأفضلُ، فإنْ لم يُفعَل فلا بأس، ويبقى التخييرُ في وضْعِ الجنائِزِ هل صفًّا واحدًا، كما يصفُّون حالَ حياتِهم، ويقف الإمامُ عند الأفضلِ، أو تُوضَعُ الجنائِزُ واحدةً تلوَ الأخرى ممَّا تلي القبلةَ؛ ليقومَ الإمامُ بحِذاءِ الكُلِّ، ويكون أفضلُهم ممَّا يلي الإمامَ. يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/315، 316) ، والمالِكيَّة [8155] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/236). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/134). ولهم طريقتانِ في كيفيَّةِ وضْعِهم، فيقدَّم الأفضل فالأفضل، والجنائز إمَّا أن تُوضَع واحدةً تلوَ الأخرى ممَّا تلي القبلةَ، ويكون أفضَلُهم ممَّا يلي الإمامَ، أو أن يُجعَلوا سطرًا واحدًا من الشَّرق إلى الغرب ويقِف الإمامُ عند الأفضل وعن يمينه الذي يليه في الفَضْل، والمفضول عند رأس الفاضِلِ، ومن دونهما في الفَضْل عن شِماله...إلخ، ولم يُفضِّلوا إحدى الصورتين على الأخرى. ينظر المراجع السابقة. ، والشافعيَّة [8156] ((المجموع)) للنووي (5/226)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/348). ولهم طريقتانِ في كيفيَّة وضْعهم؛ أصحُّهما: أن يُوضَع الجميعُ بين يَدَيِ الإمام بعضُهم خلفَ بعضٍ؛ ليُحاذِيَ الإمامُ الجميعَ، ويقدَّم إلى الإمام أفضلُهم. والطريقة الثانية: أنْ يُوضَع الجميع صفًّا واحدًا، رأسُ كلِّ واحدٍ عند رِجل الآخَر، ويَجعل الإمامُ جميعَهم عن يمينه، ويقف في محاذاة الآخِر منهم. ، والحَنابِلَة [8157] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/112). ويُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (1/363). وعندهم تُوضَع الجنائِزُ واحدةً تِلوَ الأخرى، ويُقدَّم أفضلُهم، ويُسوَّى بين رُؤوسِهم. ؛ وذلك لأنَّه يستحقُّ التقدُّمَ في الإمامةِ لفضيلتِه، فاستحقَّ تقديمَ جنازتِه [8158] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/112).