المبحث الثاني: ما لا تجب فيه الزَّكاة من الزروع والثِّمار
المطلب الأوَّل: الزيتونلا تَجِبُ في الزَّيتونِ زكاةٌ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة
((المجموع)) للنووي (5/452)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/235). ، والحَنابِلَة
((كشاف القناع)) للبهوتي (2/204)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/7). ، وبه قالتْ طائفةٌ مِنَ السَّلفِ
قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (قال في الكتاب المصري: لا زكاةَ في الزَّيتون؛ لأنَّه إدامٌ ليس بقُوتٍ، وهو قول أبي ثور وأبي يوسف ومحمد) ((الاستذكار)) (3/226). وقال ابنُ قدامة: (وعن أحمد: لا زكاةَ فيه. وهو اختيار أبي بكر، وظاهر كلام الخِرَقي. وهذا قول ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وأبي عبيدة، وأحد قولي الشافعيِّ؛ لأنَّه لا يُدَّخَرُ يابسًا، فهو كالخَضراوات، والآيةُ لم يرِدْ بها الزَّكاةُ؛ لأنَّها مكيَّة، والزَّكاة إنما فُرضت بالمدينة) ((المغني)) (3/7). ، واختاره
أبو عُبيدٍ القاسِمُ بنُ سلَّامٍ قال أبو عُبيد: (فهذا ما جاء في الخَضراوات، وكذلك الزيتون عندي لا صَدَقةَ فيه مثلها؛ لأنَّه بها أشبَهُ منه بالأطعمةِ التي سنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيها الصَّدقة؛ مِنَ البُرِّ والشَّعير، والتمر والزبيب، ولا أراه أيضًا يشبه القطاني التي أوجب فيها الصَّدَقة مَن أوجبها؛ لأنَّ تلك يابسةٌ تُدَّخر، وهذا رَطْبٌ يَفسُدُ ويتغيَّر، فإن كان يُشبِهُ منها شيئًا فليس هو بشيءٍ أشبه منه بالسِّمسم؛ وذلك أنهما جميعًا تؤكَلُ ثمرتُهما، ويؤتدَمُ بعَصيرِهما، وقد بعث رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم معاذًا إلى اليمن- وهو مَعدِنُ السِّمسمِ-، فلم يبلُغْنا أنَّه أمَرَه في حبِّه ولا دُهْنِه بشيء، وكذلك الزَّيتُ، لم يأتنا عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه أوجَبَ فيه شيئًا، وقد كان يعرِفُه ويستحبُّه في طعامِه، ويأمُرُ بالادِّهان به فيما يُروى عنه، وقد نزل ذِكرُه في القرآن، فلم يَسُنَّ فيه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم سُنَّةً عَلِمناها، ولا ذكَرَه في شيءٍ مِن كُتُبِ صدقاته حين ذَكَر الثِّمارَ، وعُشُورَ الأرَضِينَ. فالزيتونُ عندنا ممَّا عفا عنه، كعفوه عن الخَضراوات والفَواكِه، ولا صحَّ مع هذا عن أحدٍ مِنَ الأئمَّة بعدَه فيه شيء؛ وذلك أنَّ الحديثَ الذي ذكرناه عن عُمَرَ بنِ عيَّاش، عن ابن إسحاقَ لا نراه محفوظًا؛ لأنَّ الليثَ يُحدِّثه عن عقيل، عن ابن شهاب موقوفًا عليه، ولا يرفَعُه إلى عُمَرَ، ولو كان أيضًا محفوظًا ما كان أيضًا يثبت؛ لأنَّه مرسَل عن ابن شهابٍ، عن عمر. وكذلك قولُ ابنِ عبَّاس، هو وإن كان أمثل إسنادًا من ذلك، فإنَّ فيه مقالًا. قال أبو عُبيد: ومع هذا، إنَّ الأحاديثَ التي ذكرناها في باب صدقة ما تُخرِجُ الأرض، عن ابن عمر، وأبي موسى الأشعري، وعن شريح، والشَّعبي، وإبراهيم، والحسن، حين ذكروا الأصنافَ التي تجِبُ فيها الصدقة، ممَّا تُخرِجُ الأرض، فسمَّوها، وأسقطوا الصَّدَقة عمَّا وراء ذلك، فقد تبيَّنَ أنَّهم لم يَرَوْا في الزَّيتون شيئًا، فصار هذا رأيَ هؤلاءِ جميعًا، مع الحديث المرفوع. ثم هو رأيُ ابنِ أبي ليلى، وسفيان، على مذهبهما). ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 605- 607)، وينظر: ((المغني)) (3/7). ، و
ابنُ باز قال ابنُ باز: (التِّينُ والزَّيتون لا تجِبُ فيهما زكاةٌ في أصحِّ قولَيِ العلماء؛ لأنَّهما من الخَضروات والفواكِه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/70). الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال الله تعالى:
وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141] وجه الدَّلالة:أنه تعالى قرَنَ الزَّيتونَ بالرمَّان، وهما ممَّا تُنبِتُه الأرضُ، والرمَّانُ لا تجِبُ فيه الزَّكاةُ بالاتِّفاق، فكذلك الزيتونُ لا تَجِبُ فيه الزَّكاةُ، فدلَّ ذلك على أنَّ الآيةَ ليست على عُمومِها في وجوبِ الزَّكاةِ بقوله تعالى:
وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ قال الطحاويُّ: (قال الله تعالى: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ **الأنعام: 141**، فاحتجَّ الشافعيُّ بهذه الآية في وجوب الزَّكاة في الزَّرع، وكذلك مالك، فدلَّ على أنَّ حُكمَها ثابتٌ عندهما غيرُ منسوخٍ، فلَزِمَهما إيجابُ الزَّكاةِ في الزَّيتون والرمَّان). ((مختصر اختلاف العلماء)) (1/453). وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (قد احتجَّ الشافعيُّ في إيجاب الزَّكاة بقول الله عزَّ وجلَّ: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ونزع مالكٌ بهذه الآية كما صنع الشافعيُّ، فدلَّ على أنَّ الآيةَ عندهما مُحكَمةٌ غيرُ منسوخة، واتَّفقا جميعًا على أنْ لا زكاةَ في الرُّمَّان، ثم اضطرَبَ الشافعيُّ في الزَّيتون، وكان يلزَمُهما إيجابُ الزَّكاة في الزَّيتون والرُّمَّان بهذه الآية، فإن كان الرُّمَّان خرجَ باتِّفاقٍ، فقد أبان بذلك أنَّ الآيةَ ليست على عُمومِها، وأنَّها موقوفةٌ على ما أُخِذَ منه من الأموالِ وما عُفي عنه، فكان الضميرُ على هذا التأويل عائدًا على النَّخلِ والزَّرع). ((التمهيد)) (20/153، 154)، وينظر: ((الشرح الممتع)) (6/71). ثانيًا: أنَّ الزَّيتونَ قد كان موجودًا على عهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فيما افتَتَحه من مخاليفِ اليَمَن وأطرافِ الشَّامِ، فلم يُنقَل أنَّه أخذ زكاةَ شيءٍ منه، ولو وجبَتْ زكاتُه لنُقِلَت عنه قولًا وفعلًا، كما نُقِلَت زكاةُ النَّخلِ والكَرْم قولًا وفعلًا
((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/235). ثالثًا: أنَّ الزَّيتون ليس بقُوتٍ، ولا يُدَّخَرُ يابسًا، فلا تجِبُ فيه زكاة، كالخَضروات
((المجموع)) للنووي (5/452)، ((المغني)) لابن قدامة (3/7). رابعًا: أنَّ الزيتونَ وإن كثُر فإنَّه لا يُقتاتُ منفردًا، كالتَّمر والزبيب، وإنما يُؤكَل أُدْمًا، والزَّكاةُ تجِبُ في الأقواتِ، ولا تجِبُ في الإدامِ
((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/235). المطلب الثاني: الفواكه والخضرواتلا تَجِبُ الزَّكاةُ في الفواكِه والخَضرواتِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة
((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/307)، ((التاج والإكليل)) للمواق (3/120). ، والشافعيَّة
((المجموع)) للنووي (5/454)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/382). ، والحَنابِلَة
((شرح منتهي الإرادات)) للبهوتي (1/ 414)، ويُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (1/398)، ((الشرح الكبير على متن المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (2/554). ، والظَّاهِريَّة
((المحلى)) لابن حزم (4/12) رقم (641). ، وبه قال
أبو يوسفَ و
محمَّدُ بنُ الحَسَنِ مِنَ الحنفيَّة
استثنى أبو يوسف ما كان يجيءُ منها ممَّا يبقى من سَنةٍ إلى سَنة بالتجفيفِ، فإنَّه يُخرَص ذلك جافًّا، فإن بلَغَ نِصابًا وجب، وإلَّا فلا، كالتِّين والإِجَّاص والكُمثرى والخوخ، ونحو ذلك. ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/60)، ((تبيين الحقائق، للزيلعي مع حاشية الشلبي)) (1/291). ، وعليه عامَّةُ أهلِ العِلم
قال أبو عُبيد في القولِ بعدمِ وُجوبِ الزَّكاة في الخَضروات والفواكه: (وعليه الآثارُ كلُّها، وبه تعمَلُ الأمَّة اليوم). ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 603). وقال: (العُلماء اليومَ مُجمِعون من أهلِ العِراقِ، والحجاز، والشام على أنْ لا صدقةَ في قليلِ الخُضَر ولا في كثيرِها، إذا كانت في أرض العُشر، وكذلك الفواكه عندهم، وإنما اختلفوا في غيرها من الحُبوب والقطاني، وقد ذكَرْنا اختلافَهم في موضعه، إلَّا أنَّ بعض الماضِينَ كان يرى في أثمانِها الصَّدقةَ إذا بِيعَت. منهم ميمون بن مِهران، وابن شهاب. قال أبو عبيد: وأظنُّ الأوزاعيَّ ثالثَهما). ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص 604، 605). وقال الترمذي: (ليس يصحُّ في هذا البابِ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شيءٌ... والعملُ على هذا عند أهلِ العِلم؛ أنْ ليس في الخَضروات صدقةٌ) ((سنن الترمذي)) (3/30). وقال الخطابي: (وقد يَستدلُّ بهذا الحديث مَن يرى أنَّ الصَّدقة لا تجِبُ في شيءٍ مِنَ الخَضراوات؛ لأنَّه زعم أنَّها لا تُوسَقُ، ودليلُ الخبر أنَّ الزَّكاة إنَّما تَجِبُ فيما يُوسَقُ ويُكالُ مِنَ الحُبوب والثِّمار دون ما لا يُكالُ مِنَ الفواكِه والخُضَر ونحوها، وعليه عامَّةُ أهلِ العِلم، إلَّا أنَّ أبا حنيفة رأى الصَّدقة فيها وفي كلِّ ما أخرَجَتْه الأرضُ، إلَّا أنَّه استثنى الطَّرفاء والقصب الفارسي، والحشيش وما في معناه). ((معالم السنن)) (2/14). الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:
((ليس فيما دون خمسِ أواقٍ صَدقةٌ، وليس فيما دون خَمسِ ذَودٍ صَدقةٌ، وليس فيما دون خمسِ أوسُقٍ صَدقةٌ )) رواه البخاري (1405)، ومسلم (979) وجه الدَّلالة:أنَّ الخَضرواتِ والفواكِهَ لا تُوسَقُ، ودليلُ الخبَرِ أنَّ الزَّكاة إنَّما تجِبُ فيما يُوسَقُ ويُكالُ مِنَ الحبوبِ والثِّمارِ دون ما لا يُكالُ مِنَ الفواكِهِ والخُضَر ونحوها
قال الخطابي: (وقد يَستدلُّ بهذا الحديث مَن يرى أنَّ الصَّدقةَ لا تجِبُ في شيءٍ مِنَ الخَضراوات؛ لأنَّه زعم أنَّها لا تُوسَقُ، ودليل الخبَرِ أنَّ الزَّكاة إنما تجب فيما يُوسَقُ ويُكال من الحبوب والثمار دون ما لا يُكالُ مِنَ الفواكِهِ والخُضَرِ ونحوها). ((معالم السنن)) (2/14). ثانيًا: أنَّ المقصودَ مِنَ الزَّكاةِ إنما هو سدُّ الخَلَّة، وذلك لا يكون غالبًا إلَّا فيما هو قُوتٌ
((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/253)، ((المجموع)) للنووي (5/493). المطلب الثالث: العسللا تجِبُ الزَّكاةُ في العَسَل، وهو مذهَبُ المالكيَّة
((التاج والإكليل)) للمواق (3/120)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/280). ، والشافعيَّة
((الشرح الكبير)) للرافعي (5/563)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/232). ، والظَّاهِريَّة
قال ابنُ حزم: (لا زكاةَ في شيء من الثِّمار، ولا مِنَ الزَّرعِ، ولا في شيءٍ مِنَ المعادن، غير ما ذكَرْنا، ولا في الخَيلِ، ولا في الرَّقيق، ولا في العَسَل) ((المحلى)) (4/12) رقم (641). وقال: (وأمَّا العسل: فإنَّ مالكًا والشافعيَّ وأبا سليمان، وأصحابهم: لم يروا فيه زكاةً) ((المحلى)) (4/36) رقم (641). وقال: (فإن احتجُّوا بعمومِ قَولِ الله تعالى خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً **التوبة: 103**، قيل لهم: فأوجِبُوها فيما خرَجَ من معادِنِ الذَّهَب والفضَّة، وفي القَصَب، وفي ذكورِ الخَيلِ، فكلُّ ذلك أموالٌ للمسلمين، بل أوجِبُوها حيث لم يوجبْها اللهُ تعالى، وأسقِطُوها ممَّا خرَجَ مِنَ النخل والبُرِّ والشعير، في أرض الخراجِ، وفي الأرض المُستأجَرَة. ولكنَّهم قَومٌ يَجهلون!). ((المحلى)) لابن حزم (4/39) رقم (641). ، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
قال البغويُّ: (ذهب قومٌ إلى أنَّه لا صدقةَ فيه، رُوِيَ ذلك عن عُمَرَ بنِ عبد العزيز. وبه قال مالكٌ، وابن أبي ليلى، والثوريُّ، والشافعيُّ. كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامِلِه على دمشق: إنَّما الصَّدقةُ في العينِ، والحَرْثِ، والماشية). ((شرح السنة)) (6/45). وقال ابنُ قدامة: (وقال مالك، والشافعيُّ، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وابن المُنْذِر: لا زكاةَ فيه) ((المغني)) (3/20). ، واختاره ابنُ المُنْذِر
قال ابنُ المُنْذِر: (ليس في العَسَلِ خبَرٌ يثبُتُ ولا إجماعٌ؛ فلا زكاةَ فيه). ((المغني)) (3/20)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/348). ، ومال إليه
ابنُ مُفلِحٍ ((الفروع)) (4/122- 124)، وينظر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/86، 87). ، واختاره
ابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (الصَّحيحُ أنَّ العَسَلَ ليس فيه زكاةٌ) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/87). ، واللَّجنة الدَّائمة
في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (ليس في العَسَل المُنتَج بواسطةِ النَّحلِ زكاةٌ). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (9/226). الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن
عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال:
((فيما سَقَتِ السماءُ والعُيُونُ أو كان عَثَرِيًّا العُشرُ، وما سُقِيَ بالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ )) رواه البخاري (1483). وجه الدَّلالة:أنَّ مفهومَ الحديثِ يدلُّ على أنَّ ما لا يُسقَى لا يُعُشَّر
قال ابنُ حجر: (قال ابنُ المنير: مناسبةُ أثَرِ عُمَرَ في العسل للترجمة: من جهةِ أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنْ لا عُشرَ فيه؛ لأنَّه خصَّ العُشرَ أو نِصفَه بما يُسقَى، فأفهم أنَّ ما لا يُسقى لا يُعشَّر. زاد بن رشيد: فإن قيل: المفهومُ إنَّما ينفي العُشرَ أو نصفَه، لا مُطلقَ الزَّكاة، فالجوابُ: أنَّ النَّاسَ قائلان؛ مثبِتٌ للعُشرِ، ونافٍ للزَّكاة أصلًا، فتمَّ المراد). ((فتح الباري)) لابن حجر (3/348). ثانيًا: أنَّه ليس في القرآنِ ولا في السُّنة ما يدلُّ على وجوبِ زكاةِ العَسَل، ولا وُجِدَت في كُتُبِ صَدَقاته عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، والأصلُ براءةُ الذِّمَّة، حتى يقومَ دليلٌ على الوجوبِ، فإنَّه لا يجوزُ فَرضُ زكاةٍ في مالٍ، لم يصحَّ في إيجابِه شَيءٌ
((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 608)، ((المحلى)) لابن حزم (قم 641)،. ثالثًا: أنَّ العَسَلَ مائعٌ خارِجٌ من حيوان، أشبَهَ اللَّبَن، ولا زكاةَ في اللَّبَنِ إجماعًا
((المغني)) لابن قدامة (3/20)، (( الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/87). رابعًا: أنَّ العَسَل ليس بقُوتٍ، فلا يجِبُ فيه العُشرُ، كالبَيضِ
((المجموع)) للنووي (5/452).