الموسوعة الفقهية

الفصل الثالث: سُنَنُ الطَّوافِ


المبحث الأوَّل: الاضْطِباعُ
المطلب الأوَّل: تعريفُ الاضْطِباعِ
الاضطباعُ لغةً: مشتقٌّ مِنَ الضَبْع, بمعنى: العَضُد؛ سُمِّيَ بذلك لإبداءِ أحدِ الضَّبعينِ ((لسان العرب)) لابن منظور (8/ 216), ((الصحاح)) للجوهري (3/ 1248).
الاضطباعُ اصطلاحًا: أن يتوشَّحَ بردائِه ويُخْرِجَه من تحتِ إبطِه الأيمنِ، ويُلقِيَه على مَنْكِبِه الأيسرِ، ويغَطِّيَه، ويبدِيَ مَنْكِبَه الأيمنَ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/9), ((المجموع)) للنووي (8/19), ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/275).
المطلب الثَّاني: حُكْمُ الاضطباعِ
الاضطباعُ سُنَّةٌ مِن سُنَنِ الطَّواف، وهو للرِّجالِ دون النِّساء, وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (1/479). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/14), ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/328). , والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/16)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/485).
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن يَعلَى بنِ أمَيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طاف مُضْطَبِعًا )) رواه أبو داود (1883)، والترمذي (859)، وابن ماجه (2954) واللفظ له، وأحمد (17981)، والدارمي (1843) قال الترمذي: حسنٌ صحيح، وحسنه ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/731)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2954)، وصحَّح إسنادَه النووي في ((المجموع)) (8/19)، وصححه على شرط الشيخين الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1220).
2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه اعتمروا مِنَ الجِعْرانَةِ، فرمَلوا بالبيتِ، وجعلوا أردِيَتَهم تحت آباطِهم، قد قَذَفوها على عواتِقِهم اليُسرى )) رواه أبو داود (1884)، وأحمد (3512) صحَّحه النووي في ((المجموع)) (8/19)، وصحَّح إسنادَه ابن الملقِّن في ((تحفة المحتاج)) (2/173) وقال ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/332): إسناده على شرط مسلم، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/111): رجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (5/172)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1884)
3- عن أسلَمَ مولى عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعْتُ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه يقول: ((فِيمَ الرَّمَلانُ الرَّمَلان: الهرولة؛ مِنْ رَمَل يرمُل رَمَلًا ورَمَلانًا: إذا أسرع في المشي وهز منكبيه. ينظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/ 645) ((مختار الصحاح)) للرازي (ص: 129). اليومَ والكَشْفُ عن المناكبِ، وقد أطَّأَ (أَطَّأَ) بتشديدِ الطَّاء، أي: ثَبَّتَ وأحْكَمَ، والهمزة فيه بدل من واو (وَطَّأ). يُنظر: ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (2/ 223)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/ 127). اللهُ الإسلامَ، ونفى الكفْرَ وأهلَه، مع ذلك لا نَدَعُ شيئًا كنَّا نَفْعلُه على عهدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم )) رواه أبو داود (1887) واللفظ له، وابن ماجه (2952)، وأحمد (317). صحَّح إسنادَه النووي في ((المجموع)) (8/19)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/204)، وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (1/161)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1887): حسن صحيح، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (746). وأصله في صحيح البخاري (1605).
المطلب الثَّالث: الطَّواف الذي يشرع فيه الاضطباع؟
الاضطباعُ مشروعٌ في طوافِ القُدومِ, وطوافِ العُمْرةِ فقط، وهو مذهَبُ الحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/477)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/339). , وقولٌ عند الشَّافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/329)، ((المجموع)) للنووي (8/20). , واختاره ابنُ باز قال ابنُ باز: (لا يُشرَع الرَّمَل والاضطباعُ في غيرِ هذا الطَّواف، ولا في السَّعْي، ولا للنِّساء؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يفعَلِ الرَّمَل والاضطباعَ إلَّا في طوافِه الأوَّل الذي أتى به حين قَدِمَ مكَّة) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/61), وقال: (الاضطباعُ إنَّما هو في طوافِ القُدومِ، وأمَّا في غير طوافِ القُدومِ فيجعله على عاتِقَيه جميعًا) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (29/342). , وابنُ عُثيمين قال ابنُ عثيمين: (الاضطباعُ إنما هو في الطَّواف أوَّلَ ما يقْدَمُ الإنسانُ إلى مكَّة، كطوافِ العُمْرةِ، أو طوافِ القُدومِ) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/310). وقال أيضًا: (طوافُ الوداعِ لا اضطباعَ فيه؛ لأنَّ الإنسانَ ليس بمُحْرِم، فالإنسانُ يطوفُ طوافَ الوداعِ وعليه ثيابُه المعتادة، ليس عليه إزارٌ ورداءٌ، وحتى لو فُرِضَ أنَّه ليس لديه ثيابٌ معتادةٌ كالقميص، وأنَّ عليه رداءً وإزارًا فإنَّه لا يَضطَبِعُ؛ لأنَّ الاضطباعَ إنَّما هو في الطَّوافِ أوَّلَ ما يقدَمُ الإنسانُ إلى مكَّة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/310).
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن يَعلَى بنِ أميَّةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طاف مُضْطَبِعًا )) رواه أبو داود (1883)، والترمذي (859)، وابن ماجه (2954) واللفظ له، وأحمد (17981)، والدارمي (1843) قال الترمذي: حسنٌ صحيح، وحسنه ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/731)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2954)، وصحَّح إسنادَه النووي في ((المجموع)) (8/19)، وصححه على شرط الشيخين الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1220).
2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه، اعتَمَروا مِنَ الجِعْرَانةِ، فرَمَلوا بالبيتِ، وجعلوا أردِيَتَهم تحت آباطِهم، قد قذفوها على عواتِقِهم اليُسرى )) رواه أبو داود (1884)، وأحمد (3512) صحَّحه النووي في ((المجموع)) (8/19)، وصحَّح إسنادَه ابن الملقِّن في ((تحفة المحتاج)) (2/173) وقال ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/332): إسناده على شرط مسلم، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/111): رجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (5/172)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1884)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
دلَّ هذانِ الحديثانِ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما اضطبَعَ في طوافِه أوَّلَ مَقْدَمِه، ولم يُروَ عنه الاضطباعُ في غيرِ ذلك.
المبحث الثَّاني: الرَّمَل
المطلب الأوَّل: تعريفُ الرَّمَل
الرَّمَل لغةً: الهَرْوَلة؛ يقال: رمل: إذا أسرعَ في المشيِ، وهزَّ مَنْكِبَيه ((معجم مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/ 442), ((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 295).
الرَّمَل اصطلاحًا: هو الإسراعُ في المشيِ، مع تقارُبِ الخُطى وتحريكِ المَنْكِبَينِ, وهو دون الوثوبِ والعَدْوِ، ويُسَمَّى أيضًا الخَبَب ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 150), ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/402), ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/326), ((روضة الطالبين)) للنووي (3/86).
المطلب الثَّاني: حُكْمُ الرَّمَل
الرَّمَلُ سُنَّةٌ للمُحْرمِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (4/17), ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/454), ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/147). , والمالِكيَّة ((الكافي)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/366), ((الشرح الكبير)) للدردير (2/41)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/326). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/14), ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/286), ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/329). , والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/480)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/386).
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا طاف بالبيت الطَّوافَ الأوَّلَ يَخُبُّ ثلاثةَ أطوافٍ، ويمشي أربعةً ، وأنَّه كان يسعى بَطْنَ المَسيلِ، إذا طاف بين الصَّفَا والمروةِ )) رواه البخاري (1617) واللفظ له، ومسلم (1261).
2- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- الطويل- في حجَّةِ الوداعِ؛ قال: ((فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا )) رواه مسلم (1218).
3- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه مكَّةَ، وقد وَهَنَتْهم حُمَّى يثربَ، فقال المشركون: إنَّه يَقْدَمُ عليكم غدًا قومٌ قد وَهَنَتْهم الحُمَّى، ولَقُوا منها شِدَّةً، فجلسوا مِمَّا يلي الحِجْرَ، وأمَرَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَرْمُلوا ثلاثةَ أشواطٍ، ويَمْشُوا ما بين الرُّكْنينِ؛ ليرى المشركونَ جَلَدَهم، فقال المشركونَ: هؤلاءِ الذينَ زَعَمْتم أنَّ الحُمَّى قد وَهَنَتْهم، هؤلاءِ أجلَدُ مِن كذا وكذا )) رواه البخاري (1602)، ومسلم (1266) واللفظ له.
4- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَمَل مِنَ الحَجَرِ الأسودِ حتى انتهى إليه ثلاثةَ أطوافٍ )) رواه مسلم (1263).
5- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمَلَ مِنَ الحَجَر إلى الحَجَر )) رواه مسلم (1262).
المطلب الثَّالث: الرَّمَل في الأشواطِ الثَّلاثةِ الأُوَلِ
الرَّمَلُ يكون في الثَّلاثةِ الأشواطِ الأُوَلِ مِنَ الطَّوافِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا طاف بالبيت الطَّوافَ الأوَّلَ، يَخُبُّ ثلاثةَ أطوافٍ، ويمشي أربعةً )) رواه البخاري (1617) واللفظ له، ومسلم (1261).
2- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- الطويلُ- في حجَّةِ الوداعِ، قال: ((فرَمَل ثلاثًا، ومشى أربعًا )) رواه مسلم (1218).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (لا أعلم خلافًا أنَّ الرَّمَل- وهو الحركة والزيادة في المشي- لا يكون إلَّا في ثلاثة أطوافٍ مِنَ السبعة، في طوافِ دخولِ مكَّةَ، خاصةً للقادِمِ الحاجِّ أو المعتَمِر) ((الاستذكار)) (4/190). ، وابنُ قُدامة قال ابنُ قُدامة: ((معنى الرَّمَل: إسراعُ المشيِ، مع مقاربةِ الخَطْو من غير وثْبٍ، وهو سنَّةٌ في الأشواطِ الثلاثة الأُوَل من طوافِ القُدوم، ولا نعلم فيه بين أهل العلمِ خلافًا)) ((المغني)) (3/340). , والنوويُّ قال النووي: (وأمَّا قوله ثلاثة وأربعة، فمُجمعٌ عليه، وهو أنَّ الرَّمَل لا يكون إلا في الثلاثةِ الأُوَل مِنَ السَّبْعِ) ((شرح النووي على مسلم)) (9/8).
المطلب الرابع: الرَّمَلُ خاصٌّ بطوافِ القُدُومِ وبطوافِ المُعْتَمِر فقط
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابر رَضِيَ اللهُ عنه- الطويلُ- في حجَّةِ الوداعِ، قال: ((فرَمَل ثلاثًا، ومشى أربعًا )) رواه مسلم (1218).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أن هذا الرَّمَلَ كان في طوافِ القُدومِ ((شرح النووي على مسلم)) (8/175).
2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه مكَّةَ، وقد وَهَنَتْهم حُمَّى يثربَ، فقال المشركون: إنَّه يَقْدَمُ عليكم غدًا قومٌ قد وَهَنَتْهم الحُمَّى، ولَقُوا منها شِدَّةً، فجلسوا مِمَّا يلي الحِجْرَ، وأمَرَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَرْمُلوا ثلاثةَ أشواطٍ، ويَمْشُوا ما بين الرُّكْنينِ؛ ليرى المشركونَ جَلَدَهم، فقال المشركونَ: هؤلاءِ الذينَ زَعَمْتم أنَّ الحُمَّى قد وَهَنَتْهم، هؤلاءِ أجلَدُ مِن كذا وكذا )) رواه البخاري (1602)، ومسلم (1266) واللفظ له.
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا الرَّمَل كان في طوافِ العُمْرةِ ((شرح النووي على مسلم)) (9/9).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (لا أعلمُ خلافًا أنَّ الرَّمَل- وهو الحركةُ والزيادة في المشيِ- لا يكون إلَّا في ثلاثة أطوافٍ مِنَ السبعةِ في طوافِ دُخولِ مكَّة، خاصةً للقادِمِ الحاجِّ أو المعتمر) ((الاستذكار)) (4/190). ، وابن قُدامة قال ابنُ قُدامة: ((معنى الرَّمَل إسراعُ المشيِ مع مقاربةِ الخَطْوِ من غيرِ وَثْبٍ، وهو سنَّةٌ في الأشواط الثلاثة الأُوَل من طواف القدومِ، ولا نعلم فيه بين أهل العِلمِ خلافًا)) ((المغني)) (3/ 340).
المطلب الخامس: هلْ على النِّساءِ رَمَلٌ؟     
ليسَ على النِّساءِ رمَلٌ في الطَّوافِ.
الدليل من الإجماع: 
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنذر [1718] قال ابنُ المُنذر: (أجمَعوا ألا رَمل على النِّساء حول البيت، ولا في السَّعي بين الصَّفا والمروة). ((الإجماع)) (ص: 55).                                                     ، الطحاوي [1719] قال الطحاويُّ: (وأجمع المسلمون عليه، ولم يُرخِّصوا لأحدٍ في ترْكه إلَّا النساء، فإنَّهم جميعًا مجمِعون على أنَّه لا رمَلَ عليهم [كذا، وصوابه: عليهنَّ]). ((أحكام القرآن)) (2/107).         ، وابن عبد البر [1720] قال ابن عبد البَرِّ: (وأجمَعوا أنْ ليس على النِّساء رمَلٌ في طوافهنَّ بالبيت، ولا هرولة في سعيهنَّ بين الصَّفا والمروة). ((التمهيد)) (2/78). ، وابن بطال [1721] قال ابنُ بطَّال: (وأجمعوا أنه لا رَمَل على النِّساء في طوافهنَّ بالبيت، ولا هرولة في سعيهنَّ بين الصَّفا والمروة) (4/288). ، وابن رشد [1722] قال ابنُ رُشد: (لا تَرمُل المرأةُ، والمتطوِّعُ، والمودِّع اتِّفاقًا) نقلًا عن ((شرح مختصر خليل)) للخَرشي (2/326).
المبحث الثَّالث: استلامُ الحَجَرِ الأسودِ وتَقبيلُه
المطلب الأوَّل: حُكْمُ استلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ وتقبيلِه
يُسَنُّ استلامُ الحَجَر الأسوَدِ وتقبيلُه لكِنْ إذا وجد الطائِفُ زحامًا فيجتنب الإيذاءَ، ويكتفي بالإشارة إلى الحَجَر الأسود بيده؛ وذلك لأنَّ الزحامَ يؤذيه؛ ويؤذي غيره؛ وربما يحصل به الضَّرر؛ ويذهب الخشوع، ويخرج بالطَّواف عما شُرِع من أجله مِنَ التعبدِ لله؛ وربما حصل به لغوٌ وجدالٌ ومقاتلة. يُنْظَر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/287).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال للرُّكْن: ((أمَا واللهِ، إنِّي لأعلمُ أنَّك حَجَر لا تَضُرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استَلَمَك ما استَلَمْتُك، فاسْتَلَمَه، ثمَّ قال: فما لنا وللرَّمَل، إنَّما كنَّا راءَيْنا به المشركينَ، وقد أهْلَكَهم اللهُ؟ ثم قال: شيءٌ صَنَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا نُحِبُّ أن نَتْرُكَه )) رواه البخاري (1605) واللفظ له، ومسلم (1270). ، وفي روايةٍ: ((أنَّه جاء إلى الحَجَرِ الأسوَدِ فقَبَّلَه، فقال: «إنِّي أعلَمُ أنَّك حَجَرٌ لا تضرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقَبِّلُك ما قَبَّلْتُك )) رواه البخاري (1597) واللفظ له، ومسلم (1270).
2- عن سُوَيدِ بنِ غَفَلةَ، قال: ((رأيتُ عُمَرَ قبَّل الحَجَرَ والتَزَمَه، وقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بك حفِيًّا )) رواه مسلم (1271).
3- عن الزُّبَير بن عربيٍّ، قال: ((سأل رجلٌ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما عن استلامِ الحَجَر، فقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستَلِمُه ويُقَبِّلُه، قال: قلت: أرأيتَ إن زُحِمْتُ؟ أرأيتَ إن غُلِبْتُ؟ قال: اجعَلْ أرأيتَ باليَمَنِ، رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه )) رواه البخاري (1611) واللفظ له، ومسلم (1268).
4- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا قَدِمَ مكَّة أتى الحَجَرَ فاستلَمَه، ثم مشى على يَمينِه، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا )) رواه مسلم (1218).
ثانيًا: مِنَ الإجماع
نقل الإجماعَ على سُنِّيَّة استلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ ابْنُ حَزْمٍ قال ابنُ حزم: (واتفقوا على استلام الحجر الأسود) ((مراتب الإجماع)) (ص: 44). ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (وهذا المعنى في الفقه كلِّه جائزٌ عند أهل العلم، لا نكيرَ فيه، فجائزٌ عندهم أن يستلم الرُّكْنَ اليماني، والرُّكْنَ الأسود، لا يختلفون في شيءٍ من ذلك, وإنما الذي فرَّقوا بينهما فيه، التقبيل لا غير, فرأوا تقبيلَ الرُّكْن الأسودِ والحَجَر, ولم يروا تقبيلَ اليماني, وأمَّا استلامهما جميعًا فأمرٌ مجتَمَعٌ عليه, وإنما اختلفوا في استلام الرُّكْنينِ الآخَرينِ) ((التمهيد)) (22/ 259، 260). ، وابنُ رُشْدٍ قال ابنُ رشد: (اتَّفقوا على أنَّ مِن سُنَّةِ الطَّوافِ استلامَ الرُّكْنين، الأسودِ واليمانيِّ، للرجال دون النِّساءِ) ((بداية المجتهد)) (1/341). والنوويُّ قال النووي: (أجمع المسلمون على استحبابِ استلامِ الحجرِ الأسودِ، ويُستحَبُّ عندنا مع ذلك تقبيلُه) ((المجموع)) (8/57).
المطلب الثَّاني: التكبيرُ عند الحَجَرِ الأسْوَدِ في كلِّ طَوْفَةٍ
يُسَنُّ التكبيرُ والتسميةُ قبل التكبيرِ صَحَّتْ عن ابنِ عُمَرَ موقوفًا عليه، ينظر ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (2/537). عند استلامِ الحَجَرِ الأسودِ، أو الإشارةُ إليه، وذلك كلَّما حاذاه في كلِّ طَوْفَةٍ.
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((طافَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيتِ على بعيرٍ، كلَّما أَتَى الرُّكْنَ أشارَ إليهِ بشيءٍ كان عندَهُ وكَبَّرَ )) أخرجه البخاري (1613).
المطلب الثَّالث: كيفيةُ الإشارةِ إلى الحَجَرِ الأسوَدِ
إذا لم يستَلِمِ الحَجَرَ الأسودَ ويُقَبِّلُه، فله أن يستَلِمَه ويُقَبِّلَ يَدَه، وله أن يستَلِمَه بشيءٍ يكون معه، ويقَبِّلَه، وله أن يشيرَ إليه بِيَدِه من غيرِ تقبيلٍ.
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن نافعٍ، قال: ((رأيتُ ابنَ عُمَرَ يستلِمُ الحجَرَ بيَدِه، ثم قبَّلَ يدَه، وقال: ما تركتُه منذ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه )) رواه مسلم (1268).
2- عن أبي الطُّفَيلِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يطوف بالبيتِ، ويستلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ معه، ويقبِّلُ المِحْجَنَ )) رواه مسلم (1275).
3- عن جابرِ بنِ عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((طاف رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيتِ في حجَّةِ الوداعِ على راحِلَتِه يستلِمُ الحَجَر بمِحْجَنِه؛ لأنْ يراه النَّاسُ ولِيُشْرِفَ ولِيَسألوه؛ فإنَّ النَّاسَ غَشُوه )) رواه مسلم (1273).
المبحث الرابع: استلامُ الرُّكْنِ اليمانيِّ
يُستحبُّ استلامُ الرُّكْنِ اليمانيِّ، وهو الرُّكْنُ الواقِعُ قبل رُكْنِ الحَجَرِ الأسودِ, ولا يُقَبِّلُه، ولا يُقَبِّلُ ما استلَمَ به.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((ما تركتُ استلامَ هذين الرُّكْنينِ: اليمانيِّ والحَجَر، مُذْ رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْتَلِمُهما، في شدةٍ ولا رخاءٍ )) رواه البخاري (1606)، ومسلم (1268) واللفظ له.
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((لم أرَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمسَحُ مِنَ البيت، إلَّا الرُّكْنينِ اليَمَانِيَّينِ )) رواه البخاري (1609)، ومسلم (1267) واللفظ له.
3- عن سالمٍ عن أبيه أنه قال: ((لم يكنْ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستلِمُ من أركانِ البَيْتِ إلَّا الرُّكْنَ الأسوَدَ، والذي يليه، من نحوِ دُورِ الجُمَحِيِّينَ )) رواه مسلم (1267).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (وهذا المعنى في الفقه كلِّه جائزٌ عند أهل العلم، لا نكيرَ فيه، فجائزٌ عندهم أن يستلم الرُّكْنَ اليماني، والرُّكْنَ الأسود، لا يختلفون في شيءٍ من ذلك, وإنما الذي فرَّقوا بينهما فيه، التقبيل لا غير, فرأوا تقبيلَ الرُّكْن الأسودِ والحَجَر, ولم يروا تقبيلَ اليماني, وأمَّا استلامهما جميعًا فأمرٌ مجتَمَعٌ عليه, وإنما اختلفوا في استلام الرُّكْنينِ الآخَرينِ) ((التمهيد)) (22/259). ، وابنُ رُشْدٍ قال ابنُ رشد: (اتَّفقوا على أنَّ من سنة الطَّواف؛ استلامَ الرُّكْنين: الأسودِ واليماني، للرِّجالِ دون النِّساء) ((بداية المجتهد)) (1/341).
مطلبٌ: استلامُ غيرِ الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ:
لا يُسَنُّ استلامُ غيرِ الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لم أرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستَلِمُ مِنَ البيتِ إلَّا الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ )) رواه البخاري (1609)، ومسلم (1187).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها: ((ألَمْ تَرَيْ أنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الكعبةَ اقتَصَروا على قواعِدِ إبراهيمَ؟ فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تَرُدُّها على قواعِدِ إبراهيمَ؟ قال: لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْرِ لفَعَلْتُ، فقال عبدُ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: لئِنْ كانت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها سَمِعَتْ هذا من رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أُرى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرَكَ استلامَ الرُّكْنينِ اللَّذينِ يَلِيانِ الحِجْرَ إلَّا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيمَ، وعنها قالت: سألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الجَدْرِ؛ أمِنَ البيتِ هو؟ قال: نَعَمْ )) رواه البخاري (1584)، ومسلم (1333) واللفظ له.
ثانيًا: أنَّ الرُّكْنَ الذي فيه الحَجَرُ الأسوَدُ فيه فضيلتانِ: كَوْنُ الحَجَرِ فيه، وكونُه على قواعِدِ إبراهيمَ عليه السلام، والرُّكْنَ اليمانيَّ فيه فضيلةٌ واحدة: وهي كونُه على قواعِدِ أبينا إبراهيمَ عليه السَّلام، وأمَّا الشَّاميَّانِ فليس لهما شيءٌ مِنَ الفضيلتينِ؛ ولذا لم يُشْرَعْ استلامُهما ((المجموع)) للنووي (8/34)، ((شرح النووي على مسلم)) (8/94).
المبحث الخامس: الذِّكْرُ والدُّعاءُ في الطَّوافِ
يُستحَبُّ للطَّائِفِ أن يُكْثِرَ مِنَ الذِّكْرِ والدُّعاءِ في طوافِه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة قال الكمال ابن الهمام: (ولم يثبت عنه في الطواف قراءة بل الذكر وهو المتوارث عن السلف والمجمع عليه) ((فتح القدير)) (2/495). : الحَنَفيَّة ((المبسوط للسرخسي)) (4/ 43)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/ 497)، ويُنظر: ((فتح القدير)) لابن الهمام (2/495) ، والمالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 153)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/326). ، والشَّافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/489) ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/481).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هذا عَمَلٌ توارَثَه السَّلَفُ ((فتح القدير)) لابن الهمام (2/495).
ثانيًا: أنَّ ذِكْرَ الله مستحَبٌّ في جميعِ الأحوالِ؛ ففي حالِ التلبُّسِ بعبادةِ الطَّوافِ أَوْلى ((المغني)) لابن قُدامة (3/343).
مطلبٌ: ما يقولُ بين الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ
مِنَ الأذكارِ المأثورةِ في الطَّوافِ بين الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ أن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ السَّائبِ قال: سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول ما بين الرُّكْنينِ: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) رواه أبو داود (1892)، وأحمد (15435)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3934). حسنه ابن حجر كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (4/378)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1892)، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/252).
المبحثُ السَّادسُ: قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ
لأهْلِ العِلْمِ في قراءةِ القرآنِ في الطَّوافِ قولان:
القول الأوّل: يُستحَبُّ قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ مع تفضيلِ الذِّكْرِ المأثورِ عليه، وهو مذهب الحَنَفيَّة لكن قيَّدوه بالسِّرِّ، وذلك بقراءَتِه في نفسِه، وعدَمِ رفع الصوت حتى لا يتأذى به غيرُه؛ لِمَا يشغَلُه ذلك عن الدُّعاء. ((المبسوط)) للسرخسي (4/43)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/130). ، والشَّافعيَّة لكنَّ الدعاءَ المأثورَ عندهم أفضَلُ من قراءة القرآن في الطَّوافِ، وقراءةُ القرآنِ أفضَلُ مِنَ الدُّعاء غير المأثور. ((المجموع)) للنووي (8/44). ، وإحدى الرِّوايتينِ عن أحمد ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/392). ، ورُوِيَ عن طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ منهم: عطاء ومجاهد والثوري وابن المبارك وأبو ثور. ((المجموع)) للنووي (8/59)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/482)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (72/292). ، واختاره ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِر: (وكان أبو ثور: يرى القراءةَ في الطَّواف، وبه قال أصحاب الرأي: إذا قرأه فيما بينه وبين نفسه، وكَرِهَ الحسن البصري، وعروة بن الزبير، ومالك: قراءة القرآنِ في الطَّوافِ. قال أبو بكر: الأوَّل أَوْلى). ((الإشراف)) (3/ 276)، ويُنْظَر: ((فتح الباري)) (3/482).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الطَّوافَ صلاةٌ، ولا تُكْرَهُ القراءةُ في الصَّلاة ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/392).
ثانيًا: أنَّ الموضِعَ موضِعُ ذِكْرٍ، والقرآنُ أفضَلُ الذِّكْر قال شمس الدين ابن قُدامة: (قال ابنُ المبارك: ليس شيءٌ أفضلَ مِنَ القرآن) ((الشرح الكبير)) (3/392).
ثالثًا: أنَّ قراءةَ القرآنِ مندوبٌ إليها في جميعِ الأحوالِ إلَّا في حالِ الجنابةِ والحَيْضِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/130).
القول الثاني: يُكْرَه قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة ((حاشية العدوي)) (1/ 669)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/804). ، وقولٌ للحَنَفيَّة ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/452)، ((الفتاوى الهندية)) (5/415). ، وهو روايةٌ عن أحمَدَ ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/391). ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ منهم: عروة بن الزبير، والحسن البصري، وروي عن عطاء في إحدى الروايتين عنه أن قراءة القرآن في الطَّواف أمرٌ محدث. ((المجموع)) للنووي (8/59)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/391)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (72/293).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هَديَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو الأفضَلُ، والمشروعُ في الطَّوافِ مجرَّدُ ذِكْرِ الله تعالى، ولم يَثْبُتْ عنه في الطَّوافِ قراءةُ قرآنٍ، بل الذِّكْرُ، وهو المتوارَثُ مِنَ السَّلَفِ والمُجمَع عليه، فكان أَوْلى ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/452)، ويُنْظَر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (23/59).
ثانيًا: أنَّ ما ما ورد مِنَ الذِّكْرِ مختصًّا بمكانٍ أو زمانٍ أو حالٍ، فالاشتغالُ به أفضل مِنَ الاشتغالِ بالتلاوةِ يقول ابن تيميَّة: (قد يكون المفضولُ في وقتٍ أفضَلَ مِنَ الفاضل... وكذلك الذِّكْر والدعاء في الطَّواف وعَرَفة ونحوهما أفضل من قراءةِ القرآن). ((مجموع الفتاوى)) (11/399).
المبحث السابع: الدُّنُوُّ مِنَ البيتِ
يُستحَبُّ للطَّائفِ أن يدنُوَ مِنَ البيتِ, وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/355). , والمالِكيَّة ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/315), ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/804). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/38)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/333). , والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/485)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/390).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ البيتَ أشرَفُ البقاعِ؛ فالدنوُّ منه أفضلُ ((المجموع)) للنووي (8/38).
ثانيًا: أنَّه أيسَرُ في استلام الرُّكْنينِ وتقبيلِ الحَجَرِ ((المجموع)) للنووي (8/38).
المبحث الثامن: صلاةُ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّوافِ (ركعتا الطَّوافِ)
المطلب الأوَّل: حُكْمُ صلاةِ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّوافِ (ركعتا الطَّواف)
صلاةُ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّواف؛ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ, وهو مذهب الشَّافعيَّة في الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (8/62), ويُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (8/175). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/15), ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/574). , واختاره ابْنُ حَزْمٍ قال ابنُ حزم: (فإذا تمَّ الطَّواف المذكور أتيا إلى مقامِ إبراهيم- عليه السلام- فصَلَّيَا هنالك ركعتين وليستا فرضًا) ((المحلى)) (5/83). ، وابنُ باز سُئِلَ ابن باز: هل ركعتا الطَّوافِ خلف المقامِ تلزَمُ لكُلِّ طواف؟ وما حُكْمُ مَن نَسِيَها؟ فقال: (لا تلزم خلفَ المقامِ، تُجْزِئ الركعتانِ في كلِّ مكانٍ مِنَ الحرم، ومَن نَسِيَها فلا حرَجَ عليه؛ لأنَّها سنةٌ وليست واجبة) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/228). , وابنُ عُثيمين قال ابنُ عثيمين: (والرَّكعتان خلف المقامِ سُنَّة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/57).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه في صِفَةِ حجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتَّى إذا أتينا البيتَ معه، استلمَ الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفَذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] فجعل المقامَ بينه وبين البيتِ... الحديث )) رواه مسلم (1218).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أوفى قال: ((اعتمَرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيتِ، وصلَّى خلْفَ المقامِ ركعتينِ )) رواه البخاري (1600).
3- حديثُ الأعرابيِّ الذي جاء يسألُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الإسلامِ وما يجِبُ عليه، وفيه: ((خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلة)) فقال: هل عليَّ غيرُهُنَّ؟ قال: ((لا، إلا أن تَطَوَّعَ )).. الحديث رواه البخاري (46)، ومسلم (11). من حديث طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه.
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صرَّح بأنَّه لا يجب شيءٌ مِنَ الصَّلاةِ، إلَّا الصلواتُ الخَمْسُ المكتوباتُ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/279)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (58/185).
4- عن عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((خمسُ صلواتٍ كتَبَهُنَّ اللهُ على العبادِ، فمن جاء بهنَّ لم يُضَيِّعْ منهنَّ شيئًا استخفافًا بحَقِّهِنَّ؛ كان له عند الله عهدٌ أن يُدخِلَه الجنَّةَ، ومن لم يأتِ بهنَّ فليس له عند الله عهْدٌ، إن شاء عذَّبَه، وإن شاء أدخَلَه الجنَّةَ )) رواه أبو داود (1420)، والنسائي (461) واللفظ لهما، وابن ماجه (1401)، وأحمد (22745). صحَّحه ابنُ عَبْدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (23/288)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/447)، والنووي في ((المجموع)) (4/20)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/389)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أخبَرَ أنَّ الصلواتِ التي فَرَضَها اللهُ على عبادِه، هي الصلواتُ الخَمْسُ فقط, وفي هذا دليلٌ على عدمِ وُجوبِ ركعتَيِ الطَّوافِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (58/185).
5-عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من طاف أسبوعًا يُحصيه وصلَّى ركعتينِ، كان له كعَدْلِ رَقبةٍ )) رواه الترمذي (959)، والنسائي (2919)، وأحمد (4462) واللفظ له.  حسنه الترمذي، وابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (4/276)، وحسن إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (6/217)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (959).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
كونُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخرَجَ الحديثَ مَخْرَج الفَضْلِ، وجعل لركعتَيِ الطَّوافِ أجرًا محدودًا؛ فإنَّه دليلٌ على أنَّها ليست بواجبةٍ؛ إذ إنَّ الواجِبَ غيرُ محدَّد الأجرِ والثَّوابِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/153)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (58/186).
المطلب الثَّاني: مكانُ أداءِ رَكْعَتَيِ الطَّوافِ
يُشْرَعُ أداءُ ركعَتَيِ الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما في صِفَةِ حَجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفَذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السلامُ، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] فجَعَلَ المقامَ بينه وبين البيتِ... الحديث )) رواه مسلم (1218).
2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيت سبعًا، وصلَّى خلْفَ المقامِ ركعتينِ ) رواه البخاري (1645) واللفظ له، ومسلم (1234).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ قال النووي: (هذا دليلٌ لِمَا أجمع عليه العُلَماء، أنَّه ينبغي لكل طائفٍ إذا فرغ من طوافِه، أن يصلِّيَ خلف المقامِ ركعتيِ الطَّواف) ((شرح النووي على مسلم)) (8/175). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (وأجمع العُلَماءُ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، طاف بالبيت، وصلَّى خلف المقام ركعتين) ((مجموع الفتاوى)) (26/193).
المطلب الثَّالث: مَن لم يستَطِعْ أداءَ الركعتينِ خَلْفَ المقامِ لمانعٍ
إذا لم يتيَسَّرْ للطَّائِفِ أداءُ ركعتي الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ بسبب الزِّحامِ أو غيره، فإنه يُصَلِّيها في أي مكانٍ تيسَّرَ في المسجِدِ قال ابنُ المُنْذِر: (وأجمعوا على أنَّ الطَّائِفَ يجزئه أن يصلِّيَ الركعتينِ حيث شاء، وانفرد مالك، فقال: لا يُجْزِئُه أن يصلِّيَهما في الحِجْر) ((الإجماع)) (ص: 56). وقال ابنُ عبد البر: (وأجمعوا أيضًا على أنَّ الطائف يصلِّي الركعتينِ حيث شاء مِنَ المسجد، وحيث أمكَنَه، وأنَّه إن لم يُصَلِّ عند المقامِ أو خَلْفَ المقامِ فلا شيء عليه). ((الاستذكار)) (4/176). وقال ابنُ عثيمين: (فالخطأ هنا أنَّ بعض النَّاس يعتقِدُ أنَّه لا بدَّ أن تكون ركعتا الطَّواف خلْف المقامِ وقريبًا منه، والأمرُ ليس كما ظن هؤلاء، فالركعتان تجزئانِ في كلِّ مكانٍ مِنَ المسجد، ويمكِنُ للإنسانِ أن يجعل المقامَ بينه وبين الكعبةِ ولو كان بعيدًا منه، ويحصل بذلك على السُّنَّة من غير إيذاءٍ للطَّائفينَ ولا لغيرهم) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/413). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/18), ((الفتاوى الهندية)) (1/226), ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/148). , والمالِكيَّة واستثنوا من ذلك الحِجْر. انظر: ((الكافي)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/367). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/49), ويُنظر: ((الأم)) للشافعي (2/242). والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/484)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/400). ؛ وذلك لأنَّ الركعتينِ تُجْزِئانِ في كلِّ مكانٍ مِنَ المسجدِ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/413).
المبحث التاسع: استلامُ الحَجَرِ بعد الانتهاءِ مِنَ الطَّوافِ
يُسَنُّ لِمَنِ انتهى مِن طوافِه وصلَّى ركعتيِ الطَّوافِ أن يعود إلى الحَجَرِ فيستَلِمَه.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
حديث جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- الطويلُ- في صِفَةِ حَجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفيه: ((ثم رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فاستلَمَه )) رواه مسلم (1218).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (وأما استلام الرُّكْن فسنةٌ مسنونةٌ عند ابتداء الطَّواف، وعند الخروج بعد الطَّواف، والرجوع إلى الصَّفا، لا يختلف أهل العلم في ذلك قديمًا وحديثًا والحمد لله) ((التمهيد)) (24/416). وابْنُ قُدامة قال ابنُ قُدامة: (وإذا فرغ مِنَ الركوع، وأراد الخروجَ إلى الصَّفا، استُحِبَّ أن يعود فيستَلِمَ الحَجَر؛ نص عليه أحمدُ؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَعَلَ ذلك، ذكره جابرٌ في صِفَةِ حَجِّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان ابنُ عمر يفعله، وبه قال النخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه خلافًا) ((المغني)) (3/ 349).
مسألةٌ: الكلامُ في الطَّوافِ:
يُكْرَهُ الكلامُ في الطَّوافِ لغَيرِ حاجةٍ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: مِنَ الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (4/83)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/131). ، والمالِكيَّة ((الكافي)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/369). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 481)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/ 343). وقال: (ويُستحَبُّ أن يَدَعَ الحديث، إلَّا ذكرَ الله تعالى، أو قراءةَ القرآن، أو أمرًا بمعروفٍ، أو نهيًا عن منكر، أو ما لا بدَّ منه).
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّ وهو يطوف بالكعبةِ بإنسانٍ رَبَطَ يدَه إلى إنسانٍ بِسَيرٍ، أو بخَيطٍ، أو بشيءٍ غيرِ ذلك، فقَطَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِيَدِه، ثم قال: قُدْهُ بِيَدِه )) رواه البخاري (1620).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تكلَّمَ في الطَّوافِ لحاجةٍ، وهي الأمرُ بالمعروفِ ((فتح الباري)) لابن حجر (3/482).


انظر أيضا: