الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّاني: حُكمُ النَّبيذِ غَيرِ المُسكِرِ


يُباحُ نَقعُ الزَّبيبِ، ونَبيذُ التَّمرِ والعِنَبِ وغَيرِهما [157] كالفقاعِ، والسُّوبِية. والفقاع: شرابٌ يُعمَلُ من الشَّعيرِ أو من القَمحِ أو التمر ونحوِه. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للمواق (4/351). والسُّوبِية: شرابٌ يتَّخَذُ مِن الحنطةِ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/416)، ((لسان العرب)) لابن منظور (1/477). ما لم يُسكِرْ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [158] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (6/355)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/45)، ((البناية)) للعيني (12/367)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/248). ، والمالِكيَّةِ [159] ((التاج والإكليل)) للمواق (4/350)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/232)، ويُنظر: ((المدونة)) لسحنون (4/524). ، والشَّافِعيَّةِ [160] ((فتح العزيز)) للرافعي (11/275)، ((المجموع)) للنووي (2/564) و(1/93)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/168)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/187)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/203). ، والحَنابِلةِ [161] ((الفروع)) لابن مفلح (10/101)، ((الإنصاف)) للمرداوي (10/179)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/663). الحَنابِلَةُ اشترطوا لحِلِّيَّتِه إذا لم يَغْلِ أو يشتَدَّ أو يمضِ عليه ثلاثةُ أيامٍ. ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [162] قال ابنُ حزم: (قد صَحَّ بالنصِّ والإجماعِ المتيَقَّن إباحةُ التمرِ وإباحةُ الزبيب، وإباحةُ نبيذِهما غيرَ مخلوطَينِ). ((المحلى)) (6/178). وقال النووي: (وأمَّا القِسمُ الثاني من النبيذِ، فهو ما لم يشتَدَّ ولم يَصِرْ مُسكِرًا، وذلك كالماءِ الذي وُضِعَ فيه حَبَّاتُ تَمرٍ أو زبيبٍ أو مِشمِش أو عسل أو نحوها، فصار حُلوًا؛ وهذا القِسمُ طاهِرٌ بالإجماعِ، يَجوزُ شُربُه وبَيعُه وسائِرُ التصَرُّفاتِ فيه). ((المجموع)) (2/564). وقال الرحيباني: (والنبيذُ: هو عَصيرُ العِنَب، ونَقيعُ التينِ والتَّمرِ، ونقيعُ الزَّبيبِ والذُّرةِ، والبُرِّ والشَّعيرِ، ونحوها: إذا لم يَغْلِ بنفسِه ويشتَدَّ، أو يمضِ عليه ثلاثةُ أيامٍ؛ فهو باقٍ على إباحتِه إجماعًا). ((مطالب أولي النهى)) (1/663).
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ الله عنه: ((أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن خَليطِ التَّمرِ والبُسرِ، وعن خَليطِ الزَّبيبِ والتَّمرِ، وعن خَليطِ الزَّهوِ والرُّطَبِ، وقال: انتَبِذوا كُلَّ واحدٍ على حِدَتِه )) [163] أخرجه مسلم (1988).
وجهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ نَصٌّ على أنَّ النَّبيذَ المُتَّخَذَ مِن كُلِّ واحدٍ منهما، مُباحٌ [164] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/46).
2- عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُنقَعُ له الزَّبيبُ فيَشرَبُه اليومَ والغَدَ وبعدَ الغَدِ إلى مساءِ الثَّالِثةِ، ثمَّ يأمُرُ به فيُسقى، أو يُهْراقُ- وفي روايةٍ: شَرِبَه وسقاه، فإنْ فَضَل شَيءٌ أهراقَه )) [165] أخرجه مسلم (2004).
وجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ فيه جَوازُ شُربِ النَّبيذِ ما دام حُلوًا ولم يتغَيَّرْ ولم يَغْلِ [166] ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (6/471).
ثانيًا: أنَّ العِبرةَ في التَّحريمِ هي وجودُ صِفةِ الإسكارِ؛ فحيثُ اتَّصَف النَّبيذُ بالإسكارِ فهو حَرامٌ، وحيثُ لم يتَّصِفْ بالإسكارِ فهو مُباحٌ [167] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/342).

انظر أيضا: