الموسوعة الفقهية

المبحث الرَّابع: الخَليطانِ مِنَ الأنبِذَةِ


يُكرَهُ شُرْبُ الخَليطَينِ [176] الخليطانِ: ما يُنبَذُ مِن البُسرِ والتَّمرِ مَعًا، أو مِنَ العِنَبِ والزَّبيبِ، أو منه ومِنَ التَّمرِ، ونحوُ ذلك ممَّا يُنبَذُ مُختَلِطًا؛ لأنَّه يُسرِعُ إليه التغَيُّرُ والإسكارُ ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص: 666)، ((تاج العروس)) للزبيدي (19/264) ومنه الخُشَّاف: وهو شَرابٌ يُعمَلُ مِنَ الزَّبيبِ والتِّينِ ونَحوِهما من الفَواكِه بعد نَقْعِها أو إغلائِها في الماءِ يُنظر: ((المعجم الوسيط)) (1/236) مِن الأنبِذَةِ إذا لم يُسكِرْ [177] قال ابن تيمية: (وأمَّا إذا صار الخليطانِ مُسكِرًا، فإنَّه حرامٌ باتِّفاقِ جماهيرِ عُلَماءِ الأمَّةِ، كأهل الحجاز واليمن، ومصر والشام والبصرة، وفقهاء الحديث، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة؛ فإنَّ هؤلاء جميعًا على أنَّ كُلَّ ما أسكَرَ فقَليلُه حرامٌ، وهو خَمرٌ). ((مختصر الفتاوى المصرية)) للبعلي (ص: 499). ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [178] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/54)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/117)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/31). ، والشَّافِعيَّةِ [179] ((المجموع)) للنووي (2/566)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/168). ، والحَنابِلةِ [180] ((الفروع)) لابن مفلح (10/102)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/120)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/172).
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابرٍ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه نهى أن يُنبَذَ التَّمرُ والزَّبيبُ جَميعًا، ونهى أن يُنبَذَ الرُّطَبُ والبُسرُ جَميعًا )) [181] أخرجه مسلم (1986).
2- عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن شَرِبَ النَّبيذَ منكم، فلْيَشْرَبْه زَبِيبًا فَرْدًا، أو تَمرًا فَرْدًا، أو بُسْرًا فَرْدًا )) [182] أخرجه مسلم (1987).
3- عن أبي قَتادةَ قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَنتَبِذوا الزَّهوَ والرُّطَبَ جَميعًا، ولا تَنتَبِذوا الزَّبيبَ والتَّمرَ جَميعًا، وانتَبِذوا كُلَّ واحدٍ منهما على حِدَتِه )) [183] أخرجه البخاري (5602)، ومسلم (1988) واللفظ له.
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّهيَ عن الخَليطَينِ لم يجئْ مَجيءَ تَحريمِ المُسكِرِ؛ فلهذا صار شُربُ الخَليطَينِ مَكروهًا مِن غَيرِ تَحريمٍ [184] ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/443).
ثانيًا: أنَّ الإسكارَ يُسرِعُ إليه بسَبَبِ الخَلطِ قبل أن يتغَيَّرَ طَعمُه، فيَظُنُّ الشَّارِبُ أنَّه ليس مُسكِرًا، وهو مُسكِرٌ [185] ((المجموع)) للنووي (2/566).
ثالثًا: أنَّ هذا شَرابٌ لم تَحدُثْ فيه شِدَّةٌ مُطْرِبةٌ، فلم يَحرُمْ بها أصلُ ذلك إذا أُفرِدَ أحَدُهما بالانتِباذِ [186] ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (3/149).

انظر أيضا: