الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ السَّابعُ: اشتِراطُ تحديدِ عَقدِ المُزارَعةِ بمُدَّةٍ مُعيَّنةٍ


يُشترَطُ تحديدُ عَقدِ المُزارَعةِ بمُدَّةٍ مُعيَّنةٍ، وهذا قولُ أبي يوسُفَ ومُحمَّدِ بنِ الحَسنِ مِن الحنفيَّةِ [306] ((الهداية)) للمرغيناني (4/ 54) ((البناية)) للعيني (11/ 482)، ، ونُسِب للجُمهورِ [307] قال الصَّنعانيُّ: (قال الجُمهورُ: لا تجوزُ المساقاةُ والمزارعةُ إلَّا إلى مدَّةٍ معلومةٍ، كالإجارةِ) ((سبل السلام)) (3/78). ، وهو اختِيارُ ابنِ عُثَيمينَ [308] قال ابنُ عُثَيمين: (المُساقاةُ والمُزارعةُ من العُقودِ اللَّازمةِ، ولا بدَّ من تقديرِ الأجَلِ فيها سنةً أو سنتَينِ أو ثلاثًا أو أكثَرَ، لا بدَّ مِن هذا) ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (4/242)، وينظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/453). .
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما: أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه أجلى اليَهودَ والنَّصارى مِن أرضِ الحِجازِ، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا ظهَر على خَيبرَ أراد إخراجَ اليهودِ منها، وكانت الأرضُ حينَ ظهَر عليها للهِ ولرسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وللمُسلِمينَ، وأراد إخراجَ اليهودِ منها، فسألت اليَهودُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُقِرَّهم بها، أن يَكْفوا عَملَها، ولهم نِصفُ الثَّمَرِ، فقال لهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «نُقِرُّكم بها على ذلك ما شِئْنا»، فقرُّوا بها حتى أجلاهم عُمرُ إلى تَيْماءَ وأَرِيحاءَ [309] أخرجه البخاري (2338) واللفظ له، ومسلم (1551). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((نُقِرُّكم بها على ذلك ما شِئْنا)) أي: على مُدَّةِ العَهدِ، وأنَّ المُرادَ: نُمكِّنُكم مِن المُقامِ في خَيبرَ ما شِئنا، ثُمَّ نُخرِجُكم إذا شِئْنا؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان عازِمًا على إخراجِ اليهودِ مِن جَزيرةِ العربِ [310] يُنظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (2/78)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/453). .
ثانيًا: لأنَّ العَقدَ اللَّازِمَ لا بُدَّ أن يُحدَّدَ؛ حتَّى لا يكونَ لازِمًا مدى الدَّهرِ، فتعيَّن تحديدُ المُدَّةِ [311] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/453). .
ثالثًا: لأنَّ عَقدَ المُزارَعةِ عَقدٌ على منافِعِ الأرضِ أو منافِعِ العامِلِ، والمُدَّةُ هي المِعيارُ لها؛ فيُعلَمُ بها [312] يُنظر: ((الهداية)) للمرغيناني (4/ 54). .

انظر أيضا: