الفَرعُ الثَّاني: مَنزِلةُ المُتعةِ عِندَ الشِّيعةِ الإماميَّةِ
رَوى الشِّيعةُ في كُتُبِهم عن
أبي عَبدِ اللهِ جَعفَرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (المُتعةُ نَزَل بها القُرآنُ، وجَرت بها السُّنَّةُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)
[2023] يُنظر: ((الاستبصار)) للطوسي (3/ 142). .
ورَوَوا عن
أبي عبدِ اللهِ أنَّه قال في قولِ اللهِ عزَّ وجَلَّ:
مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا [فاطر: 2] : (المتعةُ من ذلك)
[2024] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للحر العاملي (14/ 439). .
وعن أبي جَعفرٍ قال: (إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّمَ لمَّا أُسريَ به إلى السَّماءِ، قال: لحِقَني جبرئيلُ عليه السَّلامُ فقال: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللهَ تَبارَك وتعالى يقولُ: إنِّي قد غَفرتُ للمُتَمَتِّعينَ مِن أُمَّتِك مِنَ النِّساءِ)
[2025] يُنظر: ((من لا يحضره الفقيه)) لابن بابويه (2/ 149). .
وعن إسماعيلَ بنِ الفضلِ الهاشِميِّ قال: قال لي
أبو عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ: (تَمَتَّعتُ مُنذُ خَرَجتُ من أهلِك؟ قُلتُ: لكثرةِ ما مَعي مِنَ الطَّروقةِ أغناني اللهُ عنها. قال: وإن كُنتُ مستغنيًا فإنِّي أُحِبُّ أن تُحييَ سُنَّةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّمَ)
[2026] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للحر العاملي (14/443). .
وعن مُحَمَّدِ بنِ مُسلمٍ عن
أبي عَبدِ اللهِ قال لي: (تَمَتَّعتَ؟ قُلتُ: لا. قال: لا تَخرُجْ مِنَ الدُّنيا حتَّى تُحييَ السُّنَّةَ)
[2027] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للحر العاملي (14/ 443). .
وعن بَكرِ بنِ مُحَمَّدٍ عن
أبي عَبدِ اللهِ قال: سَألتُه عن المُتعةِ. فقال: (إنِّي لأكرَهُ للرَّجُلِ المُسلمِ أن يَخرُجَ مِنَ الدُّنيا وقد بَقِيَت عليه خَلَّةٌ مِن خِلالِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّمَ لم يَقْضِها)
[2028] يُنظر: ((من لا يحضره الفقيه)) لابن بابويه (2/ 150). .
ورَوى الشِّيعةُ في بَعضِ كُتُبِهم عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال:
((مَن خَرَجَ مِنَ الدُّنيا ولم يتَمَتَّعْ جاءَ يومَ القيامةِ وهو أجدَعُ)) [2029] يُنظر: ((تفسير منهج الصادقين)) للملا فتح الله الكاشاني – فارسي (2/ 489). .
ورَوَوا أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قال:
((مَن تَمَتَّعَ مَرَّةً واحِدةً عُتِق ثُلُثُه مِنَ النَّارِ، ومَن تَمَتَّعَ مَرَّتَينِ عُتِقَ ثُلثاه مِنَ النَّارِ، ومِن تَمَتَّع ثَلاثَ مَرَّاتٍ عُتِق كُلُّه مِنَ النَّارِ)) [2030] يُنظر: ((تفسير منهج الصادقين)) للملا فتح الله الكاشاني – فارسي (2/492). .
ورَوَوا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (مَن تَمَتَّعَ مَرَّةً أمِنَ مِن سَخَطِ الجَبَّارِ، ومَن تَمَتَّعَ مَرَّتَينِ حُشِرَ مَعَ الأبرارِ، ومَن تَمَتَّعَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ زاحَمَني في الجِنانِ)
[2031] يُنظر: ((تفسير منهج الصادقين)) للملا فتح الله الكاشاني – فارسي (2/ 493). .
وأنَّه قال: (مَن تَمَتَّعَ مَرَّةً كان دَرَجَتُه كدَرَجةِ الحُسَينِ عليه السَّلامُ، ومَن تَمَتَّعَ مَرَّتَينِ كان دَرَجَتُه كدَرَجةِ الحَسَنِ عليه السَّلامُ، ومَن تَمَتَّع ثَلاثَ مَرَّاتٍ كان دَرَجَتُه كدَرَجةِ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ عليه السَّلامُ، ومَن تَمَتَّع أربَعَ مَرَّاتٍ فدَرَجَتُه كدَرَجتي)
[2032] يُنظر: ((تفسير منهج الصادقين)) للملا فتح الله الكاشاني – فارسي (2/ 493). .
وعن صالحِ بنِ عُقبةَ عن أبيه أنَّه سَأل أبا جَعفرٍ: للمُتَمَتِّعِ ثَوابٌ؟ قال: (إن كان يُريدُ بذلك وجهَ اللهِ تعالى، وخلافًا على مَن أنكرَها، لم يُكلِّمْها كَلِمةً إلَّا كتَبَ اللهُ له بها حَسَنةً، ولم يمُدَّ يدَه إليها إلَّا كتَبَ اللهُ له حَسَنةً، فإذا دنا منها غَفرَ اللهُ له بذلك ذنبًا، فإذا اغتَسَل غَفرَ اللهُ له بقَدْرِ ما صَبَّ مِنَ الماءِ على شَعرِه. قُلتُ: بعَدَدِ الشَّعرِ؟! قال: بعَدَدِ الشَّعرِ)
[2033] يُنظر: ((من لا يحضر الفقيه)) لابن بابويه (2/ 149). .
وعن
أبي عَبدِ اللهِ قال: (ما مِن رَجُلٍ تَمَتَّعَ ثُمَّ اغتَسَل إلَّا خَلق اللهُ مِن كُلِّ قَطرةٍ تَقطُرُ منه سَبعينَ مَلَكًا يستَغفِرونَ له إلى يومِ القيامةِ، ويلعنونَ مُتَجَنِّبَها إلى أن تَقومَ السَّاعةُ)
[2034] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للحر العاملي (14/ 444). .
وعن بِشرِ بنِ حَمزةَ عن رَجُلٍ مِن قُرَيشٍ قال: (بَعثَت إليَّ ابنةُ عَمٍّ لي كان لها مالٌ كثيرٌ: قد عَرَفتَ كثرةَ مَن يخطُبُني مِنَ الرِّجالِ فلم أُزَوِّجْهم نَفسي، وما بَعَثتُ إليك رَغبةً في الرِّجالِ، غَيرَ أنَّه بَلغَني أنَّه أحَلَّها اللهُ في كِتابه وسَنَّها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سُنَّتِه، فحَرَّمَها
زُفَرُ [2035] هو زُفَرُ بنُ الهُذَيلِ، من فُقهاءِ الكوفةِ المشهورين، ومن تلاميذِ أبي حنيفةَ، توفِّيَ سنةَ 158ه. يُنظر: ((مشاهير علماء الأمصار)) لابن حبان (ص: 269)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (8/ 38 - 41). ، فأحبَبتُ أن أُطيعَ اللهَ عَزَّ وجَلَّ فوقَ عَرشِه، وأُطيعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّمَ، وأعصيَ
زُفَرَ؛ فتَزَوَّجْني مُتعةً، فقُلتُ لها: حتَّى أدخَلَ على أبي جَعفرٍ عليه السَّلامُ فأستَشيرَه. قال: فدَخَلتُ عليه فأخبَرتُه، فقال: افعَلْ، صَلَّى اللهُ عليكما مِن زَوجٍ)
[2036] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (2/ 47). .
وعن مُحَمَّدِ بنِ مُسلمٍ عن أبي جَعفرٍ قال: (إنَّ اللهَ رَأفَ بكم فجَعَل المُتعةَ عِوَضًا لكم مِنَ الأشرِبة)
[2037] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (ص: 151). .
وعن
أبي عَبدِ اللهِ قال: (إنَّ اللهَ تَبارَك وتعالى حَرَّم على شيعَتِنا المُسكِرَ مِن كُلِّ شَرابٍ، وعَوَّضَهم مِن ذلك المُتعةَ)
[2038] يُنظر: ((من لا يحضره الفقيه)) لابن بابويه (3/ 151). .
وعنه أنَّه قال: (ليس منَّا مَن لم يؤمِنْ بكَرَّتِنا
[2039] يقصِدُ الرَّجعةَ إلى الدُّنيا. ، ولم يستَحِلَّ مُتعَتَنا)
[2040] يُنظر: ((من لا يحضره الفقيه)) لابن بابويه (2/148). .
وعنه أيضًا قال: (إنِّي لأُحِبُّ للرَّجُلِ أن لا يَخرُجَ مِنَ الدُّنيا حتَّى يتَمَتَّعَ ولو مَرَّةً، وأن يُصَلِّيَ الجُمعةَ في جَماعةٍ)
[2041] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للحر العاملي (14/443). .
وعن أبي بَصيرٍ قال: دَخَلتُ على
أبي عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ فقال لي: (يا أبا مُحَمَّدٍ، تَمَتَّعتَ مُنذُ خَرَجتَ مِن أهلِك؟ قُلتُ: لا، قال: ولمَ؟! قُلتُ: ما مَعي مِنَ النَّفقةِ يَقصُرُ عن ذلك. فأمَرَ لي بدينارٍ، وقال: أقسَمتُ عليك إن صِرتَ إلى مَنزِلِك حتَّى تَفعَلَ)
[2042] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للحر العاملي (14/444). .
وعن عَليٍّ السَّائيِّ قال: قُلتُ لأبي الحَسَنِ عليه السَّلامُ: (إنِّي كُنتُ أتَزَوَّجُ المُتعةَ، فكرِهتُها وتَشاءَمتُ منها، فأعطَيتُ اللهَ عهدًا بَيْنَ الرُّكنِ والمَقامِ، وجَعَلتُ عَليَّ في ذلك نذرًا أو صيامًا أن لا أتَزَوَّجَها، ثُمَّ إنَّ ذلك شَقَّ عَليَّ، ونَدِمتُ على يميني، ولم يكُنْ بيدي مِنَ القوَّةِ ما أتَزَوَّجُ به في العَلانيةِ، فقال لي: عاهَدتَ اللهَ أن لا تُطيعَه؟! واللهِ لئِن لم تُطِعْه لتَعصيَنَّه)
[2043] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (43/2). .
وعن جَميلِ بنِ صالحٍ قال: إنَّ بَعضَ أصحابِنا قال ل
أبي عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ: إنَّه يَدخُلُني مِنَ المُتعةِ شَيءٌ؛ فقد حَلفتُ أن لا أتَزَوَّجَ مُتعةً أبدًا، فقال
أبو عَبدِ اللهِ عليه السَّلامُ: (إنَّك إذا لم تُطِعِ اللهَ فقد عَصَيتَه)
[2044] يُنظر: ((من لا يحضره الفقيه)) لابن بابويه (2/ 149). .
وعن مُحَمَّدِ بنِ عَبد اللهِ بن جَعفرٍ الحِميريِّ أنَّه كتَبَ إلى صاحِبِ الزَّمانِ المَهديِّ عليه السَّلامُ يسألُه عن الرَّجُلِ مِمَّن يقولُ بالحَقِّ
[2045] أي: يتشَيَّعُ. ويرى المُتعةَ ويقولُ بالرَّجعةِ إلَّا أنَّ له أهلًا
[2046] زوجة. موافِقةً له في جَميعِ أُمورِه، وقد عاهَدَها أن لا يتَزَوَّجَ عليها، ولا يتَمَتَّعَ ولا يتَسَرَّى، وقد فعَل هذا مُنذُ تِسعَ عَشرةَ سَنةً، ووفى بقَولِه، فرُبَّما غابَ عن مَنزِلِه الأشهُرَ فلا يتَمَتَّعُ، ولا تَتَحَرَّكُ نَفسُه أيضًا لذلك، ويرى أنَّ وُقوفَ مَن مَعَه مِن أخٍ ووَلدٍ وغُلامٍ ووكيلٍ وحاشيةٍ مِمَّا يُقَلِّلُه في أعيُنِهم، ويُحِبُّ المُقامَ على ما هو عليه مَحَبَّةً لأهلِه، وميلًا إليها، وصيانةً لها ولنَفسِه لا لتَحريمِ المُتعةِ، بل يدينُ اللهَ بها، فهَل عليه في تَركِ ذلك مَأثَمٌ أم لا؟ فكان الجَوابُ: (يُستَحَبُّ له أن يُطيعَ اللهَ تعالى بالمُتعةِ؛ ليزولَ عنه الحَلِفُ في المَعصيةِ، ولو مَرَّةً واحِدةً)
[2047] يُنظر: ((الاحتجاج)) للطبرسي (ص: 171). .
وعن
جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قيل له: لمَ جُعِل في الزِّنا أربَعةٌ مِنَ الشُّهودِ وفي القَتلِ شاهِدانِ؟ قال: (إنَّ اللهَ أحَلَّ لكم المُتعةَ، وعَلمَ أنَّها سَتُنكَرُ عليكم، فجَعَل الأربَعةَ الشُّهودِ احتياطًا لكم، ولولا ذلك لأُتيَ عليكم، وقَلَّما يجتَمِعُ أربَعةٌ على شَهادةٍ بأمرٍ واحِدٍ)
[2048] يُنظر: ((من لا يحضره الفقيه)) لابن بابويه (2/ 150). .