الفَرعُ الخامِسُ: عاداتُ وطُقوسُ الأغاخانيَّةِ
بَعضُ الأغاخانيَّةِ المُعاصِرينَ لهم عاداتٌ وطُقوسٌ وتَقاليدُ لا سَنَدَ لها في الإسلامِ؛ فالمَرأةُ عِندَهم لا تَمتَلِكُ الأرضَ، ولا تَرِثُها، ولا يَتَزَوَّجونَ مِنَ القَريبةِ كابنةِ العَمِّ، والزَّواجُ لا يَتِمُّ إلَّا في الشِّتاءِ بَينَ 10 - 20 ديسِمبِر، ومَوسِمُ الزَّواجِ هذا يُسَمُّونَه "دوموشنج"، وأميرُ الطَّائِفةِ له إتاوةٌ عن كُلِّ مُناسَبةِ عُرسٍ، وتَتَضاعَفُ إذا ما رَغِبَتِ الأسرَتانِ في عَقدِ القِرانِ قَبلَ المَوعِدِ المُحَدَّدِ أو بَعدَه، والإتاوةُ 10 كيلو مِنَ القَمحِ، وكَمِّيَّةٌ مِنَ الزُّبدِ المَخزونِ، إضافةً إلى نِصفِ ذَبيحةٍ مِنَ البَقَرِ
[3014] يُنظر: ((الهونزا مسلمون عند سطح العالم/ مجلة العربي)) (العدد: 289/ص: 122). .
وقد حَرَصَ أغاخانُ الثَّالِثُ على مُتابَعةِ عاداتِ وتَقاليدِ أتباعِه أينَما كانوا، قال لأتباعِه في بورما: (وهكذا اقتَنَعتُ بأنَّ السِّياسةَ الوَحيدةَ العاقِلةَ الصَّحيحةَ التي كان يَجدُرُ بأتباعي اتِّباعُها هي أن يَندَمِجوا إلى أقصى حَدٍّ مُمكِنٍ بالحَياةِ الاجتِماعيَّةِ والسِّياسيَّةِ في بورما، وأن يَتَخَلَّوا عن أسمائِهم الهِنديَّةِ الإسلاميَّةِ، وعن عاداتِهم وتَقاليدِهم، وأن يَتَّخِذوا بصورةٍ دائِمةٍ وطَبيعيَّةٍ أسماءَ أولئك القَومِ الذين كانوا يَعيشونَ بَينَهم، وعاداتِهم وتَقاليدَهم، والذين كانوا يُشاطِرونَهم مَصيرَهم)
[3015] ((مذكرات أغاخان)) (ص: 191). .
وقال أيضًا: (فيما يَتَعَلَّقُ بطَريقةِ حَياتِهم فقد حاوَلتُ أن أنَوِّعَ النَّصيحةَ التي أسدَيتُها لأتباعي حَسَبَ البَلَدِ أوِ الدَّولةِ التي يَعيشونَ فيها؛ ففي مُستَعمَرةٍ بشَرقِ آسيا البِريطانيَّةِ تَراني ألِحُّ عليهم بأن يَجعَلوا اللُّغةَ الإنجِليزيَّةَ لُغَتَهم الأولى، وأن يُقيموا حَياتَهم العائِليَّةَ والبَيتيَّةَ على الطَّريقةِ الإنجِليزيَّةِ، وأن يَتَبَنَّوا عمومًا العاداتِ البِريطانيَّةَ والأوروبِّيَّةَ)
[3016] ((مذكرات أغاخان)) (ص: 54). .
وهذه النَّصائِحُ الشَّيطانيَّةُ التي يُسديها لأتباعِه كانت سَبَبًا في تَخَلِّيهم عن التَّعاليمِ والشَّعائِرِ الإسلاميَّةِ الذي يَدَّعي هو وأتباعُه الانتِماءَ إليها!
وأغاخانُ لا يَهتَمُّ بصيامِ رَمَضانَ، وعِندَما زارَ الهِندَ عامَ 1903م أبدى تَضَجُّرَه من حَياةِ المُجتَمَعِ المُسلِمِ في الهِندِ المُحافِظِ على صيامِ رَمَضانَ مِمَّا أدهَشَ حاكِمَ بومبايَ "لورد منجتن"، فأظهَرَ له أسَفَه لذلك، فقال له أغاخانُ: (إنَّه لا يَعبَأُ بالمُجتَمَعِ الهِنديِّ، بل إنَّه مُغرَمٌ بكُلِّ ما هو أوروبِّيٌّ من نِساءٍ وخُمورٍ مِمَّا يُدخِلُ البَهجةَ في النَّفسِ والسُّرورَ)
[3017] ((The Aggkans)) “Mihio Bose” (P. 106). .
وعِندَما سَألَه أحَدُ مَعارِفِه ساخرًا عن إلَهٍ يَشرَبُ خَمرَ الشَّمبانيا، ويَذهَبُ إلى سِباقِ الخَيلِ، وهو يَقصِدُ بهذا الأغاخانَ نَفسَه الذي يَعتَبِرُه أتباعُه إلهًا، فرَدَّ الأغاخانُ بكُلِّ استِهتارٍ بقَولِه: (لماذا لا يَفعَلُ اللهُ ذلك إذا كان البَشَرُ الذين خَلَقَهم يَفعَلونَ ذلك؟!)
[3018] ((The Aggkans)) “Mihio Doso”0 (P. 207). .
وقد وصَفَ إحسان إلَهي ظَهير حالَ آغاخانيَّةِ اليَومِ بقَولِه: (هم ورَثةُ الإسماعيليَّةِ القُدامى الحَقيقيُّونَ، لا يُصَلُّونَ، ولا يُزَكُّونَ، ولا يَصومونَ، ولا يَحُجُّونَ، ولا يَبنونَ المَساجِدَ، ولا يَأتونَ بأيِّ عَمَلٍ من أعمالِ التَّكليفِ من شَريعةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأئِمَّتُهم يُقامِرونَ، ويَشرَبونَ الخُمورَ، ويَمرَحونَ ويَسرَحونَ ليلًا ونهارًا، وسِرًّا وجِهارًا)
[3019] ((الإسماعيلية تاريخ وعقائد)) (ص: 569). .
فالأغاخانيَّةُ تَحَرَّروا من كُلِّ ضَوابِطِ الأخلاقِ والدِّينِ، وصاروا جَماعةً إباحيَّةً مُلحِدةً، ولا تُساعِدُهم عَقائِدُهم على تَبريرِ ما يَقومونَ به مِمَّا يُشاعُ عنهم من انحِرافاتٍ ومَآثِمَ في أوروبَّا وغَيرِها، فلا يَجوزُ أن يُقبَلَ زَعمُهم أنَّهم من أهلِ الإسلامِ، ومِنَ الخَطَأِ عَدُّهم من جُملةِ المُسلِمينَ.
وقد حارَبَ أغاخانُ الثَّالِثُ أحكامَ الإسلامِ عَلانيةً، فنادى بتَحريرِ المَرأةِ ومُشارَكَتِها للرِّجالِ، ونادى صَراحةً بنَزعِ حِجابِها، فقال: (ولقد تَوَخَّيتُ دائمًا أنَّ أشجِّعَ تَحريرَ المَرأةِ وتَثقيفَها في أيَّامِ جَدِّي وأبي كان الإسماعيليُّونَ مُتَقدِّمينَ على أتباعِ أيِّ مَذهَبٍ إسلاميٍّ آخَرَ أشواطًا عَديدةً في مِضمارِ إلغاءِ الحِجابِ الصَّارِمِ، حتَّى في البُلدانِ المُتَطَرِّفةِ في التَّحَفُّظِ، أمَّا أنا فقد ألغيتُ الحِجابَ بالكُلِّيَّةِ، فأنت لا تَجِدُ مُطلَقًا أيَّ امرَأةٍ إسماعيليَّةٍ تستَعمِلُ الحِجابَ)
[3020] ((مذكرات أغاخان)) (ص: 51). .
وادَّعى أغاخانُ الثَّالِثُ أنَّ الحِجابَ يَتَعارَضُ مَعَ العَقائِدِ الإسماعيليَّةِ في حِوارِه مَعَ الإسماعيليِّ مُصطَفى غالِب، وهذا نَصُّ السُّؤالِ وجَوابِ أغاخانَ: (لقد أمَرتُم بتَعليمِ المَرأةِ وتَثقيفِها، فكَيفَ يَتَلاءَمُ هذا مَعَ وضعِ المَرأةِ الإسماعيليَّةِ المُحَجَّبةِ، وهل يَتَّفِقُ الحِجابُ مَعَ العِلمِ؟ فأجابَ قائِلًا: إنَّ الحِجابَ يَتَعارَضُ مَعَ العَقائِدِ الإسماعيليَّةِ، وإنَّني أهيبُ بكُلِّ إسماعيليَّةٍ أن تَنزِعَ نِقابَها، وتَنزِلَ إلى مُعتَركِ الحَياةِ لتُساهِمَ مُساهمةً فعَّالةً في بناءِ الهَيكَلِ الاجتِماعيِّ الدِّينِيِّ للطَّائِفةِ الإسماعيليَّةِ خاصَّةً، وللعالَمِ الإسلاميِّ عامَّةً، وأن تَعمَلَ جَنبًا إلى جَنبٍ مَعَ الرَّجُلِ في مُختَلِفِ نَواحي الحَياةِ، أسوةً بجَميعِ النِّساءِ الإسماعيليَّاتِ في العالَمِ، وآمُلُ في زيارَتي القادِمةِ أن لا أرى أثرًا للحِجابِ بَينَ النِّساءِ الإسماعيليَّاتِ، وآمُرُك أن تُبَلِّغَ ما سَمِعتَ لعُمومِ الإسماعيليَّاتِ بدونِ إبطاءٍ)
[3021] ((تاريخ الإسماعيلية)) لغالب (ص: 351). .
وسارَ على نَهجِه ابنُه عَليٌّ وليُّ عَهدِه في ذلك الوَقتِ، فحارَبَ الإسلامَ، ودَعا إلى تَحريرِ المَرأةِ، ونَزعَ الحِجابَ، فقال أثناءَ زيارَتِه لأتباعِه في سوريا: (سُرِرتُ جِدًّا بتَقدُّمِ المَرأةِ الإسماعيليَّةِ، وخاصَّةً بَعدَ أن شَرَعَت أغلَبُ سَيِّداتِ الطَّائِفةِ بنَزعِ الحِجابِ، ونَزَلنَ إلى مُعتَركِ الحَياةِ جَنبًا إلى جَنبٍ مَعَ الرَّجُلِ)
[3022] ((تاريخ الإسماعيلية)) لغالب (ص: 384). .