المَطلَبُ الثَّالثُ: مَوقِفُ عَبدِ اللهِ الحَبَشيِّ منَ الصَّحابةِ والأئِمَّةِ والعُلماءِ
عَقيدةُ الأحباشِ في أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيها شَبَهٌ من عَقيدةِ الرَّافِضةِ والخَوارِجِ؛ فهم يَقولونَ بلا خَجَلٍ ما يَقتَضي الطَّعنَ في أمِّ المُؤمنينَ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، ويُفسِّقونَ صاحِبَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُعاويةَ بنَ أبي سُفيانَ رَضِيَ اللهُ عنه
[901] يُنظر: ((صريح البيان)) لعبدالله الحبشي (ص: 198). . بل إنَّهم يَقولونَ عن كُلِّ مَنِ اشتَرَكَ منَ الصَّحابةِ في قِتالِعليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه:إنَّه منَ الدُّعاةِ إلى النَّارِ
[902] يُنظر: ((صريح البيان)) لعبدالله الحبشي (ص: 211). !
وممَّا قاله الحَبَشيُّ عن مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه: (ليُعلَمْ أنَّ مُعاويةَ كان قَصدُه من هذا القِتالِ الدُّنيا؛ فلقد كان به الطَّمَعُ في المُلكِ، وفَرطُ الغَرامِ في الرِّئاسةِ)
[903] ((صريح البيان)) (ص: 220). .
واحتَجُّوا في شَتمِهم مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه بقَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((يَدعوهم -أي عَمَّارٌ- إلى الجَنَّةِ، ويَدعونَه إلى النَّارِ)) [904] أخرجه البخاريُّ (447) من حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، ولفظُه: ((ويحَ عمَّارٍ! تقتُلُه الفئةُ الباغيةُ، يدعوهم إلى الجنَّةِ، ويدعونَه إلى النَّارِ)). ، ويَأتي الحَبَشيُّ بالمُظلمِ منَ الرِّواياتِ الطَّاعِنةِ في مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه. وقد قال اللهُ تعالى:
وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر: 10] .
وجاءَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال:
((لا تَسُبُّوا أصحابي؛ فلو أنَّ أحَدَكُم أنفقَ مِثلَ أحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهم ولا نَصيفَه)) [905] أخرجه البخاري (3673) واللفظ له، ومسلم (2540) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
وقد شابَهَ الأحباشُ الخَوارِجَ في مَسائِلِ التَّكفيرِ؛ فقد كَفَّروا كَثيرًا من عُلماءِ المُسلمينَ وأئِمَّتِهم ودُعاتِهم، فهم يَطعنونَ في الذَّهَبيِّ، ويُكَفِّرونَ ابنَ خُزَيمةَ ويُسَمُّونَ كِتابَه (التَّوحيدُ) كِتابَ الشِّركِ!كما يُكَفِّرونَ ابنَ القَيِّمِ وابنَ كَثيرٍ، أمَّا ابنُ تيميَّةَ ومُحَمَّدُ بنُ عَبدِ الوهَّابِ فتَكفيرُهما على لسانِ كُلِّ حَبَشيٍّ صَباحَ مَساءَ! ولم يَسلَمْ أعلامُ الأمَّةِ المُعاصِرونَ من تَكفيرِ الأحباشِ، كالألبانيِّ، وابنِ بازٍ، وابنِ عُثَيمين، وغَيرِهم منَ العُلماءِ والدُّعاةِ.
والأحباشُ كَذَّابونَ مُفتَرونَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه والسَّلَفِ الصَّالحِ، وهم يَستَغِلُّونَ جَهلَ أتباعِهم لتَمريرِ هذه الأكاذيبِ والافتِراءاتِ، ومن أمثِلةِ ذلك قَولُ شَيخِهم: (إنَّ مَذهَبَ الأشاعِرةِ والماتُريديَّةِ هو مَذهَبُ رَسولِ اللهِ والصَّحابةِ والسَّلفِ الصَّالحِ)
[906] لقاءٌ مع عبدِ اللهِ الحبَشيِّ في مسجِدِ الصِّدِّيقِ بطَرابُلُسَ في لبنانَ في ربيعٍ الأوَّلِ 1413هـ، عن ((جماعة الأحباش.. حقيقتهم واتجاهاتهم)) الجزء 2 من مقال لعبد الرحمن بن عبد الله الحجاج- مجلة البيان (عدد ذي القعدة/1417هـ). !
أمَّا افتِراؤُهم على الأئِمَّةِ والعُلماءِ فكَثيرٌ أيضًا، وخاصَّةً على ابنِ تيميَّةَ الذي افتَرى عليه شَيخُهم؛ حَيثُ ادَّعى أنَّه قال: إنَّ مَن خالف في مَسألةِ الطَّلاقِ فهو كافِرٌ، ولكِنَّ ابنَ تيميَّةَ قال: (إنَّ مَن خالف في مَسألةِ الطَّلاقِ فهو مُجتَهِدٌ مَعذورٌ مَأجورٌ عِندَ اللهِ)
[907] ((مجموع الفتاوى)) (33/ 149). . وأمثالُ هذه الأكاذيبِ كَثيرةٌ في كُتُبِ شَيخِهم، سَواءٌ على ابنِ تيميَّةَ أو غَيرِه من عُلماءِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ.
وليس من مَجلسٍ يَجلِسُه إلَّا ويَجعَلُ لابنِ تيميَّةَ فيه نصيبًا منَ التَّكفيرِ والتَّشنيعِ والتَّحذيرِ لا سيَّما مِن كُتُبِه، حتَّى إنَّه يَجعلُ تَكفيرَه من أوَّلِ الواجِباتِ على المُكَلَّفِ. وكما طَعنَ في ابنِ تيميَّةَ فإنَّه طَعنَ في غَيرِه من أئِمَّةِ الحَديثِ، فلا مانِعَ عِندَه أن يوصَفَ الذَّهَبيُّ بأنَّه خَبيثٌ، فقال: (وإذا قيل عنه خَبيثٌ فهو في مَحَلِّه)، وقال عن مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ: (إنَّه مُجرِمٌ قاتِلٌ وكافِرٌ)
[908] يُنظر: ((مجلة منار الهدى)) (العدد: 30/ص: 34). !
ومن جِنايَتِهم على أهلِ السُّنَّةِ المُعاصِرينَ قَولُهم: (إنَّ الوهَّابيَّةَ تَعيثُ في الأرضِ فسادًا، ويَقِفُ على رَأسِ إدارَتِها وتَوجيهِها رَجُلٌ فاسِدٌ غَليظُ القَلبِ أعمى البَصيرةِ... إنَّه المَدعوُّ «ابن بازٍ» الذي شَوَّهَ الحَقائِقَ بفتاويه الفاسِدةِ... فتاريخُ ابنِ بازٍ ستَرويه كُتُبُ الصَّهايِنةِ وتُعلِّمُه لأجيالِها على اعتِبارِ أنَّه أحَدُ العُمَلاءِ الذينَ سَعَوا لتَحقيقِ الأطماعِ الصِّهَيونيَّةِ... نَجِدُ كَيف أنَّ ابنَ بازٍ كان جاهزًا لإصدارِ الفتاوى التي يَرضى عنها الشَّيطانُ ويَرضى عنها الصَّهايِنةُ؛ فهم أحبابُه وأصحابُه، وهو عَميلُهمُ المُطيعُ)
[909] يُنظر: ((مجلة منار الهدى)) (العدد: 30/ص: 34). !
ويقابلُ هذه الشِّدَّةَ على أهلِ السُّنَّةِ ثَناءٌ على أهلِ البدَعِ، مِثلُ القاضي يوسُفَ النَّبهانيِّ، وعبدالغنيِّ النَّابُلُسيِّ
[910] يُنظر: ((أسرار الشريعة)) (ص: 82، 83). .