logo
logo
En

موسوعة الفرق

المراجع المعتمدة منهج العمل في الموسوعة
المراجع المعتمدة منهج العمل في الموسوعة

المَبحَثُ الثَّالثَ عَشرَ: مِن الفِرَقِ الاعتِزاليَّةِ: فِرقةُ الخابِطيَّةِ والحَدَثيَّةِ

انظر أيضا

أتباعُ أحمَدَ بنِ خابِطٍ، المُتوفَّى سنةَ (232هـ)، وفَضلٍ الحَدَثيِّ المُتوفَّى سنة (257هـ)، وهما فِرقةٌ واحِدةٌ، تطرَّفَت في أقوالِها؛ لذلك اعتبَرها البَغداديُّ مِن فِرقِ الغُلاةِ، ففصَلها عن سائِرِ فِرَقِ المُعتَزِلةِ [322] يُنظر: ((الفَرق بين الفِرَق)) (ص: 216). ، واعتبَرها مِن الفِرَقِ المُنتسِبةِ إلى الإسلامِ وليست منه [323] يُنظر: ((الفَرق بين الفِرَق)) (ص: 18، 222). ، وبعضُ مَن ترجَم لهم يذكُرونَ اسمَ الحائِطيَّةِ، ولعلَّ الصَّحيحَ أنَّها الخابِطيَّةُ [324] يُنظر: ((الانتصار)) للخياط (ص: 149)، ((الفَرق بين الفِرَق)) للبغدادي (ص: 18، 93، 222). .
قال الخيَّاطُ وقد ذكَر أحدَ مُؤسِّسيها: (قد كان مُعتَزِليًّا نظَّاميًّا إلى أن خلَط وترَك الحقَّ، فنفَته المُعتَزِلةُ عنها، وطردَته عن مجالِسِها) [325] ((الانتصار)) (ص: 149). .
وقال الشَّهْرَسْتانيُّ: (كانا مِن أصحابِ النَّظَّامِ، وطالَعا كُتبَ الفلاسِفةِ أيضًا، وضمَّا إلى مذهَبِ النَّظَّامِ ثلاثَ بِدَعٍ) [326] ((المِلَل والنِّحَل)) (1/60). .
ومِن تلك البِدَعِ ما يلي:
الأولى: إثباتُ حُكمٍ مِن أحكامِ الإلهيَّةِ في المسيحِ عليه السَّلامُ، مُوافَقةً للنَّصارى على اعتِقادِهم أنَّ المسيحَ هو الذي يُحاسِبُ الخَلقَ في الآخِرةِ، وهو المُرادُ بقولِه تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر: 22] ، وهو الذي يأتي في ظُلَلٍ مِن الغَمامِ، وهو المعنيُّ بقولِه تعالى: أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ [الأنعام: 158] وهو المُرادُ بقولِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((يضَعُ الجبَّارُ قَدَمَه في النَّارِ)) [327] أخرجه البُخاريُّ (4849)، ومُسلمٌ (2846) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ولفظُ البخاريِّ: ((يقالُ لجهنَّمَ هل امتلأتِ؟ وتقولُ: هل من مزيدٍ؟ فيَضَعُ الرَّبُّ تبارك وتعالى قَدَمَه عليها فتقولُ: قَطْ قَطْ)). ، وزعَم أحمَدُ بنُ خابِطٍ أنَّ المسيحَ تدرَّع بالجَسدِ الجِسْمانيِّ، وهو والكَلِمةُ القديمةُ المُتَّحدةُ، كما قالت النَّصارى [328] يُنظر: ((المِلَل والنِّحَل)) للشَّهْرَسْتانيِّ (1/ 160). .
قال البغداديُّ: (زعَما أنَّ للخَلقِ ربَّينِ وخالِقَينِ؛ أحدُهما قديمٌ، وهو اللهُ سُبحانَه، والآخَرُ مخلوقٌ وهو عيسى بنُ مريمَ، وزعَما أنَّ ‌المسيحَ ابنُ اللهِ، على معنى النَّبيِّ دونَ الوِلادةِ، وزعَما أيضًا أنَّ ‌المسيحَ هو الذي يُحاسِبُ الخَلقَ في الآخِرةِ ...، قد شارَك هذانِ الكافِرانِ الثَّنَويَّةَ والمجوسَ في دعوى خالِقَينِ، وقولُهم شرٌّ مِن قولِهم؛ لأنَّ الثَّنَويَّةَ والمجوسَ أضافوا اختِراعَ جميعِ الخيراتِ إلى اللهِ تعالى، وإنَّما أضافوا فِعلَ الشُّرورِ إلى الظُّلمةِ وإلى الشَّيطانِ، وأضاف ابنُ خابِطٍ وفَضلٌ الحَدَثيُّ فِعلَ الخيراتِ كُلِّها إلى عيسى بنِ مريمَ، وأضافا إليه مُحاسَبةَ الخَلقِ في الآخِرةِ، والعَجبُ في قولِهما: إنَّ عيسى خلَق جَدَّه آدَمَ عليه السَّلامُ، فيا عَجبًا مِن فَرعٍ يخلُقُ أصلَه! ومَن عدَّ هذَينِ الضالَّينِ مِن فِرَقِ الإسلامِ كمَن عدَّ النَّصارى مِن فِرَقِ الإسلامِ) [329] ((الفَرق بين الفِرَق)) (260). بتصَرُّفٍ يسيرٍ. .
الثَّانيةُ: القولُ بالتَّناسُخِ: ‌زعَمَا ‌أنَّ ‌اللهَ ‌تعالى ‌أبدَع خَلقَه أصحَّاءَ سالِمينَ عُقلاءَ بالِغينَ في دارٍ سِوى هذه الدَّارِ التي هم فيها اليومَ، وخلَق فيهم معرفتَه والعِلمَ به، وأسبَغ عليهم نِعَمَه، ولا يجوزُ أن يكونَ أوَّلَ ما يخلُقُه إلَّا عاقِلًا ناظِرًا مُعتبِرًا، وابتدأهم بتكليفِ شُكرِه، فأطاعه بعضُهم في جميعِ ما أمَرهم به، وعصاه بعضُهم في جميعِ ذلك، وأطاعه بعضُهم في البعضِ دونَ البعضِ؛ فمَن أطاعه في الكُلِّ أقرَّه في دارِ النَّعيمِ التي ابتدأهم فيها، ومَن عصاه في الكُلِّ أخرَجه مِن تلك الدَّارِ إلى دارِ العذابِ وهي النَّارُ، ومَن أطاعه في البعضِ وعصاه في البعضِ أخرَجه إلى دارِ الدُّنيا، فألبَسه هذه الأجسامَ الكثيفةَ، وابتلاه بالبأساءِ والضَّرَّاءِ، والشِّدَّةِ والرَّخاءِ، والآلامِ واللَّذَّاتِ على صُورٍ مُختلِفةٍ مِن صُورِ النَّاسِ وسائِرِ الحيواناتِ على قَدْرِ ذُنوبِهم؛ فمَن كانت معصيتُه أقَلَّ وطاعتُه أكثَرَ كانت صورتُه أحسَنَ، وآلامُه أقَلَّ، ومَن كانت ذُنوبُه أكثَرَ كانت صورتُه أقبَحَ، وآلامُه أكثَرَ، ثُمَّ لا يزالُ يكونُ الحيوانُ في الدُّنيا كَرَّةً بَعدَ كَرَّةٍ، وصورةً بَعدَ أُخرى، ما دامت معَه ذُنوبُه وطاعاتُه، وهذا عَينُ القولِ بالتَّناسُخِ [330] يُنظر: ((المِلَل والنِّحَل)) للشَّهْرَسْتانيِّ (1/ 61)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (6/ 186). .

انظر أيضا:
السابق
التالي