عقد السلطان محمد الرابع معاهدة جدَّد فيها الامتيازات التجارية الممنوحة لدولة إنكلترا وأضيف إليها بنود أخرى، وأطلق عليها اسم المعاهدة النهائية للامتيازات بين الإمبراطورية العثمانية وإنكلترا، وتُمثل هذه المعاهدة المرحلة الثانية في تاريخ الامتيازات في نَيل التاجر البريطاني حريةَ التجارة داخل البلاد العثمانية والتمتع بما يكفي حماية نفسه وماله.
هو الصدر الأعظم زاده فاضل أحمد باشا ابن الصدر الأعظم محمد علي باشا كوبريلي رئيس الوزراء، وأحد رجالات الدولة العثمانية الكبار في القرن الحادي عشر الهجري، وأصغر من تولى رئاسة الوزراء في تاريخ الدولة العثمانية. توفي عن إحدى وأربعين سنة قضى منها خمس عشرة سنة في منصب الصدارة العظمى بكل أمانة وصدق سائرًا في ذلك على خطة والده محمد علي باشا, وتقلد منصب الصدارة بعده زوج أخته قرة مصطفى باشا، ولم يكن كفؤًا للسير في الطريق الذي رسمه كوبريلي الكبير وولده، بل اتبع مصلحته الذاتية وباع المناصب العالية والمعاهدات والامتيازات المجحفة بالدولة حالًا ومستقبلًا بدراهم معدودة.
هو الشيخ المحدث محمد بن علي بن محمد الحصني، المعروف بعلاء الدين الحصكفي، الكثير الحفظ والمرويات، مفتي الحنفية في دمشق. مولدُه في دمشق سنة 1025. كان فاضلًا عالي الهمة، عاكفًا على التدريس والإفادة. من كتبه الدر المختار في شرح تنوير الأبصار في فقه الحنفية، وإفاضة الأنوار على أصول المنار في الفقه، والدر المنتقى شرح ملتقى الأبحر في الفقه، وشرح قطر الندى في النحو، وله تعليق على صحيح البخاري في مجلد. توفي في دمشق عن 63 سنة.
هو الشيخ أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن العماد العكبري، مؤرخ وفقيه حنبلي وعالم بالأدب، ولد في دمشق سنة 1032 ونشأ بها، وقرأ القرآن الكريم على بعض الشيوخ، وطلب العلم مشمِّرًا عن ساعد الجد والاجتهاد، فأخذ عن أعلام الأشياخ، وأجلُّهم الشيخ أيوب الخلْوَتي الصوفي. وتلقى الفقهَ قراءة وأخذًا عن ابن فقيه فُصَّة مفتي الحنابلة بالشام في عصره، ثم رحل إلى القاهرة وأقام بها مدة طويلة، فأخذ العلم عن أشياخها. ثم عاد إلى دمشق ولزم الإفادة والتدريس، وانتفع به كثيرٌ من أبناء عصره، وتوفي بمكة حاجًّا، من مصنفاته شذرات الذهب في أخبار من ذهب، وله معطية الأمان من حنث الأيمان، وغيرها من الكتب.
بعد أن توفي الصدر الأعظم أحمد كوبريلي عام 1087هـ خلفه في الصدارة صهره قرة مصطفى، ولم يكن بكفاءة أحمد كوبريلي ووالده محمد باشا, فأثار القوزاق الذين استنجدوا بروسيا فوقعت الحرب بين الطرفين عام 1088هـ واستمرت حتى عام 1092هـ حتى عقدت معاهدة أنهت الحرب وبقيت الأمور كما كانت قبل الحرب، ولكن أصبح القوزاق أميلَ إلى أعدائهم الروس منهم إلى العثمانيين إخوانهم في السابق، وتمت المعاهدة المعروفة باسم معاهدة رادزين نسبة إلى المدينة التي وقعت فيها، والتي تقع جنوب غربي فارسوفيا (وارسو أو فرصوفيا عاصمة بولونيا).
هي السلطانة خديجة تارخان نائبة السلطنة في الدولة العثمانية، والتي تولت النيابة سنة 1651م؛ لصغر عمر ولدها السلطان محمد الرابع واستمرت في النيابة حتى عام 1656م. وخديجة من أصل أوكراني، وتوفيت عن 56 عامًا، وقد حازت أطول مدة لامرأة تحصل على صفة "السلطانة - الوالدة"، في التاريخ العثماني، حيث استمرت هذه الصفة لصيقة بها لمدة 34 عامًا.
كان الصدر الأعظم قرة مصطفى قد سار عام 1092هـ لمحاربة النمسا بطلب من سكان الأقسام المجرية التي تخضع للنمسا بسبب استبداد النمسا المذهبي، وانتصر الصدر الأعظم في عدة معارك، ثم سار نحو فيينا وألقى عليها الحصار مدة شهرين من هذا العام, كان فتح فيينا يمثِّل حلمًا طالما راود سلاطينَ العثمانيين؛ لِما تمثِّلُه فيينا من أهمية استراتيجية للسيطرة على خطوط التجارة والمواصلات في القلب الأوروبي. فالسلطان سليمان القانوني حاصرها مرتين متتاليتين في عهده دون جدوى, فكان الأول منهما قبل 157 سنة في سنة 932, والمحاولة الثانية كانت سنة 939, وفي هذا الحصار الثالث كادت أن تُفتح فيينا أمام القوة العثمانية لولا نداءات البابا إلى الدول النصرانية وإثارة الهمم الصليبية، فوصلت قوات بولونيا وأمراء سكسونيا وبارفايا الألمان إلى العاصمة النمساوية، فهُزم المسلمون وانسحبوا بعد معارك طاحنة، واتجهوا نحو مدينة بودا، فوجد ملك بولونيا فرصة للثأر فتتبعهم يقتلُ كل من يستطيع قتله في مؤخرة العثمانيين، وكان هذا سبب قتل الصدر الأعظم قرة مصطفى حيث غضب عليه الخليفة وأمر بقتلِه وتنصيب إبراهيم باشا بدلَه.
عندما شنَّ الفرنسيون حملة صليبية كبيرة هدفها احتلال الجزائر في هذه السنة اضطر الداي بابا حسن إلى التفاوض معهم على أن يدفع لهم جزية كبيرة ويطلق جميع الأسرى الفرنسيين في الجزائر، لكن هذا الرضوخ من الداي لم يعجب طائفة رياس البحر وزعيمهم حسين ميزو مورتو الذين عبروا عن سخطهم بقتل الداي بابا حسن وتعيين حسين ميزو مورتو دايا مكانه، وبعد توليه الحكم أرسل خطابًا شديد اللهجة إلى قائد الحملة الفرنسية دوكين ينذره ويأمره بالخروج من الجزائر إلا أن دوكين كان مغترًّا بقوته، فرفض الاستماع لتهديد الداي الجديد الذي ما كان منه إلا أن أحضر القنصل الفرنسي المتهم بالتجسس على الجزائر وأدخله في فوهة أحد المدافع وقذفه على الفرنسيين فتطايرت أشلاؤه في عرض البحر، ولم يكتفِ بذلك بل أتبعه بعشرين أسيرًا فرنسيًّا آخر من أعوانه، وأمام هذا التحدي الكبير لم يجد دوكين بدًّا من الانسحاب من الجزائر.
تعرض الجيش العثماني لهزيمة قاسية في معركة "ألمان داغي" أثناء حصاره لفيينا للمرة الثالثة، فعندما تداعت الدول الأوروبية بأقصى سرعة لنجدة فيينا من السقوط، وأعلن بابا روما الحرب الصليبية على العثمانيين، وأمر ملك بولندا سوبيسكي بنقض عهده مع العثمانيين، وأمر أيضًا أمراء ساكسونيا وبافاريا الألمان، وهم أقرب أمراء أوربا بالتوجه إلى فيينا بأقصى سرعة ممكنة، وكان قرة مصطفى قد وضع قوة عثمانية كبيرة يقودها أمير القرم مراد كراي عند جسر الدونة, وهنا حدث ما لم يكن في حسبان أحد لا من العثمانيين ولا من الأوربيين؛ إذ قام مراد كراي بخيانة عظمى للإسلام والمسلمين، وذلك بأنه سمح للأوربيين بالعبور من الجسر دون قتال، ثم حدثت خيانة عظمى أخرى من جانب أوغلو إبراهيم قائد ميمنة الجيش العثماني؛ إذ انسحب من القتال الذي اندلع بمنتهى العنف في 20 رمضان من هذه السنة، وكان لهذا الانسحاب الأثر الأكبر في هزيمة العثمانيين، وقد استطاع قرة مصطفى أن ينسحب بصورة منظمة من أرض المعركة بعد قتل 10 آلاف عثماني، وفي طريق العودة قام قرة مصطفى بإعدام كل من مراد كراي وأوغلو إبراهيم، ولكن لم يشفع ذلك له عند السلطان محمد الرابع الذي أمر بقتله, وتعدُّ هذه الهزيمة عند أسوار فيينا نقطةَ تحول فاصلة في التاريخ العثماني والأوروبي غيَّرَت مجرى التاريخ العالمي، واشتدت الحروب الصليبية على العثمانيين، وفقدت الجيوش العثمانية هيبتَها!!
تمكن الجيش البولوني وعدد من القوات من أوربا من الاستيلاء على قلعة "إستركون" التابعة للدولة العثمانية بعد 22 يومًا من الحصار. وكانت هذه القلعة من أهم القلاع العثمانية في أوربا، والتي استمرت سيطرة العثمانيين عليها 128 عامًا.
عندما حاول أمير ترانسلفانيا جورج راغوجي عدم الوفاء بالتزاماته المالية عزله العثمانيون وولوا مكانه ميخائيل أبافي، فكان هذا سببًا في قيام حرب تزعَّمها المجريون، ثم انضم لهم جماعة من الأوربيين في حرب صليبية كان العثمانيون لها بالمرصاد حتى وصلوا إلى حدود النمسا، ثم أحرز العثمانيون النصر عليهم، ثم حصلت حرب بين السويد وبولونيا (بولندا) فاستنجد ملك السويد بالعثمانيين على أن تصبح بولونيا تحت نفوذهم، فاتجه العثمانيون إلى بولونيا فقامت معارك ضارية فقد البولنديون فيها قلعة فامنج، حتى اضطر ميخائيل ملك بولونيا إلى عقد صلح مع العثمانيين تخلى بموجبه عن بودوليا وأوكرانيا، ثم عادت الحروب بينهم سِجالًا مرة أخرى، ولكن الأمر بقي لصالح العثمانيين؛ حيث عاد ملك بولندا للتخلي عن باقي أجزاء أوكرانيا وبودوليا للعثمانيين.