موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الثَّامِنُ: شُروطُ النَّسخِ


يُشتَرَطُ في النَّسخِ ما يَلي [121] يُنظر: ((المستصفى)) للغزالي (ص: 97)، ((التمهيد)) للكلوذاني (2/340)، ((ميزان الأصول)) لعلاء الدين السمرقندي (ص: 711)، ((نواسخ القرآن)) لابن الجوزي (1/135)، ((الإحكام)) للآمدي (3/114)، ((البحر المحيط)) للزركشي (5/216). :
الشَّرطُ الأوَّلُ: أن يَكونَ الحُكمُ في النَّاسِخِ والمَنسوخِ مُتَناقِضًا، بحَيثُ لا يُمكِنُ العَمَلُ بهما جَميعًا، فإن كان مُمكِنًا لم يَكُنْ أحَدُهما ناسِخًا للآخَرِ، وذلك يَكونُ على وجهَينِ:
الوجهُ الأوَّلُ: أن يَكونَ أحَدُ الحُكمَينِ مُتَناوِلًا لِما تَناولَه الثَّاني بدَليلِ العُمومِ، والآخَرُ مُتَناوِلًا لِما تَناولَه الأوَّلُ بدَليلِ الخُصوصِ، فالدَّليلُ الخاصُّ لا يوجِبُ نَسخَ دَليلِ العُمومِ.
الوجهُ الثَّاني: أن يَكونَ كُلُّ واحِدٍ مِنَ الحُكمَينِ ثابِتًا في حالٍ غَيرِ الحالةِ التي ثَبَتَ فيها الحُكمُ الآخَرُ، مِثلُ تَحريمِ المُطَلَّقةِ ثَلاثًا؛ فإنَّها مُحَرَّمةٌ على مُطلِّقِها في حالٍ، وهيَ ما دامَت خاليةً عن زَوجٍ، فإذا أصابَها زَوجُ ثانٍ ارتَفعَتِ الحالةُ الأولى وانقَضَت بارتِفاعِها مُدَّةُ التَّحريمِ، فشُرِعَت في حالةٍ أخرى حَصَلَ فيها حُكمُ الإباحةِ للزَّوجِ المُطَلِّقِ ثَلاثًا، فلا يَكونُ هذا ناسِخًا؛ لاختِلافِ حالةِ التَّحريمِ والتَّحليلِ.
الشَّرطُ الثَّاني: أن يَكونَ الخِطابُ النَّاسِخُ مُتَراخيًا، أي: أن يَكونَ الحُكمُ المَنسوخُ ثابِتًا قَبلَ ثُبوتِ حُكمِ النَّاسِخِ.
الشَّرطُ الثَّالِثُ: أن يَكونَ المَنسوخُ حُكمًا شَرعيًّا لا عَقليًّا أصليًّا، كالبَراءةِ الأصليَّةِ التي ارتَفعَت بإيجابِ العِباداتِ، أي: يَكونُ ثُبوتُه بخِطابِ الشَّرعِ، فأمَّا إن كان ثابِتًا بالعادةِ والعُرفِ لم يَكُنْ رافِعُه ناسِخًا، بَل يَكونُ ابتِداءَ شَرعٍ.
الشَّرطُ الرَّابِعُ: أن يَكونَ ثُبوتُ الحُكمِ النَّاسِخِ مَشروعًا كَثُبوت المَنسوخِ، فأمَّا ما ليس بمَشروعٍ بطَريقِ النَّقلِ، فلا يَجوزُ أن يَكونَ ناسِخًا للمَنقولِ.
الشَّرطُ الخامِسُ: أن يَكونَ الطَّريقُ الذي ثَبَتَ به النَّاسِخُ مِثلَ الطَّريقِ الذي ثَبَتَ به المَنسوخُ أو أقوى مِنه، فأمَّا إن كان دونَه فلا يَجوزُ أن يَكونَ الأضعَفُ ناسِخًا للأقوى.

انظر أيضا: