موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الثَّالِثُ: رَفعُ الخِلافِ بالتَّوفيقِ بَينَ الأدِلَّةِ


يَرتَفِعُ الخِلافُ بالتَّوفيقِ بَينَ الأدِلَّةِ، وإظهارِ أنَّ الاختِلافَ غَيرُ مَوجودٍ بَينَهما حَقيقةً [286] يُنظَر: ((التعارض والترجيح بين الأدلة)) للبرزنجي (1/ 212)، ((رفع الخلاف)) للعجاجي (ص: 55). .
فإذا أمكَنَ الجَمعُ فلا تَعارُضَ؛ كالعامِّ مَعَ الخاصِّ، والمُطلَقِ مَعَ المُقَيَّدِ، وأشباهِ ذلك [287] يُنظَر: ((الموافقات)) للشاطبي (5/ 342)، ((التحبير)) للمرداوي (8/ 3959). .
وذلك لأنَّه يَجِبُ العَمَلُ بالأدِلَّةِ كُلِّها، والامتِثالُ لها ما أمكَنَ، ووجهُ ذلك كَما ذَكَرَ ابنُ حَزمٍ: (إذا تَعارَضَ الحَديثانِ أوِ الآيَتانِ أوِ الآيةُ والحَديثُ فيما يَظُنُّ مَن لا يَعلَمُ؛ ففَرضٌ على كُلِّ مُسلِمٍ استِعمالُ كُلِّ ذلك؛ لأنَّه ليسَ بَعضُ ذلك أَولى بالاستِعمالِ مِن بَعضٍ، ولا حَديثٌ بأوجَبَ من حديثٍ آخَرَ مِثلِه، ولا آيةٌ أَولى بالطَّاعةِ لها مِن آيةٍ أخرى مِثلِها، وكُلٌّ مِن عِندِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وكُلٌّ سَواءٌ في بابِ وُجوبِ الطَّاعةِ والاستِعمالِ، ولا فَرقَ) [288] (الإحكام)) (2/21). .
وأيضًا؛ فإنَّ الشَّريعةَ كُلَّها تَرجِعُ إلى قَولٍ واحِدٍ في فُروعِها وإن كَثُرَ الخِلافُ، كَما أنَّها في أصولِها كذلك، كَما قال اللهُ تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا [النساء: 82] فنَفى أن يَقَعَ فيه الاختِلافُ البَتَّةَ، ولو كان فيه ما يَقتَضي قَولَينِ مُختَلِفَينِ لم يَصدُقْ عليه هذا الكَلامُ على حالٍ، والآياتُ في ذَمِّ الاختِلافِ والأمرِ بالرُّجوعِ إلى الشَّريعةِ كَثيرةٌ، كُلُّها قاطِعٌ في أنَّها لا اختِلافَ فيها [289] يُنظر: ((توجيه النظر)) للجزائري (1/ 525). .

انظر أيضا: