موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الأوَّلُ: عَدَمُ وُجودِ الدَّليلِ أو ظُهورِه


مِن أسبابِ اختِلافِ المُجتَهِدينَ البارِزةِ: عَدَمُ وُجودِ نَصٍّ في المَسألةِ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ، فبَعدَ وفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَدَثَت مَسائِلُ لم يَرِدْ فيها نَصٌّ في الكِتابِ أوِ السُّنَّةِ، فيَجتَهدُ المُجتَهِدونَ كُلٌّ حَسَبَ ما يَؤولُ إليه اجتِهادُه، فيَقَعُ الاختِلافُ [291] يُنظر: ((أثر الاختلاف في القواعد الأصولية)) للخن (ص: 110)، ((أسباب اختلاف الفقهاء)) لمها الشاطر (ص: 633). .
قال البَطَلْيَوسيُّ في الخِلافِ العارِضِ مِن قِبَلِ الاجتِهادِ والقياسِ: (هذا النَّوعُ إنَّما يَكونُ فيما يُعدَمُ فيه وُجودُ نَصٍّ مِن قُرآنٍ أو حَديثٍ، فيَفرُغُ الفقيهُ عِندَ ذلك إلى استِعمالِ القياسِ والنَّظَرِ) [292] ((التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين)) (ص: 191، 193). .
ومِن أمثِلةِ ذلك: ما وقَعَ في زَمَنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه، قال ابنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما: إنَّ غُلامًا قُتِلَ غِيلةً، فقال عُمَرُ: (لوِ اشتَرَكَ فيها أهلُ صَنعاءَ لقَتَلَتُهم!) [293] أخرجه البخاري (6896). ، وقال مُغيرةُ بنُ حَكيمٍ، عن أبيه: إنَّ أربَعةً قَتَلوا صَبيًّا، فقال عُمَرُ مِثلَه [294] أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجَزم بَعدَ حَديثِ (6896) واللَّفظُ له، وأخرجه موصولًا البَيهَقيُّ (16070). جوَّد إسنادَه ابنُ الملقن في ((البدر المنير)) (8/405).
فإنَّه لم يَصِلْ نَصٌّ أنَّه قد حَدَثَ في زَمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ قَتَلَ جَماعةٌ واحدًا، وأنَّه كان للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك قَضاءٌ، فكانت هذه الحادِثةُ مَثارًا لاختِلافِ الآراءِ في حُكمِها [295] يُنظر: ((أثر الاختلاف في القواعد الأصولية)) للخن (ص: 116). .

انظر أيضا: