موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الأولى: تَعريفُ المانِعِ


أوَّلًا: تعريفُ المانعِ لُغةً
المانِعُ لُغةً: مِنَ المَنعِ، وهو الحائِلُ بينَ الشَّيئينِ، يُقالُ: مَنَعتُه الأمرَ ومِنَ الأمرِ، مَنعًا، فهو مَمنوعٌ مِنه: مَحرومٌ، والفاعِلُ مانِعٌ. ويُقالُ: رَجُلٌ مَنيعٌ: لا يُخلَصُ إليه، وفُلانٌ في عِزٍّ ومَنَعةٍ، والمَنعُ ضِدُّ الإعطاءِ [935] يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (3/14)، ((مختار الصحاح)) للرازي (ص:299)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/ 580). .
ثانيًا: تعريفُ المانعِ اصطِلاحًا
المانِعُ في الاصطِلاحِ هو: ما يَلزَمُ مِن وُجودِه العَدَمُ، ولا يَلزَمُ مِن عَدَمِه وُجودٌ ولا عَدَمٌ لذاتِه [936] يُنظر: ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص:82)، ((التحبير)) للمرداوي (3/1072). .
وقيلَ في تَعريفِه أيضًا: هو: كُلُّ وَصفٍ وُجوديٍّ ظاهِرٍ مُنضَبِطٍ، مُستَلزِمٍ لحِكمةٍ مُقتَضاها بَقاءُ نَقيضِ حُكمِ السَّبَبِ مَعَ بَقاءِ حِكمةِ السَّبَبِ [937] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (1/130). .
وقيلَ هو: الوصفُ الوُجوديُّ، الظَّاهِرُ، المُنضَبِطُ، المُعَرِّفُ نَقيضَ الحُكمِ [938] يُنظر: ((جمع الجوامع)) للسبكي ضمن ((شرح المحلي)) (1/103). .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ وبيانُ مُحتَرَزاتِه:
- جُملةُ: "ما يَلزَمُ مِن وُجودِه العَدَمُ": احتِرازٌ مِنَ السَّبَبِ؛ إذ يَلزَمُ مِن وُجودِه الوُجودُ، ومِنَ الشَّرطِ أيضًا؛ لأنَّ الشَّرطَ لا يَلزَمُ مِن وُجودِه وُجودٌ ولا عَدَمٌ [939] يُنظر: ((رفع النقاب)) للشوشاوي (2/100). .
- جُملةُ: "ولا يَلزَمُ مِن عَدَمِه وُجودٌ ولا عَدَمٌ": احتِرازٌ مِنَ الشَّرطِ؛ إذ يَلزَمُ مِن عَدَمِه العَدَمُ، ومِنَ السَّبَبِ؛ لأنَّ السَّبَبَ يَلزَمُ مِن عَدَمِه العَدَمُ [940] يُنظر: ((رفع النقاب)) للشوشاوي (2/100). .
- كَلِمةُ: "لذاتِه": احتِرازٌ مِن مُقارَنةِ عَدَمِ المانِعِ لوُجودِ السَّبَبِ؛ فإنَّه يَلزَمُ الوُجودُ لا لذاتِ عَدَمِ المانِعِ، بَل لوُجودِ السَّبَبِ، كالأبِ القاتِلِ لابنِه، إذا ارتَدَّ زَمَنَ قَتلِه وَلَدَه فإنَّه يُقتَلُ بالرِّدَّةِ، وإن لَم يُقتَلْ قِصاصًا؛ لأنَّ المانِعَ إنَّما هو لأحَدِ السَّبَبَينِ [941] يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (1/463)، ((التحبير)) للمرداوي (3/1072). .
ومِن أمثِلةِ المانِعِ:
القَتلُ العَمدُ العُدوانُ مانِعٌ مِنَ الميراثِ، والأُبُوَّةُ مانِعةٌ مِنَ القِصاصِ فيما إذا قَتَلَ الأصلُ الفرعَ؛ فإنَّ الحُكمَ وهو القِصاصُ مُنتَفٍ مَعَ وُجودِ مُقتَضيه، وهو الجِنايةُ المَذكورةُ، لَكِن لمانِعِ الأصالةِ؛ لأنَّ الأصالةَ وَصفٌ وُجوديٌّ ظاهرٌ مُنضَبِطٌ مُشتَمِلٌ على حِكمةِ تَنافي حُكمِ القِصاصِ، والحِكمةُ هي كونُ الأصلِ سَبَبًا في وُجودِ الفَرعِ، فلا يَنبَغي أن يَكونَ الفَرعُ سَبَبًا في إعدامِه [942] يُنظر: ((الفوائد السنية)) للبرماوي (1/260). .

انظر أيضا: