موسوعة أصول الفقه

المَطلبُ السَّادِسُ: نَقلُ الإجماعِ


إذا انعَقدَ الإجماعُ في عَصرٍ مِن العُصورِ على مَسألةٍ مِن المَسائِلِ فقد يُنقَلُ إلى مَن بَعدَهم بطَريقِ التَّواتُرِ أو الآحادِ.
أمَّا الأوَّلُ -وهو نَقلُه بطَريقِ التَّواتُرِ- فجائِزٌ ومُمكِنٌ، ومَنعُه مُكابَرةٌ لِما هو مَعهودٌ في مَجاري العاداتِ ضَرورةً وبَديهةً؛ فإنَّا قد رَأينا تَواصُلَ الأخبارِ على امتِدادِ العُصورِ مِن أقصى البلادِ باتِّحادِ أقوالِ العُلماءِ في مَسائِلَ كثيرةٍ، كاتِّفاقِهم على عَدَدِ الصَّلواتِ وعَدَدِ الرَّكَعاتِ فيها، والكَثيرِ مِن أحكامِها، ونَقل ذلك أهلُ كُلِّ عَصرٍ عَمَّن قَبلَهم [747] يُنظر: ((التلخيص)) للجويني (3/10)، ((التمهيد)) للكلوذاني (3/322)، ((بديع النظام)) لابن الساعاتي (1/258). .
أمَّا الثَّاني -وهو نَقلُه بطَريقِ الآحادِ وجَوازُ ثُبوتِه بذلك- فهو اختيارُ كثيرٍ مِن الأُصوليِّينَ، مِنهم السَّرَخسيُّ [748] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (1/302). ، وأبو الحُسَينِ البَصريُّ [749] يُنظر: ((المعتمد)) (2/67). ، وآخَرونَ [750] يُنظر: ((التحقيق والبيان)) للأبياري (2/882)، ((الإحكام)) للآمدي (1/281)، ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص:332)، ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (3/128)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (3/265). .
واستَدَلُّوا على ذلك بالقياسِ على حَديثِ الآحادِ، وبَيانُه أنَّ الإجماعَ حُجَّةٌ، وقَولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُجَّةٌ، فإذا لَزِمَنا قَولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَنقولُ بطَريقِ الآحادِ، فكذلك يَلزَمُنا اتِّفاقُ العُلماءِ حينَما يُنقَلُ مِن جِهةِ الآحادِ [751] يُنظر: ((المعتمد)) لأبي الحسين البصري (2/67)، ((التمهيد)) للكلوذاني (3/322)، ((الإحكام)) للآمدي (1/281)، ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (3/129)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (3/265). .

انظر أيضا: