موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الأولى: كَونُ مُستَنَدِ الإجماعِ دَليلًا قَطعيًّا


يَجوزُ أن يَكونَ مُستَنَدُ الإجماعِ دَليلًا قَطعيًّا، وهو اختيارُ جُمهورِ الأُصوليِّينَ [873] ينظر: ((ميزان الأصول)) للسمرقندي (ص: 523)، ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (3/263). ، ومِنهم السَّرَخسيُّ [874] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (1/300، 301). ، وعَلاءُ الدِّينِ البُخاريِّ [875] يُنظر: ((كشف الأسرار)) (3/263). ، وابنِ السُّبكيِّ [876] يُنظر: ((الإبهاج)) (5/2140). .
والدَّليلُ على صِحَّتِه: أنَّ مَبنى الإجماعِ على الاتِّفاقِ، والاتِّفاقُ على القَطعيِّ أقرَبُ مِن الاتِّفاقِ على الظَّنِّيِّ [877] يُنظر: ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (3/265). .
وفائِدةُ الإجماعِ حينَما يَكونُ مُستَنَدُه قَطعيًّا هو نَفيُ تَوهُّمِ النَّسخِ أو التَّخصيصِ؛ لأنَّ الدَّليلَ وإن كان قَطعيًّا قد يَرِدُ عليه النَّسخُ أو التَّخصيصُ، فيَكونُ الإجماعُ عليه دافِعًا للنَّسخِ والتَّخصيصِ، ومُؤَكِّدًا للحُكمِ [878] يُنظر: ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (3/265). .
ومِثالُه: الإجماعُ على تَحريمِ نِكاحِ الأُمَّهاتِ فإنَّ مُستَنَدَه دَليلٌ قَطعيٌّ [879] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (1/300). ، وهو قَولُ اللهِ تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء: 23] .
قال ابنُ القَطَّانِ: (اتَّفَقوا أنَّ نِكاحَ الأُمِّ وأُمَّهاتِها وجَدَّاتِها، وجَدَّاتِ آبائِها وجَدَّاتِ أُمَّهاتِها... فإنَّ نِكاحَ كُلِّ ما ذَكَرْنا مَفسوخٌ أبَدًا، وكذلك وَطؤُهنَّ بمِلكِ اليَمينِ) [880] يُنظر: ((الإقناع)) (2/13). .
وقيل: لا يَنعَقِدُ الإجماعُ عن مُستَنَدٍ قَطعيٍّ للاستِغناءِ بالقَطعيِّ عن الإجماعِ، ونَسَبه السَّمَرقَنديُّ لبَعضِ مَشايِخِ الحَنَفيَّةِ [881] قال عَلاءُ الدِّينِ السَّمَرقَنديُّ: (قال بَعضُ مَشايِخِنا: بأنَّ الإجماعَ لا يَنعَقِدُ إلَّا عن خَبَرِ الواحِدِ والقياسِ. فأمَّا في مَوضِعِ الكِتابِ والخَبَرِ المُتَواتِرِ: الحُكمُ ثابتٌ بهما، فلا حاجةَ إلى الإجماعِ). ((ميزان الأصول)) (ص: 524). .

انظر أيضا: