موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّاني: تَعريفُ القياسِ اصطِلاحًا


اختَلف الأُصوليُّونَ في تَعريفِ القياسِ، فمَن ذَهَبَ إلى أنَّ القياسَ دَليلٌ مُستَقِلٌّ: عَبَّرَ عنه بأنَّه مُساواةٌ، ونَحوُ ذلك، والمُساواةُ صِفةٌ قائِمةٌ بالأصلِ والفَرعِ، وهذا مَعناه أنَّ القياسَ ليسَ فِعلًا للمُجتَهِدِ. وإنَّما هو دَليلٌ شَرعيٌّ قائِمٌ بذاتِه كالكِتابِ والسُّنَّةِ، سَواءٌ نَظَرَ فيه المُجتَهِدُ أم لم يَنظُرْ فيه.
ومِن ذلك تَعريفُ الآمِديِّ له بأنَّه: (عِبارةٌ عن الاستِواءِ بَينَ الفرعِ والأصلِ في العِلَّةِ المُستَنبَطةِ مِن حُكمِ الأصلِ) [1066] ((الإحكام)) (3/190). .
ومَن ذَهَبَ إلى أنَّه مِن عَمَلِ المُجتَهدِ: عَبَّرَ عنه بأنَّه حَملٌ، أو إثباتٌ، أو تَعديةٌ، ونَحوُها؛ مِمَّا يَدُلُّ على أنَّه لا قياسَ إلَّا إذا وُجِدَ المُجتَهِدُ. وهذا مَعناه أنَّ القياسَ مِن عَمَلِ المُجتَهِدِ، فوُجودُه تابعٌ لوُجودِ المُجتَهِدِ ونَظَرِه.
ومِن ذلك تَعريفُ الباقِلَّانيِّ: أنَّه (حَملُ مَعلومٍ على مَعلومٍ في إثباتِ حُكمٍ لهما أو نَفيِه عنهما، بأمرٍ يَجمَعُ بَينَهما مِن إثباتِ حُكمٍ أو صِفةٍ، أو نَفيِهما) [1067] ((البرهان)) لإمام الحرمين (2/5)، ((المحصول)) للرازي (5/5). .
ومِن ذلك تَعريفُ الرَّازيِّ بأنَّه: (إثباتُ مِثلِ حُكمٍ مَعلومٍ لمَعلومٍ آخَرَ لأجلِ اشتِباهِهما في عِلَّةِ الحُكمِ عِندَ المُثبِتِ) [1068] ((المحصول)) (5/11). .
وهذا الإطلاقُ الأخيرُ هو المَقصودُ هنا.

انظر أيضا: