موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الأوَّلُ: الأصلُ


الأصلُ هنا هو: مَحَلُّ الحُكمِ المُشَبَّهِ به. وهذا هو المُرادُ به عِندَ أكثَرِ الأُصوليِّينَ والفُقَهاءِ [1100] يُنظر: ((مختصر منتهى السول والأمل)) لابن الحاجب (2/1031)، ((رفع الحاجب)) لابن السبكي (4/156)، ((التحبير)) للمرداوي (7/3138). .
قال الباجيُّ: (الأصلُ عِندَ الفُقَهاءِ: ما قيسَ عليه الفَرعُ بعِلَّةٍ مُستَنبَطةٍ مِنه.
ومَعنى ذلك: أنَّ ما ثَبَتَ فيه الحُكمُ باتِّفاقٍ هو أصلٌ لِما اختُلف في ثُبوتِه فيه وانتِفائِه عنه.
وذلك مِثلُ قَولِنا: النَّبيذُ المُسكِرُ حَرامٌ؛ لأنَّه شَرابٌ يَدعو كثيرُه إلى الفُجورِ، فوجَبَ أن يَكونَ قَليلُه حَرامًا. أصلُ ذلك الخَمرُ. فقُلنا: إنَّ الخَمرَ أصلُ هذا القياسِ؛ للاتِّفاقِ على ثُبوتِ هذا الحُكمِ لها، وقُلنا: إنَّ النَّبيذَ المُسكِرَ فرعٌ؛ لأنَّه مُختَلَفٌ فيه، ونُريدُ بهذا القياسِ أن نَتَوصَّلَ إلى إثباتِ حُكمِه. فلمَّا كان التَّحريمُ ثابتًا في الخَمرِ بأنَّ كثيرَها يَدعو إلى الفُجورِ، وهو مَعنى قَولِه تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: 91] كانت الخَمرُ مُحَرَّمةً لهذا المَعنى. ولمَّا كان المَعنى مَوجودًا في النَّبيذِ المُسكِرِ، واختَلف العُلماءُ في حُكمِه، كان فرعًا وجَبَ إلحاقُه به) [1101] ((الحدود)) (ص: 121). .
وذَكَر بَعضُ الأُصوليِّينَ للأصلِ مَعاني أُخرى:
فقيل: هو حُكمُ المَحَلِّ المُشَبَّهِ به، فحُرمةُ الخَمرِ هيَ الأصلُ [1102] يُنظر: ((الوصول إلى الأصول)) لابن برهان (2/226)، ((المحصول)) للرازي (5/17). .
وقيل: يُطلقُ الأصلُ على جَميعِ المَعاني: مَحَلِّ الحُكمِ المُشَبَّهِ به، ودَليلِه، وحُكمِه [1103] يُنظر: ((المختصر)) لابن اللحام (ص: 142). .
والخِلافُ في هذه المَسألةِ لفظيٌّ لا تَتَرَتَّبُ عليه ثَمَرةٌ [1104] يُنظر: ((الوصول إلى الأصول)) لابن برهان (2/226)، ((شرح المعالم)) لابن التلمساني (2/254). .

انظر أيضا: