موسوعة أصول الفقه

المسألةُ الأولى: تعريفُ الحُكمِ لغةً


الحُكمُ في اللُّغةِ: المَنعُ، ومِنه الحُكمُ بمَعنى المَنعِ مِنَ الظُّلمِ، وقيلَ للحاكِمِ بينَ النَّاسِ: حاكِمٌ؛ لأنَّه يَمنَعُ الظَّالمَ مِنَ الظُّلمِ. ويُقالُ: حَكَمتُ السَّفيهَ وأحكمْتُه: إذا أخَذتَ على يَديه، ويُقالُ: حَكَّمتُ الرَّجُلَ تَحكيمًا: إذا مَنَعتَه مِمَّا أرادَ، وحَكَمتُ عليه بكذا: إذا مَنَعتَه مِن خِلافِه فلَم يَقدِرْ على الخُروجِ مِن ذلك، وسُمِّيت الحِكمةُ بذلك؛ لأنَّها تَمنَعُ مِنَ الجَهلِ، والحَكَمةُ للدَّابَّةِ، هي ما أحاطَ بحَنَكَيها مِنَ اللِّجامِ، وسُمِّيت بذلك لأنَّها تَمنَعُها مِنَ الجِماحِ والشُّرودِ [1] يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (4/ 69)، ((الصحاح)) للجوهري (5/ 1902)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/ 91)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/ 145). .
وقال الطُّوفيُّ مُبيِّنًا وَجهَ تَسميةِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ التَّكليفيَّةِ أحكامًا، وصِلَتِها بأصلِ المَعنى اللُّغَويِّ للحُكمِ، وهو المَنعُ: (سُمِّيَت هذه المَعاني، نَحوُ: الوُجوبِ والحَظرِ وغيرِهما، أحكامًا؛ لأنَّ مَعنى المَنعِ مَوجودٌ فيها؛ إذ حَقيقةُ الوُجوبِ مُرَكَّبةٌ مِنِ استِدعاءِ الفِعل والمَنعِ مِنَ التَّركِ، والحَظرُ مُرَكَّبٌ مِنِ استِدعاءِ التَّركِ والمَنعِ مِنَ الفِعل.
أمَّا النَّدبُ والكراهةُ فمَعنى المَنعِ فيهما مَوجودٌ، لَكِنَّه أضعَفُ مِنه في الوُجوبِ والحَظرِ...
أمَّا النَّدبُ فهو مَمنوعٌ مِن تَركِه بالإضافةِ إلى طَلَبِ ثَوابِه المُرَتَّبِ عليه؛ إذ ليس ثَوابُ مَن تَرَك المَندوباتِ كثَوابِ مَن فعَلَها وحافظَ عليها... والإجماعُ على هذا... وإذا ثَبَتَ مَعنى المَنعِ في فِعلِ المَندوبِ فافهَمْ مِثلَه في تَركِ المَكروهِ؛ لأنَّهما مُتَقابِلانِ وسيَّانِ في الوزنِ...) [2] ((شرح مختصر الروضة)) (1/ 248- 249). .

انظر أيضا: